طرابلس/ محمد ارتيمة / الأناضول
** رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أحمد حمزة، بحديث للأناضول:
– الرؤية الأمنية لم تُجدِ نفعا منذ عقدين في مكافحة الهجرة غير النظامية فهو ملف شائك ذو أبعاد إنسانية وقانونية وحقوقية
– مكافحة الهجرة يجب أن تبدأ بتأمين الحدود عبر إغلاق بوابة الجنوب أمام المهاجرين وتنتهي باعتراض قوارب الهجرة
– الدعوات لرفض توطين المهاجرين والأجانب، وبينهم فلسطينيون – وإن كانت مشروعة – فإنها لا تبرر العنف والاعتداءات بحقهم
– توجد انتهاكات بحق مهاجرين في مركزي إيواء وصلت حدّ الاتجار بالبشر وفرض أسعار للإفراج عن المهاجرين
يرى رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا (غير حكومية) أحمد حمزة أن مكافحة الهجرة غير النظامية تبدأ بإغلاق بوابة جنوب البلاد، معتبرا أن الحلول الأمنية فشلت في معالجة هذا الملف “الشائك”.
وقال حمزة، في مقابلة مع الأناضول: “ملف الهجرة ملف شائك، ويحتاج إلى رؤية متكاملة وتعاضد وتكاتف الجهود وتكامل أدوار كل الأطراف”.
وأعرب عن اعتقاده بأن “الحكومة الليبية لا تضع في أولوياتها ملف الهجرة، وهذا أحد المآخذ التي تؤخذ عليها، حيث تتعامل معه كردّات فعل وليس كفاعل”.
وفي يوليو/ حزيران الماضي، أعلن رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، خلال اجتماع موسع بطرابلس، أن حكومته على وشك الانتهاء من حملة واسعة لمكافحة شبكات الهجرة غير النظامية.
وأضاف حمزة أن “غياب آليات حقيقية للتعاون حتى بين مؤسسات الدولة، وعدم توحيد الجهود، جعل المؤسسات الحقوقية يُنظر إليها كعدو وليس كشريك”.
واعتبر أن “هذه (هي) النظرة الحقيقية في كل الملفات، وليس في ملف الهجرة” فحسب.
حمزة رأى أن “الرؤية الأمنية العقيمة لم تُجدِ نفعا منذ عقدين من الزمن، وفشلت في معالجة هذا الملف ذي الأبعاد الإنسانية والقانونية والحقوقية”.
** رفض التوطين
وبخصوص الدعوات إلى عدم توطين المهاجرين والأجانب، بمن فيهم الفلسطينيين، في ليبيا قال حمزة إن “هذه الدعوات وإن كانت مشروعة لكننا نرفض أن تكون مبررة للعنف”.
وتابع: “كما نرفض أن تكون مبررة لانتهاك حقوق المهاجرين والوافدين والعاملين الأجانب في ليبيا أو المقيمين في ليبيا (..) ومنها ما طال عدد كبير من المهاجرين في الأيام الماضية”.
وكذلك “التحريض والإساءة للأشقاء الفلسطينيين الموجودين على الأراضي الليبية”، كما زاد حمزة.
وشدد على أن “هذا أمر مستهجن ومرفوض، وطبقا للتشريعات والقوانين النافذة التي تجرم هذه الأعمال، يجب محاسبة المسؤولين عنها وكل مَن تورط في ارتكابها أو حرض على ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية”.
ودعا إلى عدم الانجرار وراء المعلومات المغلوطة والشائعات، مذكّرا أن “الفلسطينيين أساسا لا يقبلون البقاء في بلد غير بلدهم، لكن الظروف القاهرة أجبرتهم على اللجوء أو الإقامة في دول أخرى منذ عام النكبة” 1948.
وفي مارس/ آذار الماضي، أكد الدبيبة أن ليبيا لن تكون موطنا للهجرة غير النظامية، وأن أمن واستقرار الشعب الليبي خط أحمر.
** حقوق الفلسطينيين
وحول حقوق الفلسطينيين في ليبيا، تحدث حمزة عن “الأشقاء الفلسطينيين، وخاصة الذين أُجبروا على الخروج من فلسطين منذ عام 1967، ومنهم سكان الضفة الغربية”.
وأضاف أنهم “ظلّوا يعيشون في ليبيا منذ عهد المملكة الليبية (1951-1967)، مروا بالنظام السابق (معمر القذافي 1969-2011)، وصولا إلى العهد الراهن”.
