قالت البارون تشابمان، وزيرة التنمية الدولية البريطانية، إن إطلاق مقاربة المملكة المتحدة الجديدة تجاه أفريقيا يأتي في إطار مراجعة شاملة لطبيعة العلاقات القائمة، مؤكدة أن لندن تسعى إلى تدشين مرحلة مختلفة قوامها الشراكة المتكافئة والاستثمار طويل الأمد، بدل منطق المساعدات التقليدية الذي طبع مقاربات سابقة.
وأضافت تشابمان في كلمة لها خلال إطلاق مقاربة المملكة المتحدة الجديدة تجاه أفريقيا، التي احتضنتها العاصمة لندن يوم الاثنين الماضي، أن الحكومة البريطانية خلصت، منذ توليها السلطة، إلى ضرورة بناء علاقات تستجيب لتحولات القارة الأفريقية وتطلعات شعوبها، وتنسجم مع المتغيرات الاقتصادية والتكنولوجية والجيو-استراتيجية التي يشهدها العالم.
وأوضحت المسؤولة البريطانية أمام سفراء ومفوضين سامين لدول أفريقية معتمدين لدى المملكة المتحدة، ونواب برلمان بريطانيين، ومؤثرين في السياسات المتعلقة بأفريقيا من المجتمع المدني والقطاع الخاص، أن “المقاربة الجديدة انطلقت من عملية استماع موسعة دامت خمسة أشهر، شملت حكومات ومنظمات ومؤسسات اقتصادية وأكاديمية، وأسفرت عن قناعة مشتركة بضرورة علاقات قائمة على الاحترام المتبادل وتحقيق أثر ملموس في حياة المواطنين”.
وأبرزت المتحدثة أن هذه المقاربة تنسجم مع تصور حديث للتنمية الدولية، مشيرة إلى أن “المملكة المتحدة لا تنظر إلى نفسها كجهة مانحة، بقدر ما تعتبر نفسها شريكا ومستثمرا، يعمل إلى جانب الدول الأفريقية على إطلاق فرص النمو، وتحفيز الابتكار، وقيادة العمل المناخي، والدفع نحو إصلاح النظام الدولي”.
وبخصوص الجانب الاقتصادي، نبهت المسؤولة ذاتها إلى أن الانتقال من منطق المساعدات إلى منطق الاستثمار يشكل أحد أعمدة المقاربة الجديدة، من خلال دعم التجارة، وتحفيز الاستثمارات، وتعزيز سلاسل التوريد، مستشهدة بـ”اتفاقيات وشراكات مع عدد من الدول الأفريقية، من بينها المغرب، في مجالات البنية التحتية والتنمية الاقتصادية”.
وأكدت تشابمان أن المملكة المتحدة تعتبر الهجرة أحد التحديات المشتركة، مشددة على ضرورة إدارتها بشكل منصف ومنظم، مع التصدي للهجرة غير الشرعية عبر معالجة دوافعها، ودعم أمن الحدود، والتعاون في تفكيك الشبكات الإجرامية، إلى جانب العمل على تحسين فهم نظام التأشيرات البريطانية وتيسير ولوج الفاعلين الاقتصاديين الأفارقة إليه.
وتابعت: “رغم أن أفريقيا من أقل القارات مساهمة في الانبعاثات، إلا أنها من أكثرها تضررا من التغيرات المناخية”، مبرزة التزام لندن بتعزيز الاستثمار في الطاقات المتجددة، وحماية التنوع البيولوجي، ودعم المبادرات الهادفة إلى توسيع الولوج إلى الكهرباء وتمويل المشاريع المناخية.
واستحضرت وزيرة التنمية البريطانية كون السلم والأمن يشكلان الأساس لأي ازدهار مستدام لتؤكد مواصلة العمل مع الاتحاد الأفريقي وشركاء إقليميين لدعم جهود إحلال السلام، والتعافي بعد النزاعات، مع تركيز خاص على الأزمات الإنسانية، وعلى رأسها الوضع في السودان، والدفاع عن احترام القانون الدولي الإنساني.
وأبرزت الدبلوماسية البريطانية أن تقوية الأنظمة الداعمة للنمو، من صحة وتعليم وحماية اجتماعية، تظل أولوية مركزية، مشيرة إلى التزام بلادها بدعم الصحة العالمية، وبناء القدرات المالية للدول الأفريقية، والتصدي للتمويل غير المشروع، إلى جانب مناصرة تمثيل أفريقي أكثر إنصافا داخل المؤسسات الدولية.
وخلصت البارون تشابمان إلى أن مقاربة المملكة المتحدة الجديدة تجاه أفريقيا تروم إرساء شراكة من نوع مختلف، تقودها أولويات وأفكار أفريقية، وتعتمد على الابتكار والتبادل الثقافي والعلمي، قائلة إن “هذه الشراكة الاقتصادية تظل إنسانية في جوهرها، تقوم على بناء مستقبل مشترك يخدم مصالح الشعوب في أفريقيا والمملكة المتحدة”.
المصدر: وكالات
