نظمت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بأكادير دورة تكوينية في موضوع “قراءة في مستجدات قانون المسطرة الجنائية الجديد رقم 03.23″، لفائدة ضباط الشرطة القضائية بجهة سوس ماسة، وذلك بشراكة مع ولاية أمن أكادير والقيادة الجهوية للدرك الملكي، بحضور وكلاء الملك بالمحاكم الابتدائية بسوس ورؤساء المصالح الأمنية.
خلال افتتاح هذا الموعد التكويني، أبرز الوكيل العام للملك لدى استئنافية أكادير، عبد الرزاق فتاح، أن “قانون المسطرة الجنائية الجديد رقم 03.23 المعدل والمتمم للقانون رقم 22.01 ينبني على مجموعة من المرجعيات والأسس المؤطرة لتوجيهات ومعالم السياسة الجنائية الوطنية، من أبرزها ملاءمة القانون الوطني مع الممارسة الاتفاقية في مجال حقوق الإنسان، بعدما خطت فيها المملكة المغربية خطوات مهمة، حيث نصت المقتضيات الدستورية على الالتزام باحترام المواثيق الدولية في مجال الحقوق والحريات الأساسية للأشخاص”.
ومن بين تلك المرجعيات، ذكر المسؤول القضائي “ملاءمة القانون الوطني للجهود الدولية والإقليمية المتخذة في مجال منع الجريمة وتأهيل آليات العدالة الجنائية، فضلا عن تكريس دستور المملكة لسنة 2011 لمجموعة من الحقوق والواجبات المرتبطة بحقوق الإنسان وسلامة الوطن والمواطن وحماية الملكية وحرمة الحياة الخاصة والأمن العام، إلى جانب الخطب الملكية السامية لجلالة الملك التي حددت الفلسفة والمصالح الكبرى لإصلاح منظومة العدالة لبلادنا”.
كما تنبني تلك الأسس والتوجيهات على “توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة فيما يرتبط بالإصلاحات التشريعية والمؤسساتية لتأهيل العدالة وتقوية استقلال القضاء وإصلاح المنظومة الجنائية وترشيد الحكامة الأمنية ومكافحة الإفلات من العقاب، دون إغفال توصيات الميثاق الوطني حول إصلاح منظومة العدالة في جميع محطاته، واقتراحات وتوصيات النموذج التنموي الجديد الداعية إلى إقرار عدالة تكون حامية للحقوق ومصدر أمان لجميع المواطنات والمواطنين، فضلا عن توجهات القضاء الدستوري والاجتهاد القضائي للمحاكم، وجميع مقتضيات القانون المقارن”.
وتابع عبد الرزاق فتاح، الوكيل العام للملك لدى استئنافية أكادير، موردا ضمن كلمته الافتتاحية أن “قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23 يعد قفزة نوعية ضمن المحطات التشريعية التي عرفها قطاع العدالة ببلادنا، لكونه يتماشى مع مسار إصلاح منظومة العدالة في إطارها الشمولي وسيرورة تكريس الجانب الحمائي لحقوق الإنسان، وسيادة حكم القانون وتعزيز الأمن القانوني والأمن القضائي، ومواجهة الخطر الإجرامي، خاصة الإجرام المنظم والعابر للحدود والجرائم المستحدثة”.
وقال في هذا السياق: “إذا كان القانون الجنائي يكتسي أهمية بالغة من خلال ووظائفه الأساسية، خاصة في مجال ضبط السلوكات داخل المجتمع عبر تحديد الأفعال المجرمة وتخصيصها بالجزاءات المناسبة، فإن قانون المسطرة الجنائية لا يقل أهمية في هذا الشأن باعتباره الأداة التي تخرج القانون الجنائي من دائرة السكون إلى الحركة”.
ويروم قانون المسطرة الجنائية الجديد، وفقا للمسؤول القضائي ذاته، “التوفيق بين البعد الحقوقي والبعد الأمني”، وتهدف مقتضياته الجديدة إلى “تعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة، ومراجعة الضوابط القانونية للوضع تحت الحراسة النظرية، وعقلنة اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي، وتعزيز حقوق الدفاع، إلى جانب العناية بالضحايا وحمايتهم خلال كافة مراحل الدعوى العمومية، وتعزيز التدابير الحمائية للأحداث، فضلا عن تبسيط الإجراءات والمساطر خلال إقامة الدعوى العمومية، وتقوية آليات التعاون القضائي الدولي في مكافحة الجريمة، وتبسيط مساطر رد الاعتبار، وإيجاد بدائل للدعوى العمومية عبر مساطر ميسرة وتصالحية”.
وخلص الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بأكادير إلى كون القانون رقم 03.23 “يشكل إضافة نوعية للترسانة القانونية الوطنية، ويستجيب لمختلف الانتظارات والتطلعات على مستوى النهوض بحقوق الإنسان، ويعزز مجال الحريات ومكافحة الجريمة بمختلف صورها وامتدادها”.
المصدر: وكالات
