تعد الشخصية القانونية من أهم المفاهيم الأساسية في القانون، حيث تشير إلى قدرة الإنسان على أن يكون صاحب حقوق وواجبات أمام القانون، وتمكنه من ممارسة هذه الحقوق والوفاء بالالتزامات المترتبة عليه. وتبدأ الشخصية القانونية للإنسان من لحظة الولادة الحية، أي منذ خروجه من رحم الأم وهو على قيد الحياة. هذا المبدأ يعد أساسيا في معظم التشريعات الحديثة، إذ يؤكد على ضرورة الاعتراف بالإنسان كشخص قانوني فقط بعد أن يصبح كائنا حيا، مما يضمن حماية حقوقه من اللحظة الأولى لوجوده. تعد نهاية الشخصية القانونية واحدة من أهم المفاهيم في القانون، إذ تحدد اللحظة التي يتوقف عندها الإنسان عن التمتع بالحقوق والواجبات القانونية. ارتبط القانون لفترة طويلة بمفهوم الموت التقليدي، الذي يعرف على أنه توقف القلب والتنفس بشكل نهائي. هذا المعيار كان واضحا وسهل التطبيق، واعتمدته معظم التشريعات العربية والغربية لفترة طويلة، حيث كان يعتبر توقف القلب والتنفس دليلا كافيا على انتهاء الحياة القانونية للشخص، ومن ثم انتهاء التزامات الحقوق والواجبات المترتبة عليه.
مع التقدم الطبي والعلمي، ظهرت تعقيدات جديدة في تحديد اللحظة الدقيقة للموت، إذ يمكن لبعض جهزة الدعم الطبي الحفاظ على وظائف القلب والتنفس اصطناعيا حتى بعد توقف الدماغ. لذلك، برز مفهوم توقف وظائف المخ بالكامل أو ما يعرف بـ«موت الدماغ»، كمعيار أدق لتحديد الوفاة وهذا التعريف الجديد يعكس اختلاف التشريعات الحديثة حول العالم، فبعض التشريعات الغربية تعتمد موت الدماغ الكامل كشرط لإنهاء الشخصية القانونية، بينما تظل بعض التشريعات العربية أكثر تقليدية، وتعتبر توقف القلب والتنفس المعيار الأساسي. هذا التباين في التعريفات يوضح مدى تأثير التطورات الطبية على القانون، ويبرز الحاجة إلى دمج العلم في التشريعات لحماية الحقوق الإنسانية بشكل فعال.
اختلاف التشريعات في تعريف الموت له آثار كبيرة على المجال القانوني والاقتصادي والاجتماعي فالدقة في تحديد وفاة الإنسان تؤثر على مسائل الميراث، وفسخ العقود، والتأمين على الحياة، وتنظيم التبرع بالأعضاء. فالمعيار المتبع -سواء توقف القلب أو توقف العقل يحدد اللحظة التي تنتقل عندها الحقوق للورثة، وتنتهي المسؤوليات القانونية للشخص. كما أن التباين بين التشريعات خلق تحديات في الحالات الدولية، مثل نقل المرضى بين دول مختلفة أو التعامل مع أجهزة الدعم الحياتي المتقدمة.
في الختام، يظهر بوضوح أن نهاية الشخصية القانونية ليست مسألة بسيطة، بل تتطلب توازنا بين القانون والطب الحديث. فاختلاف تعريف الموت سواء بتوقف القلب أو توقف الدماغ يؤثر مباشرة على الحقوق والواجبات القانونية للإنسان، ويبرز الحاجة لوضع معايير قانونية علمية دقيقة.
ويؤكد هذا الموضوع على أهمية حماية كرامة الإنسان وتنظيم حياته القانونية حتى بعد الوفاة، مع مراعاة التطورات العلمية لضمان العدالة وحماية الحقوق الإنسانية.
الطالبة: بدور فرحان نصار
