كتب : نوران أسامة
02:00 ص
19/12/2025
علقت الناقدة الفنية ماجدة موريس على فيلم “الست” في منشور لها عبر حسابها الخاص بموقع “فيسبوك”، ووصفت الفيلم بأنه مهم برغم كل الملاحظات التي وجهت له.
وكتبت ماجدة في منشورها: “أم كلثوم، والزمن الضائع، ذهبت إلى فيلم (الست) وفي ذهني كل الأفلام التي رأيتها عنها، والمسلسل، وجيش الفيسبوك الرافض، ومع ذلك كله استطاع الفيلم أن يدفعني إلى التفاعل معه، والاهتمام به برغم الأسئلة التي نبعت أثناء المشاهدة، فحين يؤكد العمل الفني على أهمية الإبداع من خلال جهد وبراعة صناع العمل، وحين يستحوذ عليك كمشاهد برغم ملاحظاتك فلا بد من تقديره، خاصة حين يطرح علينا زوايا مختلفة عما نعرفه عن أم كلثوم، ويعيد تقديم قصص نعرفها جيدًا، ولكن بصورة مختلفة وتقنيات جديدة تعيد إلينا هذه السيرة الخالدة لصاحبة الصوت الساحر والحضور المضيء في تاريخنا، ومن المدهش أن الكثيرين ممن هاجموا الفيلم في البداية كانت حجتهم أن بطلته منى ذكي لا تشبه أم كلثوم، وهو نفس الهجوم الذي طال صابرين عندما قامت بدور أم كلثوم في المسلسل، ولكن الشبه الشخصي ليس هو الأساس في الأداء، فهناك الإجادة والاجتهاد والنفاذ إلى روح الشخصية هو ما قدمته صابرين بقيادة المخرجة إنعام محمد علي”.
واستكملت: “وما قدمته منى ذكي بقيادة المخرج مروان حامد، وبدون قيادة واعية وحكيمة يفقد العمل الفني الكثير جدًا من قيمته، وتفقد الشخصية المحورية الكثير، وهنا نكتشف المزيد من موهبة منى ذكي وتألقها منذ بداية الفيلم وذهابها للقاهرة مع أبيها، وغنائها للتواشيح ثم بداية اكتشافها لعالم جديد مختلف كثيرًا عن عالم قريتها التابعة لمركز السنبلاوين في محافظة الدقهلية، عالمان عبر عنهما الفيلم ببراعة لتبدأ رحلة صعود البطلة بالغناء في الحفلات الخاصة بعد الغناء في الموالد بالقري، والفرق الكبير في كل شيء، من الملبس إلى الأجر، وبدايات التفاعل مع المدينة وكبارها، قبل القفزة الكبرى في حياة أم كلثوم قبل أن تصبح الست”.
وتابعت: “رحلة الصعود الصعبة برغم أنه فيلم من أفلام السيرة الذاتية، إلا أنه يتجاوز البناء التقليدي لهذه النوعية من الأعمال ليدخلنا منذ اللحظة الأولى، وقبل العناوين، فيما حدث في نهاية عام 1967 حين ذهبت الست للغناء في باريس دعمًا للمجهود الحربي، وما حدث لها على مسرح قاعة الأولمبيا من تشجيع جنوني وقفز شاب عربي ليقبل قدميها فسقطت على المسرح لتبدأ التيترات، وبعدها يبدأ الفيلم بالبداية لها كطفلة في قرية (طماي الزهايرة) قبل أن يعود في نهايته إلى نفس المشهد (السقوط على المسرح) ليكتمل بنهوضها، وغنائها، وإبداعها وسط تصفيق جنوني وحفاوة استثنائية، وبعدها، أنقذت الشاب المعجب من البوليس الذي أحضره مدير المسرح، وبين البداية والنهاية اختار كاتب الفيلم أحمد مراد ومخرجه مروان حامد أجزاءً من حياة أم كلثوم لتكون شاهدة عليها، ومعبرة عنها ولم يقدما كل ما عرفناه عنها، وأيضًا اختارا بعض من كانوا جزءًا هامًا من مسيرتها الفنية الطويلة ولم يختاروا الكل، وبالطبع فإن الفن هو عملية اختيار من البداية وحتى كلمة النهاية، خاصة حين يتعلق الأمر بقصة حياة على هذه الدرجة من التنوع والثراء، وأسطورة من أساطير الغناء في العالم لعشرات السنين، فهل استطاع صناع الفيلم تقديم رؤية منصفة لأم كلثوم؟ ولماذا اختاروا أوقاتًا من حياتها، وأضاعوا أوقاتًا أخرى”.
