اسطنبول/ الأناضول
** فريد المذهان (قيصر) الشاهد الرئيس على جرائم نظام الأسد بحق المعتقلين لوكالة الأناضول:
– عندما انتشرت صور التعذيب الخارجة من سجن صيدنايا غمرني شعور بالألم والحزن والرضا والاطمئنان
– ردة فعل المجتمع الدولي كانت محدودة جدا مقارنة بحجم الجرائم بحق المعتقلين في سجون الأسد
– نعم صُدم العالم من فظاعة الصور ومستوى ووحشية ودموية الأجهزة الأمنية لكن التحرك على الأرض أقل بكثير مما كنا نأمل
– التخاذل الدولي كان واضحا من خلال الصمت المخزي وغض الطرف عن جرائم بشار الأسد الديكتاتوري والاكتفاء بالقلق والتنديد والاستنكار
– لا يمكن إنكار أن الوعي العالمي تغير فملف قيصر للمعتقلين في سوريا لم يكن وهما ولا سرا بل أصبح جزءا من الذاكرة الإنسانية
– الحقيقة والعدالة لن تكتملا إلا عندما يُحاسب المسؤولون عن تلك الجرائم أمام محاكم عادلة محلية ودولية
قال المساعد أول السوري فريد المذهان إن العالم أصبح يدرك حقيقة ما جرى في سجون بشار الأسد، لكن العدالة لن تكتمل إلا بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم.
والمذهان كان رئيس قلم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية بدمشق، وعُرف بـ”قيصر” لعدم كشف هويته، وهو الشاهد الرئيس على جرائم نظام بشار الأسد (2000-2024).
ونشر المذهان، المنحدر من درعا (جنوب)، صورا لنحو 11 ألف جثة لأشخاص قُتلوا تحت التعذيب بين مايو/ أيار 2011 وأغسطس/ آب 2013.
وأوضح، في مقابلة مع الأناضول: “عندما انتشرت أساليب وصور التعذيب الخارجة من سجن صيدنايا (بريف دمشق)، غمرني شعور بالألم والحزن العميق لذلك”.
وأضاف: “ومع ذلك كان يتسرب إلى داخلي شعور كبير بالرضا والاطمئنان، لأن الحقيقة التي حاول نظام الأسد المجرم طمسها بدأت ترى النور أخيرا”.
“بدأت أشعر أن العدالة ستتحقق أخيرا وبدأت طريقها نحو القصاص من المجرمين الذين أوغلوا في دماء السوريين الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم طالبوا بحقهم المشروع بالحرية والكرامة”، كما تابع.
وفي مارس/ آذار 2011 اندلعت احتجاجات شعبية مناهضة لبشار الأسد طالبت بتداول سلمي للسلطة، لكنه استخدم القوة العسكرية لقمع المحتجين.
ودخل الثوار العاصمة دمشق في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، فأنهوا 20 عاما من حكم بشار الأسد، الذي ورث الحكم عنه والده حافظ بعد أن حكم البلاد بين 1971 و2000.
** تخاذل دولي
المذهان مضى قائلا: “بصراحة أرى أن ردة فعل المجتمع الدولي كانت محدود جدا مقارنة بحجم الجرائم” بحق المعتقلين.
وتابع: “نعم صُدم العالم من فظاعة الصور ومن مستوى ووحشية ودموية الأجهزة الأمنية”.
“ولكن التحرك العملي والفعلي على الأرض كان أقل بكثير مما كنا نأمل ونتوقع”، كما استدرك.
وأردف: “كثيرا ما شعرنا (قبل سقوط الأسد) بالخذلان وأن التعاطف لم يتحول إلى فعل حقيقي يحمي من تبقى من المعتقلين داخل السجون الأسدية أو يحقق العدالة لضحايا التعذيب”.
المذهان اعتبر أن “التخاذل الدولي كان واضحا من خلال الصمت المخزي، وغض الطرف عن جرائم بشار الأسد الديكتاتوري، والاكتفاء بالقلق والتنديد والاستنكار”.
وزاد بأن نظام بشار الأسد اعتبر ذلك “ضوء أخضر ليستمر في التعذيب والقتل.. والخطوط الحمراء التي وضعها (الرئيس الأمريكي باراك) أوباما خير مثال على ذلك”.
