الرباط – تشهد الصناعات التقليدية الفلسطينية انتعاشًا ملحوظًا بفضل جهود وكالة بيت مال القدس، التي تهدف إلى دعم الاقتصاد الفلسطيني في القدس وتعزيز صموده في وجه التحديات. جاء ذلك خلال لقاء سنوي للوكالة، حيث تم عرض حصيلة إنجازات عام 2025 ومخطط العمل لعام 2026، مع التركيز على دعم التجار والحرفيين الفلسطينيين. وتعد هذه المبادرة جزءًا من استراتيجية أوسع نطاقًا لتنشيط الاقتصاد الفلسطيني.
وقد شاركت مصممة المجوهرات المقدسية جنان دجاني في اللقاء لعرض أعمالها اليدوية التي تعكس التراث الفلسطيني العريق، مؤكدةً على أهمية تسويق المنتجات الفلسطينية وإخراجها من دائرة الحصار. يأتي ذلك في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون، والتي تتفاقم بسبب الأوضاع الأمنية والقيود المفروضة على الحركة والتجارة.
تنشيط الاقتصاد الفلسطيني في القدس: رؤية واستراتيجية
يرتكز مخطط عمل وكالة بيت مال القدس لعام 2026 على تنشيط قطاع التجارة وتمكين التجار الفلسطينيين في القدس، وذلك من خلال شعار “تنشيط الاقتصاد الفلسطيني في القدس رافعة للتنمية والاستقرار الاجتماعي”. يهدف هذا المخطط إلى تعزيز دور القطاع الخاص في دعم الاقتصاد المحلي، وتوفير فرص عمل للفلسطينيين، وتحسين مستوى معيشتهم.
وأوضح مدير الوكالة محمد سالم الشرقاوي أن الوكالة ستركز على الترويج لعلامة “صنع في فلسطين وصُنع من أجل فلسطين” لزيادة القدرة التنافسية للمنتجات الفلسطينية في الأسواق المحلية والدولية. سيتم ذلك من خلال منصة “دلالة” للتسويق الاجتماعي والتضامني، التي تتيح للتجار الوصول إلى شريحة واسعة من المستهلكين.
دعم الحرف والصناعات التقليدية
يشمل مخطط الوكالة دعمًا خاصًا للمشاريع الصغيرة في قطاع الحرف والصناعات التقليدية، والتي تعتبر من أهم مصادر الدخل للفلسطينيين في القدس. سيتم توفير الدعم المالي والفني لهذه المشاريع، بالإضافة إلى المساعدة في تسويق منتجاتها.
وتشمل هذه الحرف مجالات متنوعة مثل الخزف، وخشب الزيتون، والصدف، والمجوهرات الفضية، والتطريز، والمنسوجات. تتميز هذه المنتجات بجودتها العالية وتراثها الثقافي الغني، مما يجعلها محط اهتمام المستهلكين في جميع أنحاء العالم.
التعاون مع الغرفة التجارية والصناعية العربية بالقدس
تتعاون وكالة بيت مال القدس بشكل وثيق مع الغرفة التجارية والصناعية العربية بالقدس في وضع وتنفيذ هذا المخطط. يعتبر هذا التعاون ضروريًا لضمان فعالية المخطط وتحقيق أهدافه المنشودة.
وأشار مدير الغرفة لؤي الحسيني إلى أن الغرفة تتمتع بعلاقات قوية مع التجار في القدس، مما يجعلها قادرة على فهم احتياجاتهم وتحديد التحديات التي تواجههم. سيتم الاستفادة من هذه الخبرة في صياغة البرامج والمبادرات التي تهدف إلى دعم التجار وتمكينهم.
مشاريع لتعزيز الصمود الفلسطيني
بالإضافة إلى دعم القطاع التجاري، تولي وكالة بيت مال القدس اهتمامًا خاصًا بتنفيذ مشاريع تهدف إلى تعزيز الصمود الفلسطيني في القدس. تشمل هذه المشاريع الدعم الاجتماعي، والتنمية البشرية، والصحة والتعليم، والثقافة والفنون.
وفي هذا السياق، أكدت رئيسة جمعية سيدات الأعمال الفلسطينيات (أصالة) رجاء الرنتيسي على أهمية دعم المشاريع الصغيرة التي تملكها النساء الفلسطينيات، مشيرةً إلى أن حوالي 60% من النساء الفلسطينيات المتعلمات يعانين من البطالة. تعتبر هذه المشاريع وسيلة مهمة لتمكين النساء وتوفير مصدر دخل لهن.
وقد بلغت قيمة المشاريع التي نفذتها الوكالة في عام 2025 حوالي 8 ملايين دولار، منها 6.5 مليون دولار خصصت لمشاريع في القدس و1.5 مليون دولار لمشاريع في قطاع غزة. شملت هذه المشاريع دعم منظومة التعليم عن بُعد، وتوفير المساعدات الإنسانية، وتنفيذ برامج تدريبية وتأهيلية.
وتعتمد الوكالة بشكل أساسي على التبرعات من الأفراد والمؤسسات، بالإضافة إلى الدعم المالي الذي تقدمه المملكة المغربية. بلغت التبرعات في عام 2025 حوالي 7 ملايين دولار، بينما خصصت المملكة المغربية حوالي 3 ملايين دولار لميزانية التسيير.
من المتوقع أن تستمر وكالة بيت مال القدس في جهودها لتنشيط الاقتصاد الفلسطيني في القدس وتعزيز صموده في عام 2026. وستركز الوكالة على تنفيذ المشاريع التي تهدف إلى دعم التجار والحرفيين، وتمكين النساء والشباب، وتحسين مستوى معيشة الفلسطينيين. يبقى التحدي الأكبر هو توفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه المشاريع، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون.
