أعلنت مجموعة البنك الدولي عن تصنيف المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية عالمياً في مؤشر نضج الحكومة الرقمية (GTMI) لعام 2025، وذلك من بين 197 دولة شملها التقييم. يعكس هذا الإنجاز التقدم الكبير الذي حققته المملكة في مجال التحول الرقمي وتقديم الخدمات الحكومية الإلكترونية، مما يعزز مكانتها كمركز إقليمي للابتكار التكنولوجي. ويأتي هذا التصنيف كثمرة لجهود متواصلة تهدف إلى تطوير البنية الرقمية وتحسين كفاءة القطاع العام.
جاء الإعلان خلال مؤتمر صحفي في واشنطن، حيث أكدت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن المملكة صُنّفت ضمن الدول “المتقدمة جداً” بنسبة 99.64% في المؤشر العام. هذا الأداء يمثل تأكيداً على نضج المنظومة الرقمية الحكومية وقدرتها على مواكبة التطورات العالمية في هذا المجال.
التحول الرقمي في السعودية: قفزة نوعية في الأداء الحكومي
وفقاً لتقرير البنك الدولي، حققت السعودية تفوقاً ملحوظاً في جميع المؤشرات الفرعية، بما في ذلك البنية الرقمية المتطورة، والأنظمة الحكومية الأساسية الفعالة، وتقديم الخدمات الإلكترونية المبتكرة، والتفاعل الإيجابي مع المواطنين. يُظهر هذا التنوع في الأداء التزاماً شاملاً بالتحول الرقمي في مختلف جوانب الإدارة الحكومية.
نتائج مفصلة للمؤشرات الفرعية
أظهرت المؤشرات التفصيلية أداءً عالياً للمملكة، حيث سجلت 99.92% في مؤشر الأنظمة الحكومية الأساسية (CGSI)، مما يعكس قوة وكفاءة الإطار التنظيمي والإداري. كما حققت نسبة 99.90% في تقديم الخدمات الحكومية الرقمية (PSDI)، مما يؤكد سهولة الوصول إلى الخدمات الحكومية عبر الإنترنت وجودتها. بالإضافة إلى ذلك، بلغت النسبة 99.30% في مؤشر التفاعل مع المواطنين (DCEI)، مما يدل على فعالية قنوات التواصل الرقمي بين الحكومة والمواطنين. وأخيراً، سجلت المملكة 99.50% في تعزيز ممكنات التحول الرقمي (GTEI)، مما يؤكد الاستثمار المستمر في تطوير القدرات الرقمية.
أكد محافظ هيئة الحكومة الرقمية السعودية، أحمد بن محمد الصويان، أن هذا التقدم يمثل ثمرة للدعم غير المحدود من القيادة الرشيدة، بالإضافة إلى التكامل بين جهود القطاعين العام والخاص. وأشار إلى أن فرق العمل الوطنية قد بذلت جهوداً كبيرة في إعادة هندسة الخدمات الحكومية وتطوير البنية الرقمية لتمكين المملكة من تحقيق هذا المركز العالمي المتقدم. الاستثمار في التحول الرقمي يمثل جزءاً أساسياً من رؤية المملكة 2030.
تعتزم الهيئة، بحسب الصويان، مواصلة جهودها في تعزيز الابتكار ورفع جودة المنتجات الرقمية، وذلك بهدف دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 الطموحة. يركز هذا المسعى على تطوير حلول الخدمات الإلكترونية التي تلبي احتياجات المواطنين والمؤسسات على حد سواء.
هذا الإنجاز يمثل تتويجاً لمسيرة متواصلة من التطور بدأت منذ إطلاق رؤية 2030. فقد كانت السعودية في المرتبة 49 عالمياً عام 2020، ثم صعدت إلى المركز الثالث عام 2022، لتصل اليوم إلى الثانية عالمياً. يعكس هذا التقدم ثبات الخطى والالتزام بتحقيق الريادة في مجال التكنولوجيا الرقمية.
تشير التوقعات إلى أن المملكة ستواصل الاستثمار في تطوير البنية الرقمية وتعزيز الخدمات الإلكترونية، بهدف الوصول إلى المركز الأول في مؤشر نضج الحكومة الرقمية في المستقبل القريب. ومع ذلك، يتطلب الحفاظ على هذا الزخم والتفوق مواجهة التحديات المستمرة، مثل ضمان أمن المعلومات وحماية البيانات، وتطوير الكفاءات الرقمية في مختلف القطاعات. سيستمر التركيز على الابتكار الحكومي كعنصر أساسي في تحقيق هذه الأهداف.
من الجدير بالذكر أن هذا التصنيف يأتي في وقت تشهد فيه العديد من دول العالم تسارعاً في وتيرة التحول الرقمي، مدفوعاً بالاحتياجات المتزايدة للخدمات الإلكترونية وضرورة مواكبة التطورات التكنولوجية. وتمثل التجربة السعودية نموذجاً يحتذى به في كيفية تحقيق التحول الرقمي الشامل والمستدام، ورفع كفاءة القطاع العام، وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
