أعلن مركز أبوظبي للخلايا الجذعية عن نجاح أول تجربة عالمية لعلاج التصلب المتعدد بتقنية مبتكرة تعرف بـ “التحسّس الضوئي”، وذلك بعد حصولها على موافقة دائرة الصحة في أبوظبي. يمثل هذا الإنجاز الطبي خطوة هامة نحو توفير خيارات علاجية جديدة للمرضى الذين يعانون من هذا المرض العصبي المزمن، خاصةً أولئك الذين لا يستجيبون للعلاجات التقليدية.
جاء هذا الإعلان يوم الاثنين، ويؤكد مكانة أبوظبي كمركز رائد للابتكار الطبي والبحث العلمي في منطقة الشرق الأوسط. وقد أظهرت التجارب السريرية الأولية نتائج واعدة، مما يفتح الباب أمام إمكانية تطبيق هذه التقنية على نطاق أوسع في المستقبل القريب.
علاج التصلب المتعدد بتقنية التحسّس الضوئي: كيف يعمل؟
تقوم تقنية التحسّس الضوئي (ECP) على مبدأ تعديل الجهاز المناعي للمريض. تبدأ العملية بسحب خلايا الدم البيضاء من المريض، ثم تعريضها لضوء خاص خارج الجسم لتنشيطها. بعد ذلك، تُعاد هذه الخلايا المنشطة إلى المريض، بهدف استعادة التوازن المناعي وتقليل الالتهاب الذي يسبب تلف الأعصاب في مرض التصلب المتعدد.
تقليدياً، استُخدمت هذه التقنية لعلاج حالات مثل داء الطعم حيال المضيف وبعض أنواع السرطانات الجلدية. ومع ذلك، قام فريق البحث في مركز أبوظبي للخلايا الجذعية بتطويرها وتكييفها خصيصاً لعلاج الاضطرابات المناعية العصبية، مثل التصلب المتعدد.
دعم البحث العلمي وتطوير العلاج
حظي هذا المشروع بدعم كبير من الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد (NMSS) من خلال برامج التمويل والمنح البحثية. وتشمل هذه المبادرات دراسة PHOMS، التي تهدف إلى تعزيز الفهم العلمي لمرض التصلب المتعدد وتحسين جودة الرعاية المقدمة للمرضى. يهدف هذا الدعم إلى تسريع وتيرة البحث والتطوير في مجال علاج التصلب.
وبحسب وكالة أنباء الإمارات “وام”، فإن هذه التقنية الجديدة تقدم أملاً جديداً للمرضى الذين يعانون من التصلب المتعدد، حيث أنها قد تكون فعالة في الحالات التي لم تستجب للعلاجات الدوائية التقليدية. كما أنها قد تقلل من الآثار الجانبية المرتبطة ببعض الأدوية المستخدمة حالياً.
النتائج الأولية والتوقعات المستقبلية
صرح يندري فينتورا، الرئيس التنفيذي للمركز والباحث الرئيسي في المشروع، بأن التعاون الوثيق بين منظومة الرعاية الصحية في أبوظبي والشركاء البحثيين كان عاملاً حاسماً في تحقيق هذا النجاح. وأضاف أن النتائج التفصيلية للتجارب السريرية ستنشر قريباً، ومن المتوقع أن تمهد الطريق لاعتماد هذه التقنية كخيار علاجي قياسي على مستوى العالم.
يُعد التصلب المتعدد من الأمراض المناعية الذاتية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي، مما يؤدي إلى مجموعة متنوعة من الأعراض، بما في ذلك التعب، ومشاكل في الرؤية، وصعوبة في الحركة. لا يوجد علاج شافٍ للتصلب المتعدد حتى الآن، ولكن تتوفر علاجات مختلفة للمساعدة في إدارة الأعراض وإبطاء تقدم المرض. تعتبر الأبحاث المستمرة في مجال الأمراض العصبية ضرورية لإيجاد علاجات أكثر فعالية.
من الجدير بالذكر أن هذه التقنية الجديدة لا تزال في مراحلها الأولى من التطوير، وهناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لتأكيد فعاليتها وسلامتها على المدى الطويل. ومع ذلك، فإن النتائج الأولية مشجعة للغاية، وتثير الأمل في مستقبل أفضل للمرضى الذين يعانون من التصلب المتعدد. من المتوقع أن يتم إجراء المزيد من التجارب السريرية في الأشهر القادمة لتقييم إمكانية استخدام هذه التقنية لعلاج أنواع أخرى من الاضطرابات المناعية العصبية.
في الختام، يمثل هذا الإنجاز خطوة مهمة نحو تطوير علاجات مبتكرة لمرض التصلب المتعدد. من المتوقع أن يتم نشر النتائج الكاملة للدراسة في المجلات العلمية المحكمة خلال الأشهر القليلة القادمة، مما سيتيح للباحثين والأطباء في جميع أنحاء العالم تقييم هذه التقنية الجديدة وتحديد إمكانية تطبيقها في ممارساتهم السريرية. يبقى متابعة التطورات في هذا المجال أمراً بالغ الأهمية لتقديم أفضل رعاية ممكنة للمرضى.
