تقدّم المغرب على كل من مصر وتونس في تقييم أجرته منظمة “غرينبيس” الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمؤشر السيادة على الطاقة في دول شمال إفريقيا الثلاث، مستندا إلى أربعة أبعاد: نظافة الطاقة المتجددة، والاستقلال والسيطرة على الموارد، وإمكانية الوصول، والعدالة واستقلالية السياسات.
وحصلت المملكة المغربية في هذا التقييم، الذي اعتمد على مؤشرات ملموسة مثل التحكم المحلي في الإنتاج، تحصيل الريع، تواتر الانقطاعات، والالتزامات بأولوية التصدير، على أعلى درجة بواقع 5.5 نقاط من أصل 10، رغم أن النتائج أظهرت عموما وجود عجز في السيادة على الطاقة على صعيد الدول الثلاث.
وعزا التقرير هذه النتيجة إلى التقدم السريع للمغرب في تطوير مصادر الطاقة المتجددة والتخطيط في القطاع، مستدركا بأن البلاد لا تزال تعتمد على الفحم لتوفير احتياجاتها المحلية، كما تعتمد “بشكل كبير” على أصول مملوكة لأطراف أجنبية ومشاريع موجهة نحو التصدير.
سجلت مصر 4.5 نقاط، “نظرا لهيمنة الطاقة المولدة بالغاز عليها، وتوجهها التعاقدي نحو التصدير”، في حين فرضت إصلاحات حقبة صندوق النقد الدولي “ضغوطا على القدرة على تحمل التكاليف واستقلالية السياسات”. أما تونس، فحصلت على 4.25 نقطة، “بسبب اعتمادها على الاستيراد وقدرتها المحدودة في التنفيذ؛ إذ لا تزال مساهمة الطاقة المتجددة هامشية، بينما يظل الغاز المنقول عبر الأنابيب العامل الأساسي في تنظيم إمدادات الطاقة”.
وقالت “غرينبيس” إن الوقود الأحفوري “يوفر 94% من احتياجات الطاقة في مصر، و88% في تونس، و91% في المغرب”، وفي ظلّ هذا الواقع، تضيف المنظمة، “نجد أنّ مصر عالقة في الاعتماد على الغاز، وتونس في الاستيراد، والمغرب في الاعتماد على الفحم. لذا، يُعدّ التنويع العميق لمزيج الطاقة شرطا أساسيا للمضي قدما في العمل المناخي وتعزيز السيادة”.
وأوضح التقرير أن هذه الأرقام لا تشكّل “مجرد تفضيلات سياسية، بل إنها تعكس بنية تحتية موروثة وحوافز تعاقدية من حقبة الامتيازات واتفاقيات المشاركة بالإنتاج، ثم تعززت بحزم التحرير الاقتصادي وحصص التصدير في الفترة الممتدة من التسعينات إلى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين”.
ارتهان للاستيراد
التقرير شدد على أن المغرب يقدّم “نمطا أكثر وضوحا في الاعتماد على الاستيراد”؛ إذ “في ظل احتياطيات محلية ضئيلة من النفط والغاز، يُلبي أكثر من 90% من استهلاكه من الطاقة الأولية عن طريق الاستيراد”.
وقال: “بينما حقق البلد تقدما كبيرا في في توليد الكهرباء من مصادر متجددة؛ إذ توفر الرياح والطاقة الشمسية الآن حوالي 20% من مزيج الطاقة”، فإن “الوقود الأحفوري، ولا سيما الفحم والنفط المستوردين، لا يزال يُهيمن على إجمالي استهلاك الطاقة”.
وأضاف المصدر ذاته: “لم تساهم استراتيجية المغرب للتحول إلى مركز لتصدير الطاقة المتجددة في التقليل من اعتماده على الوقود المستورد للاستهلاك المحلي”، مردفا: “أبقى تحرير الوقود في المراحل اللاحقة وإغلاق المصافي، الفحمَ والوقود المستوردين كمصدر رئيسي للطاقة حتى مع نمو طاقة الرياح والطاقة الشمسية، ما يُعد مثالا عن كيفية أن تؤدي إصلاحات السوق إلى ترسيخ الاعتماد على الوقود الأحفوري كاحتياطي دائم”.
توصيات للسيادة
لتعزيز السيادة الطاقية، أوصى التقرير دول شمال إفريقيا الثلاث بـ”تحديد شرط يلزم بتخصيص نسبة تتراوح بين 15 و25% من صافي الإنتاج السنوي إلى الشبكة الوطنية أو الاحتياطيات الاستراتيجية قبل القيام بأي تصدير”، وأن “يحق للدولة استخدام هذا الحد الأدنى (أو زيادته للتوزيع في حالات الطوارئ، مثل حالات النقص في الإمداد، أو موجات الحر الشديدة، أو حالات الطوارئ المتعلقة بالشبكة)”.
ولضمان الشفافية، حثّت “غرينبيس” مصر وتونس والمغرب على “نشر العقود الخاصة بالهيدروكربونات والطاقة المتجددة/الهيدروجين، وتوحيد معايير الشفافية لاتفاقيات شراء الطاقة وآليات معالجة الشكاوى”، مؤكدة أن الإطار الدستوري والقانوني يتيح تحقيق ذلك في مصر وتونس، ويحتاج”فقط تفعيلا من الحكومات المحلية والجهات السياسية”.
كما نبّهت إلى أن الرقابة المستقلة تتطلب “إلزام الجهات المشغلة برصد الآثار وإعداد التقارير بشأنها باستخدام تكنولوجيا يمكن التحقق منها، ومشاركة البيانات مع الجهات التنظيمية والمجتمعات المحلية”.
المصدر: وكالات
