ضمن فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يبرز فيلم “الست” كأحد أكثر الأعمال إثارة للاهتمام هذا العام، ليس فقط لأنه يتناول سيرة أم كلثوم، الاسم الذي يحضر في الوجدان العربي بثقل نادر، بل لأن الفنانة المصرية منى زكي اختارت أن تضع نفسها في صلب مغامرة فنية شديدة الحساسية، تتطلب جرأة في الاقتراب من رمز تحيط به هالة من القداسة والحب والذاكرة.
بابتسامتها الهادئة ونبرة صريحة لا تخلو من التردد الإنساني والتوتر تجلس منى زكي للحديث عن تجربة تصفها بأنها الأصعب في حياتها ومشوارها الفني، فبين ضغط المسؤولية، ورهبة الوقوف أمام تاريخ يمتد لعقود، وتوقعات جمهور اعتاد صورة مثالية لأسطورة الطرب، تنكشف خيوط حكاية فيلم أراد أن يرى “الست” كما لم يرها أحد من قبل امرأة بضعفها وقوتها، بإنسانيتها قبل نجوميتها.
في هذا الحوار الذي خصت به هسبريس تعود منى زكي إلى كواليس التحضير للدور، وإلى الجدل الذي سبق العرض العالمي الأول، وتفتح قلبها للحديث عن مخاوف المقارنة مع أعمال سابقة، وعن إيمانها بأن تقديم الحقيقة الجمالية للإنسانة أم كلثوم يستحق كل ذلك العناء.
ما الذي يعنيه لك أن يعرض فيلم “الست” لأول مرة عالميا في مراكش؟.
نحن سعداء وتشرفنا بأن يكون العرض الأول لفيلم “الست” بمهرجان كبير ومهم مثل مهرجان مراكش، وهذا ليس أول حضور لي به، فقد سبق أن حللت ضيفة عليه، وأعتز به جدا كمهرجان عربي مهم أفتخر به في المنطقة.
لماذا اعتبرت أن “الست” أصعب مشروع في حياتك؟.
المشروع صعب لمجرد أننا نتكلم عن سيدة عظيمة نرغب في إعطائها حقها وأكثر، لأنها تستحق ذلك، فكانت الصعوبة بداية من اسم الشخصية التي سأجسدها، إضافة إلى تحضيراتها، إذ وجدت أمامي فتاة ريفية صغيرة إلى غاية تقدمها في السن، فأم كلثوم مرت على أربعة عقود مختلفة، وهي نجمة كبيرة، لذلك كانت المشاعر المختلفة صعبة حسب كل مرحلة، مع التغييرات في الصوت والأداء وطريقة الكلام، فكان التحدي في كل شيء صعبا جدا.

الفيلم يظهر “جوانب ضعف” لدى أم كلثوم بعيدا عن المثالية، فهل كانت هناك خشية من ردود الفعل تجاه هذا الطرح، خاصة أن الجمهور اعتاد رؤية “الست” بهالة مما يشبه القدسية؟.
نعم. الأكيد هو أننا جميعا كنا قلقين من ذلك، لكن الحقيقة هي أن الإنسان ليس تمثالا، بل لديه مشاعر ونقط ضعف ونقط قوة، وفي بعض الأوقات يكون في حالات غضب ويتخذ قرارات غير صحيحة، لذلك كنا خائفين، ومع ذلك مؤمنين بأن الحقيقة التي لا تسيء هي التي يجب علينا وضعها، لكي نعمل أقرب ما يكون من وجهة نظرنا إلى داخل السيدة أم كلثوم وليس الظاهر الخارجي.
ما طبيعة التحضيرات التي قمتِ بها لتجسيد شخصية أم كلثوم؟ وكيف أثرت عليك هذه العملية على المستويين النفسي والفني؟.
كان معي “كوتش” يشتغل على الجانب النفسي والحوار وتغيير طبقة الصوت والجانب الخارجي، وهذا استغرق منا سنة وثلاثة شهور من التحضير بشكل يومي.
وإلى غاية الآن كلما حاولت الخروج من المشاعر التي راودتني مع الشخصية أعود إليها، لكن أصعب مرحلة في تجسيد الدور هي عندما كانت “الست” كبيرة، فكلنا في سن معين نفكر بشكل مختلف، وهذا غيرني كثيرا من الداخل، وعموما غيرتني التجربة بشكل كبير.

بخصوص الجدل الذي رافق الفيلم، هل شعرت في أي لحظة بأنه موجه نحوك شخصيا، أم إنه نقاش طبيعي حول عمل عن رمز تاريخي؟.
الأمر طبيعي جدا، نظرا لمكانة “أم كلثوم”. وأعتقد أن كل أعمال السير عن الفنانين كان يرافقها جدل كبير. أنا أحترم هذا الجدل وأسمع لكل ما يقال فيه.
تجربة “صابرين” في تجسيد أم كلثوم مازالت راسخة لدى الجمهور، فهل تخشين المقارنات؟.
الأكيد أن الفيلم يقدم رؤية مختلفة عن المسلسل، لكن بالطبع أنا خائفة، لأن الأستاذة “صابرين” قدمت أداء مازال التاريخ يذكره إلى اليوم، وبأجمل ما يكون، وهي أستاذة كبيرة، وأنا أقل من أن أقول رأيي فيها لأنني كنت من متابعي المسلسل الذي أحببته كثيرا.
وإذا قورنت بـ”صابرين” سأكون أنا المظلومة، لذلك لا أريد أن يقارنني أحد بها، لأنها أستاذة وموهبة كبيرة جدا، وسأكون في موقف غير جميل عند المقارنة مع شخص بعظمتها.

رسالة لزملائك الذين دافعوا عن تقديمك العمل وللجمهور
أتمنى منهم مشاهدة الفيلم وأن ينال إعجابهم، ويبقى وجهة نظر مختلفة عن فنانة وأسطورة عربية نحب جميعا تقديمها في أحسن وأفضل شكل.
المصدر: وكالات
