الثلاثاء 2 دجنبر 2025 – 10:00
في حوار خاص مع جريدة هسبريس الإلكترونية، انتقد الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي “التشرذم المغاربي”، محملا المسؤولية في ذلك لـ”سياسات خاطئة، وسياسات مبنية على أحقاد وعلى أمور شخصية، وخاصة على حسابات خاطئة (…) فقد كان من المفروض منذ خمسين سنة وجود اتحاد للشعوب المغاربية (…) وكنا لنسبق حتى أوروبا، التي اتحدت رغم الخراب الذي تسببت فيه الوطنية المفرطة (في الحربين العالميتين)”.
وقال المرزوقي: “دمار أوروبا سببه الدولة الوطنية المغلقة على حدودها، التي تخاف من الدول الأخرى وتغار منها (…) لأن من كانوا يحكمون هذه الدول كانوا سياسيين صغارا، ليست لهم رؤية، فتسببوا في الحرب والخراب (…) وبعد انتهاء الحروب (…) جاءت المرحلة الثانية، وهم أناس تعلموا من هذه التجربة، وقالوا إنه ينبغي التخلص من هذه ‘الوطنجية’ المفرطة، التي تكاد تكون نوعا من أنواع العنصرية، ورفضوا هذا النوع من الانغلاق، والأنانية، وبنوا فضاء مشتركا لا تشعر بالحدود بين دوله”.
وقدّر الرئيس التونسي السابق أن المنطقة المغاربية “تعيش هذه المرحلة من التخلف؛ أي مرحلة سياسيين ليست لهم رؤية، وليس عليهم خاصة ضغط شعبي كافٍ (…) لأن السلطة في خدمة هذا الشعب، وليست موجودة لتنغص عليه. مثلا، السلطة الجزائرية عندما تضع الحدود وتغلقها بكيفية تعسفية ما بين الجزائر والمغرب، فهي تتعدى على حقوق الشعب الجزائري، وتتعدى على حرمة العائلات الموجودة في الطرفين (…) وهذا دليل على احتقار هذه الدول لشعوبها. وعندما تصير لدينا دول وحكومات تستمع إلى شعوبها، وتعرف أن مهمتها هي تسهيل حياة الشعوب وليس التنغيص عليها، آنذاك ستختفي هذه الحدود”.
وقدم المنصف المرزوقي المثال بماضٍ غير بعيد، قائلا: “في سنة 1956 جاء الوالد إلى المغرب لاجئا سياسيا، واستقر في مدينة طنجة، وأعانه جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه على البقاء وعلى الاستقرار، وحتى سماه في طنجة وكيل الملك، ثم بعد ذلك عشنا كعائلة تونسية في المغرب، لا عندنا أوراق ولا طُولِبنا بها ولا حدّثنا أحد. يعني عشنا في بلادنا بكيفية طبيعية. والآن أصبح هذا غير ممكن”.
وتابع: “الآن في كل مكان، وأينما تذهب تجد إدارة كذا. مثلا، قبل أن أخرج من تونس كان عندنا أصدقاء مغاربة يعيشون بها منذ سنوات ويُطالَبون في كل سنة بتجديد أوراقهم. وفي الجزائر تعطى رخصة البقاء لثلاثة أشهر… فانظُر إلى أي درجة وصلت هذه البيروقراطيات الناتجة عن دول وحكومات أعتبرها غير مسؤولة عن رفاه شعبها، وهذا كله يجب أن يختفي”.
وعاد المرزوقي إلى فترة رئاسته تونس حين اقترح مشروع “الحريات الخمس؛ أي أن لكل المغاربيين بدون استثناء حرية التنقل وحرية الاستقرار وحرية العمل وحرية التملك وحتى حرية الانتخابات البلدية والمساهمة فيها، بانتظار أن يكون عندنا برلمان مغاربي مثل البرلمان الأوروبي”، ثم ختم بالقول: “لقد ضيعنا الكثير من الوقت. المسؤولون عن هذا (…) أقولها بكل وضوح هم الإخوة الجزائريون، أي النظام السياسي الجزائري، الذي أتوجه إليه مرة أخرى: مصلحتكم ومصلحتنا أن توقفوا هذه السياسة، خلاص! اتركوا الأبواب تفتح، وحلوا عن الشعوب لتتنفس (…). أحلم أن أرى هذه الحريات الخمس حقيقة قبل أن أموت، وكلنا كمغاربيين سنتنفس”.
المصدر: وكالات