واستدرك: “رغم ذلك لم تُمنح لهم الجنسية الليبية، وإنما تم منحهم بعض الحقوق الأساسية، مثل التعليم والرعاية الصحية والعمل عبر نظام التعاقد، تماما كما هو الحال مع أي عامل أجنبي”.
** محاولات خارجية
وبشأن محاولات جهات خارجية وضع مخطط لتوطين المهاجرين في ليبيا، قال حمزة: “نتعاطى اليوم مع فرضيات أو تكهّنات أو تسريبات”.
وأردف: “ولكن حتى إن وُجد مخطط، فإن مواجهته لا تكون بالتحريض على العنف والكراهية ضد المهاجرين”.
وتابع: “وإنما بوضع سياسة وطنية تبدأ بتأمين الحدود الجنوبية، وتنتهي بوقف عمليات الصد والاعتراض لقوارب المهاجرين من قبل خفر السواحل”.
حمزة اعتبر أن “المعالجة الحقيقية تنطلق من الجنوب، لأن أي حلول في السواحل أو المدن الساحلية، مثل طبرق أو رأس جدير، لن تكون ذات جدوى طالما بوابة الدخول مفتوحة” أمام المهاجرين من دول أخرى.
وتعد ليبيا نقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين غير النظاميين الفارين من الحرب والفقر في إفريقيا جنوب الصحراء والشرق الأوسط، والراغبين في الانتقال إلى أوروبا.
ورأى حمزة أن “الاتفاقيات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي حولت ليبيا إلى مجرد حارس على السواحل الجنوبية لأوروبا، وهذا لا يخدم المصلحة الوطنية العليا لليبيا”.
** انتهاكات بمراكز إيواء
حمزة تحدث عن “انعدام الرعاية الصحية والدعم النفسي وسوء المعاملة في مراكز الإيواء (للمهاجرين)، إضافة إلى غياب التدريب واللغة لدى العناصر الأمنية القائمين على تلك المراكز”.
وأفاد بوجود تأخر في “رحلات العودة الطوعية ولم الشمل، فهناك مَن كان برفقة زوجته وأبنائه، وباتت زوجته في مكان معتقلة أو موقوفة وهو في مكان وأبنائه في مكان (…) ناهيك عن الانتهاكات الأخرى”.
وشدد على وجود “انتهاكات خطيرة في مركز إيواء بئر الغنم، التابع لمكتب نائب رئيس جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، ومركز إيواء العسة، وصلت إلى حدّ الاتجار بالبشر وفرض أسعار للإفراج عن المهاجرين”.
“بعض المهاجرين يُجبرون على دفع مبالغ مالية لاسترجاع جوازات سفرهم تصل إلى 3 آلاف دينار (أكثر من 550 دولار)، فيما تتراوح أسعار الإفراج بين 5 آلاف (أكثر من 900 دولار) و20 ألف دينار (نحو 3700 دولار) بحسب الجنسية”، وفقا لحمزة.
وتابع: “رأينا أصنافا عديدة، كالضرب والابتزاز والحرمان من الأكل، وأساسا مركز إيواء بئر الغنم ومركز إيواء العسة (جنوب غرب طرابلس) أشبه ما يكونان بأوكار للهجرة وليست بمراكز”.
وأوضح أنهما عبارة عن حاويات من صفيح “يوضع ويحشر فيها مئات من المهاجرين، وهذا عمل غير إنساني وغير أخلاقي”.
** دور الجهات القضائية
وبشأن تعاون السلطات القضائية مع المنظمات الحقوقية في ملف الهجرة، قال حمزة: “في الوقت الراهن هناك تعاون كامل وشامل وتبادل للمعلومات”.
وأوضح أن هذا يحدث “سواء مع مكاتب المحامين العامين في محاكم الاستئناف أو مع مكتب النائب العام، بما في ذلك نيابة الهجرة بمكتب النائب العام وقسم حقوق الإنسان التابع له”.
وأضاف: “وقد كان التعاون قائما في مختلف المستويات وجميع الحالات التي أُحيلت من جانبنا، وخاصة في القضايا التي تتضمن شقا جنائيا واضحا أو تتطلب معالجة حكيمة تراعي المسؤولية القانونية والجنائية والإنسانية معا”.
حمزة استطرد: “وقد أُوجدت حلول ومعالجات لهذه القضايا”.
وختم بالإعراب عن أمله “أن يشكل ذلك دافعا للسلطات للاستمرار في المعالجة عبر التعاون والتكامل، بعيدا عن الرؤية الأحادية أو الحلول المنفردة التي تغيب عنها بقية الأطراف”.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات