علاقات و مجتمع
وجوه ضاحكة وأيادي صغيرة تحمل الكتب، تجلس جنبا إلى جنب على مقاعد خشبية داخل غرفة، يقرأون ويضحكون ويتشاركون الأحاديث، يرسمون ويلونون، داخل أحد المراكز في مركز بقرية «جروان» التابعة لمركز «الباجور» بمحافظة المنوفية، تتوسطهم شابة من أبناء قريتهم، كانت السبب الرئيسي في هذه البهجة من خلال دعوة أهالي القرية لبناء متنفس ثقافي لأطفالهم وذويهم، تتولي مسؤوليته.
آيات عبد الدايم، ابنه القرية وصاحبة فكرة إنشاء المركز تقول في حديثها للوطن، «منذ الصغر لم يوجد في القرية أي وسائل ترفيهية، ففكرت لماذا لم يتم فتح مركز للأطفال لكسر الدايرة المغلقة، وخلق فرصة لهم للقراءة والكتابة والرسم، وومارسة كل الأنشطة التي تنمي موهبتهم الثقافية، وخلق فرص لهم لاختيار ما يريدون ويكون لهم صوت».
تخرجت آيات في كلية الآداب قسم لغة ألمانية في جامعة المنوفية، وأكملت دراستها العليا وحصلت على دبلومة التنمية الثقافية من جامعة القاهرة، بالإضافة إلى دبلومة توثيق التراث، فكثيرًا ما كان يشغلها المسار الأكاديمي المرتبط بالتنمية الثقافية وتوثيق التراث.
الثقافة هي الركيزة الأساسية للمجتمع
وحول أسباب تفكيرها في تدشين هذا المركز، أوضحت أنها كانت تحلم به منذ الصغر، فبرغم وجود الإنترنت ما زالت الاختيارات محدودة ولا يوجد بديل لأن هذه الخدمات مرتبطة بالوضع الاقتصادي للأسر، ففكرت في خلق بديل للشباب والأطفال، واستطردت قائلة «فكرت في وجود مكتبة تقدم لهم أنشطة متعددة، إيمانًا بأن للثقافة والإطلاع أولوية، وأنه يجب غرسها في الأطفال منذ الصغر، وسارعت لإقامة مركز يوفر الكتب للإطلاع والاستعارة مجانا، بالإضافة إلى بعض الأنشطة الثقافية والفنية المختلفة»، فالثقافة هي الركيزة التي تكون نظرة البني آدم وتشكل وعيه.
تمويل المشروع ذاتي وبمساعدة أهالي القرية
اعتمدت «آيات» بشكل أساسي في تمويل المشروع على حصالات أولاد اخواتها، بالإضافة إلى بعض الناس في القرية اللذين تبرعوا بالمكان، وحصلت على التصاريح وبالفعل ساعدها الجميع، وفتحت المركز وعملت على ترتيب الكتب، وافتتحت المركز بمساعدة عائلات القرية في احتفال كبير للأطفال، واستكملت حديثها قائلة «المكتبة جعلتني أحقق هدف بداخلي، والمشروع أرتبط نفسيًا بالناس، فالثقافة دومًا تستحق الإنفاق، ولاقى المشروع إقبال الكثير من الأطفال، وحسب أخر إحصائية للاستعارة كانت 1250 كتاب، وهذا فرق معي معنويًا ونفسيًا فشعرت أن الأمل الذي أحققه صادق».
«آيات» تطالب دور النشر بإمدادها بالكتب
طلب وحيد تتمنى آيات تحقيقه، وهي مساعدة دور النشر لها وإمدادها بالكتب، كما تأمل في تخصيص لمحو الأمية بداخل المركز، وعبرت عن أمنيتها، «قريتي متعاونة وداعمة، وأريد أن يوجد في كل قرية في مصر مركز ثقافي خاصًة الأماكن المحرومة ثقافيًا، وأن يظل كل من له حلم مؤمن بأهمية ما يريده، ربنا يكلل جهود وأمل الجميع بالتوفيق والنجاح».