وفي 20 أغسطس/ آب 2012، اعتبر أوباما أن استخدام أسلحة كيميائية في سوريا سيكون “خطا أحمر”، في إشارة إلى أنه سيستلزم تحركا عسكريا أمريكيا.
لكن تصريحه أثار جدلا كبيرا في وقت لاحق، بعد تقارير متعددة عن استخدام نظام الأسد أسلحة كيميائية ضد مدنيين بينها هجوم الغوطة عام 2013.
رغم ذلك قال المذهان إنه “لا يمكن إنكار أن الوعي العالمي تغير، فملف قيصر للمعتقلين في سوريا لم يكن وهما ولا سرا، بل أصبح جزءا من الذاكرة الإنسانية”.
واعتبر أن “هذا بحد ذاته إنجاز مهم؛ لأن الحقيقة والعدالة ما تزالان ناقصتين ولن تكتملا إلا عندما يحاسب المسؤولون عن تلك الجرائم أمام محاكم عادلة محلية ودولية”.
ومنذ الإطاحة به يعيش بشار الأسد وأسرته في روسيا، التي منحته “لجوء إنسانيا”.
** قانون قيصر
المذهان قال إنه “يجب أن نعرف أن هناك فرقا كبيرا بين ملف قيصر الإنساني المتعلق بالمعتقلين وبين قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا”.
وفي 11 ديسمبر/ كانون 2019، أقر الكونغرس الأمريكي قانون “قيصر” لمعاقبة نظام بشار الأسد على جرائمه بحق المدنيين.
وقال المذهان إن “العقوبات التي فُرضت بعد نشر ملف قيصر جاءت نتيجة طبيعية بعد كشف حجم الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية بحق المعتقلين السوريين”.
وتابع: “هدفت تلك العقوبات أساسا إلى محاسبة النظام الأسدي وكل مَن تورط معه في التعذيب والقتل”.
واستطرد: كما هدفت العقوبات إلى “تجفيف منابع السلاح والدعم العسكري من الدول الداعمة للنظام، كروسيا وإيران اللتين كانتا شريكتين في تدمير وقتل الشعب السوري”.
و”لذلك أرى أن العقوبات كانت ضرورية من حيث المبدأ، فهي السبب الرئيسي في انهيار المنظومة الأسدية وشل أركان نظامه المستبد وتفكيكه”، بحسب المذهان.
واعتبر أن “المجتمع الدولي (كان) متخاذل، وبدعم مباشر من إدارة (الرئيس الأمريكي السابق جو) بايدن، حاول مرارا تلميع النظام الأسدي وإعادة تأهيله ليبقى في الحكم سنوات طويلة”.
وأضاف: “رأينا قبل التحرير بأسابيع قليلة محاولات حكومة إيطاليا لدفع دول الاتحاد الأوروبي إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع النظام الأسدي المجرم”.
وشدد على أن ذلك “قوبل برفض صارم من فرنسا التي قالتها صراحة لا يمكن أن نضع يدنا بيد مجرم قاتل قتل مئات الآلاف من الأبرياء السوريين، وهناك قانون قيصر الذي لا يمكن تجاوزه”.
وناشد المذهان “أحرار أمريكا الممثلين في مجلسي المجلس والشيوخ (الكونغرس) بإلغاء قانون قيصر دون قيد أو شرط”.
وعزا مناشدته إلى أن “سبب العقوبات قد زال بزوال أكبر نظام مجرم مستبد في التاريخ، نظام بشار الأسد الفاشي”.
وشدد على أن “الشعب السوري يستحق أن يعيش للسلامة وكرامة، بعد أن حصلوا على حريتهم التي بذلوا الغالي والرخيص من أجلها”.
وبعد أن عُرف فقط باسم “قيصر”، كشف للمرة الأولى عن شخصيته في فبراير/ شباط الماضي.
وروى بمقابلة متلفزة آنذاك تفاصيل نقله الصور عن جرائم التعذيب والقتل بسجون نظام الأسد.
وقال المذهان إن “أوامر التصوير وتوثيق جرائم نظام بشار الأسد (كانت) تصدر من أعلى هرم السلطة للتأكد من أن القتل ينفذ فعليا”.
واليوم يحتفل السوريون بـ”عيد التحرير”، وهو الذكرى السنوية الأولى للإطاحة بنظام بشار الأسد بعد حقبة طويلة من القمع الدموي.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات