راسلت النقابة الوطنية للأخصائيين النفسيين، بصفتها هيئة مهنية وطنية تُعنى بتأطير الممارسة النفسية والدفاع عن مقوماتها العلمية والأخلاقية في المغرب، كلًّا من الأمانة العامة للحكومة ووزارات الداخلية والعدل والصحة والتعليم العالي، من أجل “التدخل العاجل بشأن ضبط مساطر منح رخص ممارسة مهنة الأخصائي النفسي”.
انطلاقا من مراسلات رسمية في الموضوع توفرت لهسبريس نسخ منها، فإن العمل على هذه الخطوة الترافعية من قبل النقابة الوطنية للأخصائيين النفسيين يأتي “حرصا منها على المساهمة البنّاءة في تحسين شروط ممارسة المهن النفسية وصون سلامة المواطنين، وفي إطار التعاون المؤسساتي المسؤول مع الوزارات المعنية بموضوع تقنين وتنظيم مهن علم النفس وما يتفرع عنها”.
وقالت النقابة ذاتها، الجامعة لعدد من الأخصائيين النفسيين والمختصين في علم النفس الاجتماعي، إنها “وقفت، من خلال معطيات موثوقة ومتقاطعة، على تسجيل حالات متفرقة تتعلق بمنح بعض الأقسام والمصالح الإدارية المحلية رخصا لفتح: مراكز للاستشارة النفسية، عيادات تقدم خدمات مشابهة لخدمات الأخصائيين النفسيين”، منتقدة بشدة “انتشار فضاءات تحت مسميات العلاج النفسي أو الدعم النفسي”، وذلك “لفائدة أشخاص لا يتوفرون على المؤهلات الأكاديمية الضرورية لمزاولة هذه المهن الحساسة، التي يفرضها العرف المهني والمعايير الأكاديمية المتعارف عليها، والمتمثلة أساسا في تكوين جامعي متخصص لمدة خمس سنوات (إجازة + ماستر) في علم النفس، ضمن مسار موحد ومتكامل علميا ومهنيا”.
وأثارت الهيئة نفسها الانتباه إلى أن “هذه الوضعية، رغم محدوديتها، قد تترتب عنها آثار سلبية على المهنة وعلى سلامة المواطنين، من قبيل الالتباس حول صفة ومهام الأخصائي النفسي، وانتشار ممارسات يقدم فيها غير المؤهَّلين خدمات ذات طابع علاجي أو استشاري، بما قد يؤثر على الثقة في القطاع وعلى جودة الخدمات النفسية”.
وفي مراسلتها إلى الأمين العام للحكومة، طلبت النقابة “عقد لقاء مستعجل بشأن الإطار القانوني ووضعية الأخصائيين النفسيين بالمغرب”، منادية بـ”تسريع دراسة الإطار القانوني المنظم لمهنة الأخصائي النفسي، ومواءمته مع التطورات الوطنية والدولية في مجال الصحة النفسية”.
كما دعت إلى “مراجعة النصوص والمراسيم الحالية ذات الصلة، بما يضمن وضوح شروط المزاولة، وتحديد المهام والمسؤوليات المهنية”.
وفي مطلب قوي، استحضرت في السياق “وضع آلية رسمية للتنسيق بين الأمانة العامة للحكومة ومختلف القطاعات الوزارية المعنية (الصحة، التعليم العالي، التضامن…) قصد توحيد الرؤى المتعلقة بتنظيم المهن النفسية”، مقترحة “إدراج النقابة كشريك مؤسساتي في مسار بلورة وصياغة النصوص القانونية ذات الصلة، باعتبارها الممثل المهني للأخصائيين النفسيين”.
كما شددت على “ضمان حماية المستفيدين من الخدمات النفسية عبر محاربة الممارسات غير القانونية التي تستغل غياب تأطير دقيق للمهنة”.
ومما جاء في المراسلة إلى وزير الداخلية: “بالنظر لحساسية الممارسة النفسية، ولطابعها العلمي والصحي، فإن النقابة ترى أن تعزيز شروط منح الرخص بما يضمن التحقق من المؤهلات الجامعية من شأنه حماية المواطنين ودعم المجهودات الوطنية المبذولة في ميدان الصحة النفسية، وتفادي أي ممارسة قد تُفهم خطأً على أنها معتمدة أو مراقبة من طرف الدولة”.
ودعت المراسلات الموقّعة من طرف نائب الكاتب العام، فؤاد يعقوبي، إلى “إصدار دورية وطنية موجهة إلى مختلف المصالح التابعة لوزارة الداخلية، تنص على ضرورة: عدم منح أي رخص مرتبطة بالممارسة النفسية إلا بعد التأكد من توفر المؤهلات الجامعية القانونية (إجازة + ماستر في علم النفس)”، مع “استشارة الجهات العلمية والقطاعية المختصة قبل إصدار أي ترخيص ذي طابع نفسي”.
وحسب ما طالعته هسبريس في المستندات ذاتها، فقد تم التأكيد على “إعادة النظر في بعض الرخص الممنوحة سابقا، عند الاقتضاء، للتحقق من مدى استيفائها للشروط القانونية والمهنية”، و”تفعيل الإجراءات القانونية والتنظيمية تجاه حالات انتحال صفة أخصائي نفسي التي قد تُشكل مخالفة للقانون الجاري به العمل”، ثم “إحداث آلية تنسيق رسمية بين وزارة الداخلية ووزارة الصحة ووزارة التعليم العالي لضمان توحيد المعايير وتوضيح المساطر المتعلقة بالرخص الممنوحة للممارسات النفسية”.
ومن “المقترحات العمليّة” المبسوطة في ثنايا المراسلات الرسمية، أن تعمل القطاعات المعنية على “إشراك النقابة الوطنية للأخصائيين النفسيين في المشاورات أو اللجان أو الأوراش التي تعنى بتنظيم المهن النفسية أو ترخيص فضاءاتها، لما تتوفر عليه من خبرة مهنية وأكاديمية في المجال”.
كما تمت الدعوة إلى “تنظيم لقاء رسمي بين مكتب النقابة ومسؤولي الوزارات من أجل تدارس السبل العملية لتجويد الإطار التنظيمي وضبط شروط ممارسة المهن النفسية”.
المصدر: وكالات
