تحتفل سلطنة عمان اليوم الخميس، بالذكرى الـ55 لليوم الوطني مستحضرة معها مسيرة النهضة العمانية الشاملة والمتجددة وبناء الدولة العصرية التي تمضي بخطى ثابتة قدما إلى الأمام ضمن ركب الحضارة العالمية جنبا إلى جنب مع شقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجي.
وتتجه السلطنة في هذا المسار المتصاعد والواعد بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق وفي ظل رؤية (عمان 2040) التي أرسى قواعدها السلطان الراحل قابوس بن سعيد واضعة (الإنسان والمجتمع) محورا رئيسيا وغاية أساسية ضمن رؤيتها الطموحة إلى جانب (الاقتصاد والتنمية) و(الحوكمة والأداء المؤسسي) و(البيئة والاستدامة) لتحقق العديد من الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية تشمل مختلف مجالات الحياة.
وتشارك الكويت شقيقتها سلطنة عمان احتفالها باليوم الوطني (20 نوفمبر كل عام) في وقت تشهد العلاقات الثنائية تطورا مستمرا وعمقا ورسوخا بفضل توجيهات صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد وجلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان نحو تعزيز العلاقات والدفع بها إلى آفاق أوسع وأرحب من التعاون المشترك في شتى المجالات.
وتعد العلاقات الكويتية – العمانية نموذجا خليجيا وعربيا ودوليا يحتذى في العلاقات وتعززت هذه الأخوة الصادقة والتعاون لتتجاوز الطابع التقليدي للعلاقات في مختلف الصعد وبلغت مستويات عالية في الجوانب الرسمية والشعبية مستندة إلى ما يجمع البلدين من إرث تاريخي واجتماعي ومواقف سياسية مشتركة.
ومما زاد العلاقات رسوخا “زيارة دولة” التي قام بها صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد إلى سلطنة عمان في 6 فبراير عام 2024 وحضور سموه ورعايته بمعية السلطان هيثم بن طارق حفل افتتاح مشروع (مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية) في ولاية الدقم العمانية وهو أكبر مشروع استثماري بين البلدين الشقيقين وإحدى ثمار علاقاتهما الوثيقة.
وخلال العام الحالي شهد مسار التعاون السياسي بين البلدين الشقيقين خطوات مهمة منها الزيارة الثانية لصاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد إلى سلطنة عمان في 14 أكتوبر الماضي على رأس وفد رفيع المستوى ولقائه جلالة السلطان هيثم بن طارق حيث تم بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتبادل الأفكار والرؤى بشأن أبرز القضايا الإقليمية والدولية الراهنة.
وفي هذا الصعيد يشترك البلدان بسمة تميزهما بوضوح من خلال النهج الدبلوماسي الذي يتبعانه لحل الأزمات والنزاعات والمواقف تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية بالطرق السلمية واحترام سيادة واستقلال الدول والالتزام بقواعد القانون والمواثيق الدولية ودعمهما جهود ومساعي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الرامية لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة والعالم.
وترجمة للتوجيهات السامية من قيادتي البلدين بتطوير العلاقات وتعزيزها عقد كبار المسؤولين بوزارتي خارجيتي البلدين الشقيقين الاجتماع المرئي الرابع بتاريخ 18 مايو الماضي تمت خلاله مناقشة عدد من الموضوعات المتعلقة باللجنة الكويتية – العمانية المشتركة.
وأسهمت اللجنة المشتركة في توسيع نطاق التعاون في العديد من المجالات الاقتصادية والتجارية والتعليمية والبحث العلمي والشباب والخدمة المدنية والبيئة وغيرها من المجالات التنموية المختلفة وأوجدت تبادلا تجاريا واستثماريا تمثل في التوقيع على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات مختلفة لا سيما خلال عامي 2023 و2024.
وفي 28 يوليو الماضي دخلت مذكرة التفاهم في مجال حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية حيز النفاذ بين الطرفين كما دخلت أيضا مذكرة التفاهم بمجال حماية المستهلك حيز النفاذ في 31 أغسطس الماضي.
