فتحت عناصر تابعة للمفتشية العامة للمالية تحقيقات موسعة حول شبهات خروقات طالت صفقات لبيع متلاشيات بالمليارات، تعود لمؤسسات ومقاولات عمومية، وذلك بعد التوصل بتقارير كشفت عن سمسرة في صفقات متواترة استفادت منها شركات بعينها، وتلاعبات في صياغة طلبات عروض ودفاتر شروط خاصة (CPS)، ما تسبب في إقصاء مئات المنافسين.
وعلمت هسبريس من مصادر جيدة الاطلاع بحلول مفتشي المالية بمصالح مؤسستين عموميتين بالدار البيضاء والرباط، لغاية التدقيق في شبهات تلاعب بصفقات بيع متلاشيات، عبارة عن مركبات وآليات وتجهيزات صناعية مختلفة، استفادت منها شركات “محظوظة”، تكرر اسمها في صفقات فوتتها مؤسسات ومقاولات عمومية أخرى خلال السنوات الأربع الماضية.
وأفادت المصادر ذاتها بتوقف مصالح التفتيش عند وقائع تفصيل طلبات عروض على مقاس شركات، تبين لاحقا أنها “صورية”، لا يعكس رأسمالها حجم المعاملات التي تنجزها سنويا، موضحة أن المفتشين طلبوا معطيات حول هذه الشركات من المديرية العامة للضرائب، للتثبت من حقيقة نشاطها والبحث عن هوية المساهمين فيها وعلاقاتهم بمسؤولين عموميين، ومؤكدة أن الأمر يتعلق بصفقات بالمليارات همت آليات وتجهيزات اقتنيت سابقا من قبل إدارات عمومية بمبالغ مهمة.
وأكدت مصادر الجريدة رصد جهاز التفتيش التابع لوزارة الاقتصاد والمالية اختلالات في معالجة مزادات المتلاشيات التابعة لمؤسسات ومقاولات عمومية، بعد ورود شكايات على مفتشية المالية ووزارة الداخلية والمجلس الأعلى للحسابات، مشددة على أن التحقيقات ركزت على التأكد من شبهات تورط مسؤولين كبار في عمليات سمسرة لفائدة شركات خاصة، إضافة إلى استعمال شركات واجهة للاستفادة من ريع الخردة، فيما تتواصل أبحاث وتحريات المفتشين حول ارتباط موظفين عموميين بمساهمين في هذه الشركات.
وكشفت مصادر هسبريس عن امتداد مهام التدقيق إلى محاضر التسليم الخاصة بصفقات متلاشيات، بعد تسجيل شبهات تلاعب دفعت المفتشين إلى افتحاص حجم المبيعات وعددها، وكذا تصريحات شركات فائزة بصفقات لدى مصالح الخزينة والضرائب، مؤكدة رصد حالات إلغاء مشبوهة لطلبات عروض وتأجيل بعضها إلى آجال غير محددة.
وسجل مفتشو المالية اختلالات في صفقات مؤسسات ومقاولات عمومية عقب عمليات تدقيق استغلت قنوات تبادل المعطيات مع عدة إدارات شريكة، ما مكن من كشف ممارسات مشبوهة من قبل بعض مكاتب الدراسات المتدخلة في إعداد طلبات عروض. كما حملت مراسلات شركات منافسة شكاوى بشأن إدراج شروط تعجيزية أثرت على مبدأ المنافسة وأقصت عددا من الشركات رغم توفرها على الشروط القانونية، في مخالفة صريحة لمقتضيات مرسوم الصفقات العمومية.
وتوصلت عناصر التفتيش بمعطيات دقيقة حول نشاط متزايد لوسطاء في صفقات المتلاشيات العمومية، إذ أكدت مصادر الجريدة أن إعداد طلبات عروض صفقات في عدد من الوزارات والمؤسسات والمقاولات العمومية شابته اختلالات، أدت إلى إلغاء بعضها بسبب أخطاء تقنية وقانونية، مع تسجيل تلاعب في الشروط والبنود الاستثنائية لضمان استفادة شركات بعينها.
وشددت المصادر ذاتها على أن مهام التدقيق انصبت أيضا على تحديد الأسعار المرجعية في بعض طلبات العروض، التي جاءت في أحيان كثيرة أقل من أسعار السوق بحوالي 30 في المائة، ما مكن شركات صغيرة من تحقيق أرباح كبيرة من صفقة أو صفقتين في وقت وجيز، كما هو الحال بالنسبة إلى شركة مقرها بالدار البيضاء تأسست قبل سنوات قليلة فقط، واستطاعت رفع رقم معاملاتها إلى مستويات قياسية بعد انتزاعها صفقات مشبوهة.
المصدر: وكالات
