هى ليست مجرد بطولة فى كرة القدم، فى المناسبات والمنافسات الكروية أياً كان حجمها يكون هناك رابح وخاسر، أما فى كأس العرب فالأمر مختلف، الكل كسبان، فى الدوحة أمة اجتمعت على قلب رجل واحد، اختفت الألوان، وظهرت العروبة فى أعظم صورها، مَن يخسر مباراة يهنئ شقيقه الفائز، والذى يفوز يواسى الخاسر، ويعتذر له.فى الدوحة حيث كأس الوحدة العروبية، كرة القدم أعادت لغة الضاد للحياة، رممت بين الإخوة ما مزقه الزمن، أذابت كل جليد، غيرت ملامح الخريطة، وصنعت ترسيماً جديداً خالياً من السدود والحدود، فى الدوحة تعانقت الأجيال، وهتف جميع الأشقاء بكل اللهجات «واحد واحد واحد.. كل العرب واحد»، ولم يكن ينقص الصورة إلا علم واحد «علم عربى موحد» يجمعنا جميعاً، فهل يمكن أن نراه مستقبلاً بين أيدى كل الأشقاء؟ومع نجاح «الكرة» خلال كأس العرب فى تقديم دورها الوطنى، سقط من قلبها بعض مَن يديرونها فى اتحادات تراجعت منتخباتها وسط الزخم الكروى بشكل مخيف، لتظهر للعلن أهم 10 رسائل بين مكاسب وطنية وخسائر فنية صنعها «مونديال العرب» حتى الآن.
1 – نجحت «الكرة» وسقط هؤلاء..«واحد واحد واحد.. كل العرب واحد»لا يوجد فى قاموس أى تجمعات كروية أو غير كروية مكاسب وأرباح أهم من «لم الشمل»، هو الهدف الذهبى الذى تحقق فى كأس العرب، فقد رأينا فى المدرجات وحدة عربية كروية برهنت على أن الدم العربى واحد، الأغانى والهتافات الموحدة من نوعية «احكى وقول يا زمان.. كل العرب إخوان» «واحد واحد واحد.. كل الشعب العربى واحد» والذى تنوع من مباراة لأخرى ليظهر مرة «واحد واحد واحد.. مصر والأردن واحد، «واحد واحد واحد.. قطر والمغرب واحد»، «واحد واحد واحد.. فلسطين وسوريا شعب واحد» وتنقل الهتاف هكذا داخل كل الملاعب وخارجها وفى التجمعات والتنظيمات دليل واضح على أنه لا مكان مع «الكرة» للخلافات بين الأشقاء.
2 – الإنسانية العربية كما يجب أن تكونهى لقطة لن تجدها سوى فى الملاعب العربية، تلك التى ظهر فيها لاعب تونس فراس شواط وهو يعتذر للجمهور الفلسطينى بعد تسجيل الهدف الثانى فى مرمى الفدائى، هذه اللقطة هى لقطة الموسم الكروى والبطولة بشكل خاص، ولو كنت من عناصر اللجنة المنظمة للبطولة لمنحت تلك اللقطة جائزة «الإنسانية» ووضعتها أمام الاتحاد الدولى للكرة ليجعلها نموذجاً يقول من خلاله: «لمثل هذه اللقطات تلعب كرة القدم».
3- الظروف القاسية ليست مبرراًفى كأس العرب، لا مكان للظروف القاسية، هى فقط نقطة انطلاق نحو تحقيق الهدف، تلك رسالة خاصة من لاعبى منتخبات فلسطين وسوريا والسودان والعراق، ظروف بلادهم المختلفة صنعت منهم رجالاً، ومنحتهم روحاً قتالية عالية، ودوافع نفسية ومعنوية كبيرة حاولوا من خلالها رسم الفرحة أو حتى مجرد الابتسامة داخل كل منزل مغلف بمآسى الحياة وجبروت الظلمة، ففى فلسطين لا دورى، لا مباريات، ولا ملاعب مجهزة، ولكن هناك «فدائيين» وضعوا أمام أعينهم هموم بلادهم، وجثامين أقاربهم وذويهم، فنجحوا فى الحصول على قمة مجموعتهم.
4 – ظهور قوى جديدة فى عالم كرة القدم العربيةوجّهت منافسات كأس العرب الحالية رسالة للجميع أن خريطة كرة القدم العربية تتشكل من جديد لتعلن عن ظهور قوى جديدة على مستوى المنطقة على الأقل فلم يكن يتوقع أبرز المتشائمين أو المتفائلين أن يكون منتخبا فلسطين وسوريا فرسى الرهان فى المجموعة بتصدرهما على حساب قطر وتونس أصحاب بطاقتى التأهل إلى كأس العالم، 2026، ونفس الشىء فعله منتخب الأردن الذى قدم أفضل المستويات فى البطولة خلال الدور الأول، وخرج بالعلامة الكاملة من النقاط على حساب منتخبات مصر والإمارات والكويت.
