مرتديا ملابس الإحرام البيضاء وعلى ظهره القوي يحمل أباه العجوز الضعيف، يطوف حول الكعبة الشريفة باكيا والمطر يتساقط كحبات اللؤلؤ فوق جبينه وكأنها إشارة على أن الله غسله من ذنوبه وهو في أطهر بقاع الأرض كما غسل الماء أستار البيت المعمور.. مشهد لم يتخطَ ثواني معدودة ولكن كاميرا المصور الشاب «بدر العتيبي» جعلته صورا من وحي الصدفة تحولت إلى أيقونة تدور ليراها كل العالم.
الصدفة وحدها هي صاحبة الفضل الأكبر في هذه الصور المنتشرة في وسائل التواصل بكل الدنيا، مصورها «بدر العتيبي» لما غادر منزله متجها إلى المطاف لم يكن ينوي أبدا إلا أن يوثق لحظات تساقط المطر في البيت العتيق، ولكن القدر منحه مكافأة لا تُقدر بثمن كما يصف لـ«الوطن» الكواليس.
ابن يحمل والده المسن ويطوف الكعبة باكيا.. صورة هزت الـ«سوشيال ميديا»
صوت البكاء يجذب أسماع «بدر العتيبي»
غرض الشاب المكي «بدر العتيبي» تغير في لحظة عندما وصل إلى المطاف، فهو لم يذهب ليصور المعتمرين أو ليحصل على هذا المشهد بعينه «في الواقع نزولي للمطاف غرضه كان تصوير الأمطار في ذات اليوم الجمعة»، ولكن لما وصل إلى أطهر بقاع الأرض، وجد مشهدا لم يتوقع أن يراه وقتها هناك.
«أثناء التصوير سمعت صوت بكاء من خلفي، وإذا بهذا المشهد الذي نقلتهُ لكم، الابن يحمل أباه وجميعهم يبكون ويطوفون حول الكعبة الشريفة»، عظمة المشهد توغلت في قلب «بدر» الذي حوَّل عدسة الكاميرا تلقائيا ليلتقط المشهد ويوثقه بمجموعة صور صارت تهز قلوب كل من يراها من شرق الأرض إلى مغربها.
سر بكاء بطل الصورة ومن حوله في الحرم
لم يعرف «بدر» الرجل الذي صوره أو أباه، كل ما وصل لذهنه أنه من شعوب وسط آسيا، وبكاؤه كان من هول منظر تساقط الأمطار وأن العمرة تيسرت لهما بعد بلوغ هذا العمر «لا أعرف هذا الرجل على الإطلاق، كل ما حدث كان صدفة، رأيته تلك المرة في الحرم ولا أعلم عنه شيئا على الإطلاق».
توقعات «العتيبي» للقطات التي أخذها كانت بالطبع أنها ستلاقي رواجاً، ومع ذلك فاق الأمر خياله «لم أتوقع هذا الصدى الواسع»، وحقق له الهدف العظيم الذي قفز في ذهنه لما فكر يلتقط المشهد «مثل هذهِ الصور تحمل رسالة عظيمة وهي بر الوالدين وهي أيضا توضيح للصورة الصحيحة لغير المسلمين، الإسلام يُعنى بالأسرة أشد اعتناء».