كشفت البيانات الرسمية، المضمنة في الحالة اليومية لحقينات السدود المغربية، استمرار دينامية “انتعاشة وطنية طفيفة” تؤمن “الماء الشروب”؛ مع “تعمق الفارق بين عدد من الأحواض المائية التسعة للمملكة، لا سيما منها الموجهة إلى أغراض فلاحية.
وتبين المعطيات، المحصورة إلى غاية الجمعة، عن “تحسن طفيف في المخزون المائي الوطني مقارنة بالفترة نفسها إبان السنة الماضية”، بنسبة إجمالية تتجاوز 31 في المائة بقليل، حسب ما استقرأته هسبريس.
وعلى الرغم من هذا المؤشر الإيجابي على “المستوى الكلي”، فإن القراءة التفصيلية للأرقام تظهر تباينا حادا بين الأحواض المستفيدة من مشاريع الربط المائي وبين تلك التي لا تزال ترزح تحت وطأة “العجز الهيكلي”، أو وضع مائي “حرج”.
مؤشرات وطنية.. “تحسن حذر”
سجلت نسبة الملء الإجمالية للسدود الوطنية مستوى 31.09 في المائة، بمخزون مائي إجمالي بلغ 5.21 مليار متر مكعب. وتمثل هذه النسبة زيادة تقدر بـ 1.77 في المائة مقارنة باليوم نفسه من سنة 2024، التي كانت قد سجلت نسبة 29.32 في المائة.
وحسب ما يَرشح من الارتفاع يبدو طفيفا رقميا، إلا أنه يحمل دلالات مهمة بشأن استقرار المخزون الاستراتيجي للبلاد في هذه الفترة من السنة.
في قراءة أجرتها هسبريس لتوزيع الموارد المائية وفق البيانات، يبرز حوض أبي رقراق كـ”أكبر المستفيدين”؛ فقد حقق قفزة نوعية في نسبة الملء، التي انتقلت من 35.62 في المائة السنة الماضية إلى 64.61 في المائة حاليا. ويعزى هذا الانتعاش الاستثنائي بالأساس إلى امتلاء سد “سيدي محمد بن عبد الله”، المزود الرئيسي للمحور الساحلي الرباط–الدار البيضاء، بنسبة قاربت 69 في المائة؛ خاصة بعد “تفعيل مشروع الطريق السيار للماء القادم من “حوض سبو”، مما أبعد شبح نقص المياه الصالحة للشرب عن أكبر التجمعات السكانية في المملكة.
ولاحظت الجريدة حفاظَ حوض سبو على “استقراره” بنسبة تتجاوز 40 في المائة، مدعوما بمخزون سد “الوحدة” (من أكبر سدود القارة والمغرب) الذي استقر عند مستوى 41.85 في المائة.
“أم الربيع” و”ملوية”.. نزيف يستمر
على النقيض من ذلك، لا يزال الوضع “مقلقا” في الأحواض ذات الطابع الفلاحي. وبالرغم من “تحسن طفيف جدا” بعد التساقطات المطرية والثلجية الأخيرة، أثبتته بيانات وزارة التجهيز والماء، فإن حوض أم الربيع يظل في وضعية “المنكوب مائيا” بنسبة ملء لا تتجاوز 8.71 في المائة.
وأظهرت الأرقام نفسها أن سد “المسيرة”، شريان الفلاحة في دكالة، يعيش وضعية حرجة بنسبة ملء دنيا بلغت 2.96 في المائة؛ مما يفرض تحديات كبرى للموسم الفلاحي بالمنطقة.
من جهة أخرى، سجل حوض ملوية، بجهة الشرق، تراجعا لافتا؛ فقد انخفضت نسبة الملء من حوالي 44 في المائة العام الماضي إلى 26.79 في المائة حاليا؛ مما يستدعي تفعيل “تدابير يقظة” للحفاظ على المكتسبات المائية في هذه المنطقة الحدودية والجافة.
أما في الجنوب الشرقي، فقد تراجعت نسبة ملء حوض “زيز كير غريس” إلى 46.98 في المائة مقارنة بموسم استثنائي العام الماضي حين شهدتِ المنطقة أمطارا “طوفانية” صيفية (98 في المائة)؛ ما جاء عاكسا لـ”تراجع طبيعي” يعكس استهلاك المخزون الذي خلفته الفيضانات السابقة.
وفي المجمل، تؤكد البيانات الرسمية للوضعية المائية أن المغرب نجح “مرحليا” في تأمين حاجيات الماء الصالح للشرب للمدن الكبرى بفضل المشاريع المهيكلة والربط بين الأحواض؛ مما خلق أريحية في حوضيْ أبي رقراق واللوكوس.
وفي المقابل، يظل “الخطر المائي” قائما وبشدة في المناطق الفلاحية (أم الربيع وملوية)؛ مما يفرض استمرار سياسة “التقشف المائي” وترشيد استعمال مياه السقي لضمان استدامة الموارد المتاحة، وهي التوصيات التي تتجدد دوما على ألسنة الباحثين في الشأن المائي.
المصدر: وكالات