وعلى صعيد التعاون الاقتصادي الثنائي يبرز مشروع (مصفاة الدقم) الذي تديره شركة البترول الكويتية العالمية (كيو.آيت) ومجموعة (أوكيو) العمانية كأحد أهم المشاريع المشتركة بين البلدين محققا نجاحات مالية تمثلت بإمكانية الاستفادة من ضمانات المساهمين بأكثر من أربعة مليارات دولار ونجاحات في الأداء تمثلت بالوصول في الطاقة التكريرية إلى 110 في المئة من الطاقة التصميمية رافعة الإنتاج من 230 ألف برميل يوميا إلى 255 ألف برميل يوميا مع تصدير أكثر من 1ر4 مليون طن من المنتجات للأسواق العالمية.
وفي هذا السياق تنامى التعاون التجاري بشكل كبير خلال الأعوام الأخيرة إذ بلغ حجم التبادل التجاري نحو خمسة مليارات دولار أمريكي العام الماضي بزيادة نسبتها نحو 120 في المئة مقارنة بالعام الذي سبقه فيما شهدت الأشهر الستة الأولى من هذا العام تبادلا تجاريا بلغ نحو 2.3 مليار دولار وهو أضعاف ما تحقق خلال آخر خمسة أعوام.
استثماريا تعد دول الكويت من أهم الدول المستثمرة في السلطنة باستثمار مباشر يبلغ نحو 1.4 مليار دولار لتحتل المرتبة الأولى خليجيا وعربيا بين المستثمرين في عمان والثالثة دوليا.
وفي المجال السياحي فقد نفذت وزارة التراث والسياحة العمانية في يناير الماضي حملة تسويقية في الكويت تحت شعار (عمان.. للجمال عنوان) ما أثمر ارتفاع عدد الزوار الكويتيين للسلطنة إلى 33 ألف زائر حتى نهاية سبتمبر الماضي مع توقعات بوصول العدد إلى 50 ألفا نهاية العام الحالي.
وعلى الصعيد الثقافي والفني والإعلامي تحل سلطنة عمان ضيف شرف في معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ48 المنعقدة حاليا حيث سيتم تسليط الضوء على المنجزات الثقافية والتراثية العمانية المتميزة والاحتفاء بالوزير والمستشار السابق محمد بن الزبير بن العلي باعتباره (الشخصية الثقافية) لهذه الدورة.
كما سيشارك الأمين العام للمتحف الوطني العماني جمال بن حسن الموسوي في الموسم الثقافي الـ30 لدار الآثار الإسلامية في الكويت بمحاضرة بعنوان (بعد اجتماعي يتخطى السردية المتحفية) وذلك في 24 الجاري.
وفي إطار هذا التعاون شاركت وزارة الإعلام الكويتية ممثلة بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب خلال شهر أبريل الماضي في (معرض مسقط للكتاب) بدورته الـ29 إضافة إلى مشاركة رابطة الأدباء الكويتيين لأول مرة خارجيا منذ تأسيسها في مطلع الستينيات.
كما شارك البلدان في مهرجانات مسرحية متبادلة إذ شاركت نقابة الفنانين والإعلاميين الكويتيين في (سمبوزيوم) – وهو معرض لناتج الأعمال- أقيم في مدينة صلالة خلال الفترة من 20 إلى 24 أغسطس الماضي.
وعلاوة على ذلك استضافت وزارة التراث والسياحة العمانية عددا من الإعلاميين والصحفيين الكويتيين من جهات رسمية وخاصة قاموا بجولات في محافظة ظفار والتنسيق جار لاستضافة مجموعة أخرى لزيارة مواقع سياحية في عدد من محافظات السلطنة.
وكان سلطان عمان السلطان هيثم بن طارق أعلن من كلمة ألقاها خلال الاحتفال بالذكرى الخامسة لتوليه مقاليد الحكم في السلطنة في يناير الماضي أن يوم 20 من نوفمبر من كل عام سيكون يوما وطنيا للسلطنة بدلا من 18 نوفمبر قائلا إنه اليوم الذي”تشرفت فيه الأسرة البوسعيدية بخدمة الوطن منذ عام 1744 على يد الإمام المؤسس أحمد بن سعيد البوسعيدي”.
ودعا السلطان هيثم حينها دول العالم إلى التضافر من أجل بناء عالم تسوده قيم الإنسانية والعدالة وتحترم فيه مقدسات كل أمة وهويتها ودينها ومعتقداتها وأخلاقها وكرامة الإنسان فيه مصونة وحقوقه مكفولة.