5- مصر وقطر وتونس والكويت.. فيه حاجات غلطالعجز الحقيقى لا يكمن فى نقص القدرة، بل فى غياب الإرادة، ومن أهم رسائل كأس العرب الحالية أو الدور الأول منها موجهة إلى إدارات الكرة فى مصر وقطر والكويت وتونس ملخصها «انتبهوا يا سادة فيه حاجات غلط»، المستوى المتواضع لهؤلاء فى البطولة يقول إن هناك أموراً ليست على ما يرام، لا توجد مبررات فنية للظهور المتواضع فى كل المباريات، والتدخل هنا يجب أن يكون سريعاً حتى يعود الكبار إلى مكانهم الطبيعى.
6- إلى مَن يقطن «الجبلاية».. المنتخبات قطاع خاصعلى المستوى المصرى الرسالة مسجلة بعلم الوصول إلى المهندس هانى أبوريدة تحديداً، متى تحكم اتحاد الكرة؟، المنتخبات داخل الجبلاية قطاع خاص، كل مدرب يتحكم فى الفريق الذى تحت يده، يختار من يشاء ويرفض من يشاء من لاعبين وإداريين لا سلطة عليه لا من اتحاد ولا حتى الجالس على كرسى المدير الفنى للجبلاية الذى من المفترض أن كل تلك المنتخبات ضمن اختصاصاته.واستكمالاً للرسالة الموجهة إلى 5 شارع الجبلاية، أين أنتم من حروب المدربين الموجودين تحت ولايتكم، العلاقة بين حسام حسن، المدير الفنى للمنتخب الأول وحلمى طولان، المدير الفنى للمنتخب الثانى كلها خلافات وخصومات، وفى الكواليس منها أمور كثيرة دفعنا فاتورتها فى كأس العرب، ولا نريد المزيد فيما قادم.
7 – واجبكم مشكور.. ولا عزاء لهؤلاءوقبل أن نختم الرسالة المطولة لمجلس الجبلاية، ما حدث خلال الفترة الماضية من تراجع نتائج المنتخبات على كافة المراحل السنية والمناسبات يحتم عليكم توجيه الشكر لكل من فشل فى مهمته من مدربين وإداريين ولجان فنية، وإعادة تشكيل وترتيب البيت من جديد دون أن يكون لهم أى دور، وبطريقة تحكمها معايير واضحة دون مجاملات أو مراعاة لظروف هذا أو ذاك.
8- تحركوا يا أصحاب النفوذ العربىنعود إلى كأس العرب ومتعتها الوطنية والكروية، حيث الرسالة إلى الاتحاد الدولى لكرة القدم الذى بات مطالباً بوضع البطولة فى أجندته الدولية المعترف بها من كل دول العالم، وعدم الاكتفاء بمنح البطولة الاسم فقط «فيفا عرب»، حتى تكون الفرصة رسمية أمام المنتخبات العربية لاستقدام أفضل لاعبيها المحترفين والمشاركة بهم فى البطولة بما يزيد من قوتها ويمنحها ميزة إضافية على المستوى الكروى العالمى، والمهمة باتت الآن على أصحاب النفوذ العربى الضغط على جيانى إنفانتينو، رئيس فيفا، للاعتراف بالبطولة رسمياً ووضعها ضمن بطولات «فيفا» التى تحكمها أجندة لا يمكن الخروج عنها.
9 – تعلموا من الشباب..وامنحوا الفرصة للمدربين العربنجاح عدد من المدربين الشباب فى كأس العرب، وفى مقدمتهم جمال السلامى مع الأردن، ومجيد بوقرة مع الجزائر، وطارق السكتيوى مع المغرب، وإيهاب أبوجزر مع منتخب فلسطين، رسالة لكل الاتحادات الكروية فى الدول العربية لمنح الفرصة لمثل هؤلاء، كما أن تأهل 4 منتخبات يقودها مدربين عرب من أصل 8 منتخبات فى دور الثمانية يؤكد أن المدرب العربى بخير وقد تفوق قدراته «الخواجة»، صاحب العملة الصعبة.
10 – تشريف عالمى للغة الضادالبيئة المثالية التى توفرها قطر لكل الوفود من منتخبات وجماهير وضيوف رسالة وضحة للعالم كله أن «العرب» باتوا رقم واحد فى معادلة كان من الصعوبة الاقتراب منها، العالم كله يتابع ويراقب الحدث ليتعلم منه تنظيمياً، روعة التنظيم من أهم أسباب نجاح البطولة وارتفاع قيمتها، والإشادة بها إشادة عالمياً هى إشادة مستحقة ومشرفة للعروبة، وبكل من أبناء لغة الضاد فى الداخل والخارج.