تبرأ المنصف المرزوقي، الرئيس الأسبق للجمهورية التونسية، مرة أخرى، من سياسة الاصطفاف والانحياز التي ينهجها نظام قيس سعيّد، رئيس تونس الحالي، ضد المغرب، “بخلاف سابقيه”، مؤكدا أنها “شاذة”. كما كشف عن معارضة النظام الجزائري لتنفيذ مقترح له حول “الحريات الخمس” لضمان سلاسة حركية المغاربيين بين الدول الخمس.
وقال المرزوقي، خلال تأطيره ندوة تساءلت عن آفاق عودة مشروع الاتحاد المغاربي، وهي الافتتاحية للمحور الثالث لسلسلة الندوات الفكرية والسياسية التي ينظمها حزب جبهة القوى الديمقراطية حول “علاقات المغرب مع جيرانه”، إن “تونس ظلّت في عهدي بورقيبة وبنعلي، فعهديّ أنا والباجي قائد السبسي تنهج سياسة عدم إذكاء الخلاف بين الشقيقين (المغرب والجزائر)؛ فمهمتنا الأساسية في التقريب بينهما”.
وأضاف الرئيس التونسي الأسبق: “كان هناك اتفاق (ضمني) بأنه سنكون طرفا في المصالحة، وهذا ما فعلته ويفعله الكثيرون”، معتبرا أن “موقف هذا (الرئيس) الأخير شاذ؛ لكن تونس ستعود إلى سابق عهدها في هذا الجانب، ونسعى بكل قوتنا إلى أن تكون تونس عامل توحيد لا تفرقة”.
ولذلك، شدد على ضرورة الدقة في المصطلحات المستعملة في هذا الموضوع، “فنؤكد أن النظام التونسي هو من سلك موقفا معاديا للمملكة المغربية، لا تونس كدولة وشعب”.
على صعيد متصل، أشاد الرئيس التونسي الأسبق باستمرار المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، في سياسة اليد الممدودة، “وكذلك توسيع الصداقات والتحالفات”، معتبرا أن “كل هذه التراكمات ساهمت في الوصول إلى القرار رقم 2797” بشأن قضية الصحراء المغربية.
الحريات الخمس
أشار المرزوقي إلى أنه طرح، ما بين سنتي 2013 و2014، على قادة الدول المغاربية الخمس، مقترحا لتمكين المغاربيين من “الحريات الخمس” بين الدول الخمس، أي “حريات التنقل والسفر والعمل والاستقرار والمشاركة في الانتخابات البلدية”، لكي “نبقى تحت عرقلة ما أصفه بالسد، أي الخلاف المغربي الجزائري”.
وقال: “عرضت الفكرة على جلالة الملك محمد السادس والرئيس عبد العزيز بوتفليقة وقادة موريتانيا وغيرهم.. فوافق الجميع باستثناء النظام الجزائري”.
ومضى المرزوقي بالقول إنه اقترح، إثر ذلك، على المسؤولين التونسيين، أن تأخذ تونس المبادرة، فتطبّقها على أراضيها؛ لكن السياق المتسّم آنذاك، “بالثورة المضادة والإرهاب، أدى إلى تأجيل الموضوع إلى أن “انتهى”.
وتوجه، في هذا الصدد، إلى البرلمانيين في كل البلدان المغربية بأن “يأخذوا هذه الفكرة، ويتكتلوا للترافع عنها”، مُقرا “غير متأكد أنها ستلاقي القبول، ولكن على الأقل ينبغي اختبار المسار”.
إسناد فكري
أوضح المصطفى بنعلي، الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية، أن الحزب، من خلال هذه الندوة، “يستلهم من الخطاب الملكي بمناسبة 31 أكتوبر؛ خطاب الوحدة، الذي أكد أن القرار الأممي رقم 2797 شكّل منعطفا تاريخيا، ما يفرض علينا أن نبني خطابا سياسيا جديدا، يتلاءم مع التطلعات التي تسعى إليها المملكة، وهي تدافع عن وحدة ترابها”.
وأضاف بنعلي، في تصريح لهسبريس، أن “الإشارات المتعلقة بالمحور المغاربي، وهي واضحة في الخطاب الملكي، جعلتنا في الحزب ننتقل بسلسلة ندوات علاقات المغرب مع جيرانه إلى المحور الثالث؛ وذلك تماشيا مع هذه الروح المغاربية، وهذا التطلع المشروع لبناء وحدة مغاربية تضع حدا لهذا النزاع المفتعل وتؤطره بشروط الاستقرار والتنمية، فشعوب المنطقة تفوت على نفسها إمكانات وتهدر طاقات مهمة في البناء التنموي”.
وشدد على أن “الوحدة المغاربية التي يتطلّع إليها المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، ضرورية”، مُوضحا أن العاهل المغربي، “منذ سنة 2018، وهو يتوجه إلى الأشقاء في الجزائر، بسياسة اليد الممدودة من أجل فتح حوار لا شروط مسبقة فيه، وذلك من أجل مصلحة المنطقة واستقرارها وتقدمها”.
وأكد أن “استضافة فخامة الرئيس الدكتور المنصف المرزوقي تأتي نظرا لأنه شخصية خبيرة في الموضوع؛ ولكن هو شاهد على ما يمكن أن يبذله القادة السياسيون في هذا الجانب”.
المصدر: وكالات
