“لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك”و”ما هكذا تورد الإبل” يا وزير العدل”؛ من بين أمثال “راقية” باللغة العربية قد تنطبق على خرجتك الكارثية التي أحزنت بها قلوب المغاربة بعد أن انتشوا فرحا وسعادة طيلة أسابيع مع “مونديال كرة القدم”.
أما إذا أردت السيد الوزير عبد اللطيف وهبي مثلا شعبيا يستعمله “أصحاب القهوة” (وفق تعبيرك)، فإنك “جيتي تكحلها ونتا تعورها، بل عميتيها” بالفعل.
وأما اعتذارك بأن سياق الحديث تم فهمه خطأ، أو أنك تعرضت للاستفزاز، فأخشى صادقا أن يكون عذرا “أقبح من زلتك” يا معالي الوزير، فما عليك سوى التواري قليلا أو ربما كثيرا حتى تهدأ العاصفة، إذا هدأت.
لنأخذ التصريح الكارثي لوزير العدل ــ الذي سمى نفسه في مرور تلفزيوني (رآه البعض ظهورا إعلاميا مخدوما) بأنه “رجل دولة” (كذا والله) ــ نقطة نقطة وفاصلة فاصلة،لنميز الغث من السمين، ونكشف عن الكم الهائل من الحب الذي يكنه الوزير لطبقة الفقراء المغاربة، ومن تقدير هذا المسؤول الحكومي اللا متناهي للتعليم العمومي المجاني.
الوزير يكره المقهى
لا نرغب في محاكمة وهبي وفق علم النفس، أو حسب تعريف فرويد لزلات اللسان (خطأ في الكلام أو الذاكرة يحدث نتيجة تداخل رغبات وأفكار مكبوتة في اللاوعي في العقل الباطن)، فهذا “وسام نفسي” لا يستحقه الوزير.
ولكن وزير الدل يبدو أنه لم يكن عادلا البتة وهو ينتقص من المقهى بقوله “هاذيك هضرة القهوة”، في إشارة إلى ما تم تداوله بخصوص مباراة المحاماة التي تحولت إلى شلال من المحاباة، ونجاح نجله “السعيد بأبيه”.
أوَ نسي المسؤول الحكومي أن المقهى فضاء يرتاده المغاربة بجميع فئاتهم وأشكالهم ومستوياتهم، متعلمين وغير متعلمين، فقراء وأثرياء؟
أليس المقهى فضاء يساهم في رواج الاقتصاد الوطني؟ أليس المقهى مكانا قد تنعقد فيه الصفقات وتتم فيه الاتفاقيات؟ بل ألم يكتب المبدعون والمفكرون أعظم إبداعاتهم أحيانا على كراسي المقاهي؟
فلم التحقير من “هضرة القهاوي”؟ أو لم تستطع ــ السيد الوزير ــ تسمية هضرة القهاوي بمواقع التواصل الاجتماعي؟ هل هي زلة أخرى مقصودة أم إنه الخوف من “مشنقة افتراضية” قد تفضي بك إلى خارج الحكومة؟
الوزير “الفواح”
لا أفهم إلى حدود اللحظة كيف لم يرف جفن لوزير العدل، الذي من المفترض أن يكون رجل دولة “حقيقيا” وأن يزن كلماته جيدا قبل النطق بها أمام المغاربة، وهويفتخر بأمواله وثروته؟ غريب حقا (باه عندو الفلوس خلص عليه وقراه في الخارج) ياك أنعاماس؟
وبهذا المفهوم، السيد الوزير الأمين العام لأحد أكبر الأحزاب السياسية في البلاد يتعمد “التفاخر” بماله و”فلوسه”.
وبالتالي ــ وفق المنطق ذاته ــ ليشرب ماء البحر “كل من لم يعجبه الحال”؛ هذا ماله وهذه فلوسه و”أنت إيه” أيها الشعب اللئيم الحقود؟
السيد الوزير ليس فقيرا، فلماذا يرغب البعض في إخضاعه لقوانين ومسارات ومصير “بو زبال”؟فكما “الطيبون للطيبات”، مستقبل أولاد الأغنياء أيضا للجامعات الأجنبية المرموقة في كندا وغير كندا، ورحم الله رجلا عرف قدره.
الوزير يغتال التعليم العمومي
مرة أخرى لم يلجم “رجل الدولة” المذكور لسانه، فتحدث عن أحقية ابنه في النجاح في مباراة المحاماة المثيرة للجدل، التي اجتمعت فيها أسماء “أولاد الفشوش” ما لم يجتمعوا في مباراة أخرى في تاريخ مباريات التوظيف بالمملكة.
وليسوغ الوزير “المتهور” أحقية نجله في التواجد ضمن قائمة الناجحين، ركز على مسألة أن ابنه حصل على شهادتين للإجازة الجامعية، إحداهما من جامعة كندية، وكأن هذا وحده يكفي لإقناع ملايين المغاربة بما اعتبروه “فضيحة مدوية”.
أليس هذا الافتخار والاعتداد بالنفس الذي ظهر في ثنايا كلام الرجل، وحتى في نبرة صوته وتقسيمات محياه، ضربا في نجاعة التعليم العمومي “المجاني”؟ أليس في حديث الوزير تمييزا بين فئات المجتمع؟
وفي الأخير، أطرح سؤالا على الوزير، فقد أطلت عليه هذه الزاوية الحادة: الملك الذي قبل بتعيينك في منصبك الوزاري ألم يدرس هو نفسه في جامعة عمومية داخل البلاد، هو وشقيقه الأمير رشيد، وحتى ولي العهد يسير على الخطى ذاتها
المصدر: وكالات