وأضافت: “القاهرة، والقرار برغم معرفتنا بطفولة أم كلثوم من خلال المسلسل الشهير، إلا أن الفيلم ينجح في تقديم هذه البداية من خلال الصورة والمناخ القاتم لعائلة ريفية فقيرة يتقدمها الأب (سيد رجب) ومعه الابن (أحمد خالد صالح)، والابنة الطفلة التي تسير معهما طويلاً لتنشد في الموالد والمناسبات بعد أن اكتشفوا جمال وقوة صوتها، وبعدها تأتي المغامرة الكبرى الأولى في حياتها حين يتلقى الأب دعوة للذهاب للقاهرة والإنشاد في حفل رجل مهم، وليحدث التحول التاريخي لها حين تكتشف (العالم الآخر) بكل ما فيه من بشر وسلوك، ونقود، وبرغم ما نالها من صفاقة بعض ضيوف الحفل وبينهم من رفع مسدسه مهددًا الأب ليوقف الدق على الدف، وبرغم ذلك الوجه القاتم للحفلة الأولى، فإن العائلة عرفت الوجه الآخر للقاهرة في حفل ثانٍ بعدها حين تخلصت أم كلثوم من زيها الفلاحي، بفضل امرأة صاحب الحفل (بأداء إيمينة خليل) التي صنعت معها جميلاً لا يُنسى في تغيير ملبسها وهيئتها، لتبهر المدعوين للحفل بصوتها، ولتصبح صاحبة قرار بعدها، ترفض العودة مع أبيها للقرية، وتقرر الحياة في مصر، أم الدنيا. هذا الجزء المهم الذي قدمه الفيلم كبداية لحياة أم كلثوم كان مقدمة لفهم الكثير عنها، عن قوة شخصيتها منذ بدايتها، وعن تمسكها بالفرص التي جاءت مبكرًا، ومع ذلك، فلم يتوقف الفيلم عند أجزاء مهمة أخرى في مسيرتها مثل تطور علاقتها بالفن من الغناء إلى العمل بالسينما، وبطولتها لمجموعة أفلام ساهمت كثيرًا في دعم صورتها، وأيضًا اختار الفيلم من رفاق رحلتها الفنية الشاعر أحمد رامي، والملحن محمد القصبجي فقط ولم يقدم زكريا أحمد ورياض السنباطي وهما من أهم المبدعين في مسيرتها منذ البداية والذين قدما الكثير لها وللفرقة، ولم يقدم الآخرين أيضًا من أعضاء فرقتها مثل محمد عبده صالح وأحمد الحفناوي، أو فاروق سلامة وسمير سرور وحسن أنور، وغير هؤلاء الكبار، لم يتعرض الفيلم لعلاقة أم كلثوم بعبد الوهاب، وبليغ حمدي وقبلهما محمد الموجي، وكلهم ساهموا كثيرًا في تألق مسيرتها”.
واختتمت ماجدة كلامها: “وبرغم أن العمل الفني كما ذكرت هو اختيارات لكاتبه ومخرجه، إلا أن المشكلة هنا أننا كمتابعين لأم كلثوم ولكل ما قدمته لن ننسى هؤلاء الكبار ووجودهم معها غالبًا ونحن نشاهد، لأن ما اختاره صناع الفيلم من فترات حياتها لم يتوازن مع ما لم يختاروه، كأنهم يقدمون لنا فقرات سريعة من هذه الرحلة، وهو ما نراه في علاقتها برامي، وبالقصبجي، وبزواج لم يتم من محمود الشريف، وفوزها في انتخابات نقابة الموسيقيين لتصبح أول نقيبة في هذا المنصب بعد منافسة مع عبد الوهاب، وأيضًا صعودها الاجتماعي الذي لم يكتمل حين هام بها البرنس شريف صبري (بأداء كريم عبد العزيز) في قصة لم تكتمل لأنه من العائلة الملكية، وفي الجزء الثاني، يذهب بنا الفيلم إلى علاقتها بالوطن، وإلى تفاصيل ما بعد نكسة يونيو 1967 ولكنه لا يقدم لنا علاقتها بالرئيس عبد الناصر كما عرفناها وقرأنا عنها، بل يقدمه كشخصية بلا شخصية (بأداء باهت من عمرو سعد) وبسرعة تتوالى أحداث ما بعد النكسة، وبداية حملاتها لدعم المجهود الحربي في مصر وصولًا لرحلاتها إلى الخارج، ورحلة باريس التي بدأ بها الفيلم، ولنعود معه إلى البداية، ولكن مع تفاصيل صغيرة مهمة، قبل أن نصل إلى كلمة النهاية مع وداع الشعب لأم كلثوم مع رحيلها وداع أسطوري، تلك اللقطات الوثائقية التي لا تُنسى لملايين المصريين وهم يودعونها. فيلم مهم برغم كل الملاحظات، فيه جهد ملحوظ في الإخراج والتصوير والمونتاج والتمثيل في الجزء الأول أكثر، وصوت عالٍ للموسيقى”.
فيلم “الست”
يتناول الفيلم السيرة الذاتية لكوكب الشرق أم كلثوم، مسلطًا الضوء على أبرز المحطات في حياتها الشخصية والفنية، والعلاقات التي كان لها أثر كبير في مسيرتها.
ويشارك ببطولة الفيلم عمرو سعد، سيد رجب، أحمد خالد صالح، أحمد داود، تأليف أحمد مراد، وإخراج مروان حامد.
اقرأ أيضًا:
من كواليس “لا ترد ولا تستبدل”.. أحمد السعدني يروج للمسلسل
“حلقة طرش”.. أحمد العوضي ضيف إسعاد يونس في “صاحبة السعادة” الأحد المقبل
