في خضمّ الحملة الأوروبية ضد مصالح المملكة، تظل مدريد الشريك الاستراتيجي الأول للرباط في الفترة الراهنة، بعد اختيار إسبانيا رفض إدانة المغرب داخل البرلمان الأوروبي، واستمرار باريس في تهميش الرباط والانفتاح أكثر على الجزائر.
ويؤشر معطى رفض نواب برلمانيين إسبان المصادقة على قرار غير ملزم يقضي بإدانة المملكة من قبل البرلمان الأوروبي، على دخول البلدين عهدا جديدا من التقارب الدبلوماسي، خاصة مع اقتراب عقد القمة الإسبانية المغربية في الفاتح من الشهر المقبل.
ومن المتوقع أن يتم التوقيع خلال هذه القمة على عدد من الاتفاقيات في مجالات التعليم والتدريب المهني والاقتصاد والزراعة، إذ سيحضر ما بين 8 إلى 10 أعضاء من الحكومة الإسبانية، بالإضافة إلى رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، كما أن هناك منتدى يجمع رجال الأعمال من البلدين.
وتبلغ التجارة بين البلدين اليوم أكثر من 10 مليارات يورو، بزيادة أكثر من 30٪ مقارنة بالسنوات الأخيرة. وهذا يجعل المغرب الشريك التجاري الرئيسي لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي، تليها الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى.
وأشاد الملك فيليبي السادس، عاهل المملكة الإسبانية، بمستوى الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وإسبانيا في الأشهر المنصرمة، على ضوء العلاقات المتميزة في كل المجالات منذ توقيع خارطة الطريق بالقصر الملكي بالرباط بعد نهاية الأزمة الدبلوماسية التي دامت سنة ونصف سنة.
الأستاذ الجامعي المتخصص في العلاقات الدولية عبد النبي صبري قال: “تاريخيا، العلاقات بين البلدين هي علاقات مرتبطة بالجوار، وتدبير جوار صعب يتطلب حنكة دبلوماسية وفهم مدركات المحيط الإقليمي وتفاعلاته”، مبرزا أن “الدول لا تختار جيرانها، والجار هو قدر يجب أن تدبر معه العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف على ضوء الاتفاقيات الدولية”.
وأضاف أستاذ العلاقات الدولية، في تصريح لهسبريس، أن “العاهل الإسباني شدد في كلمته الأخيرة على أن هناك علاقات جديدة مع الرباط وآفاق تعاون جديدة”، موردا أن الاستثمارات الإسبانية في المغرب تجاوزت ستة مليارات يورو، وهو ما يجعلها الشريك التجاري الأول للرباط، مزيحة بذلك فرنسا ودولا أخرى.
وتابع بأن هناك مواضيع شائكة فوق طاولة القمة المرتقبة، من بينها موضوع الهجرة الذي يحتاج إلى تدبير دبلوماسي حكيم ومتوازن يجمع بين المقاربة الأمنية والإنسانية والتنموية.
وأشار إلى أنه “في بعض الأحيان يكون هناك سوء فهم بين البلدين، لكن مدريد فهمت أن هذا الموضوع لا يحتاج فقط إلى مقاربة أمنية، بل إلى إدماج المقاربة التنموية”، كما وقف على التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب والمافيات التي تتاجر في مآسي الناس والربط الجوي والبحري بين البلدين.
وضمن المستوى نفسه، يضيف المحلل ذاته، فإن “الدعم الإسباني والألماني لمغربية صحراء جعل من البلدين شريكين أساسيين للرباط، كما أنه على مستوى البرلمان الأوروبي، كان موقف مدريد متزنا وفيه نوع من الحكمة ولم يأخذ بعين الاعتبار التقارير المضللة”.
وختم صبري تصريحه قائلا: “لا يمكن لمؤسسة جهوية سياسية تابعة لمنظمة اندماجية أن تناقش سيادة المملكة، هذا فيه ضبابية، وهو أمر غير مفهوم، لا سيما في ظل مناورات سياسية تقودها دول معروفة بحقدها على المغرب”.
المصدر: وكالات