صحة
«هرمون الجوع» أو ما يُعرف علميًا باسم «الجريلين»، بات أحد أكثر المصطلحات تداولًا في مجالات الصحة والتغذية مؤخرًا، ومع تصاعد معدلات السمنة والإقبال الكبير على أنظمة الريجيم والدايت، أصبح فهم هذا الهرمون ضرورة لكل من يسعى للتحكم في وزنه أو تنظيم شهيته، وفي هذا السياق، كشف الدكتور محمد الحوفي، أستاذ علوم التغذية بجامعة عين شمس، عن معلومات مهمة حول هذا الهرمون، وطبيعة تأثيره على الجسم.
ما هو هرمون الجوع؟
يقول الدكتور الحوفي إن «الجريلين» هو هرمون يفرز بشكل أساسي من المعدة، وتحديدًا عندما تكون فارغة، ويرسل إشارات إلى المخ ليُشعر الإنسان بالجوع، ويعمل الجريلين كمؤشر حيوي يُحفز الجسم على تناول الطعام، حيث يبدأ مستواه في الارتفاع قبل الوجبة وينخفض بعدها مباشرة.
وأضاف الحوفي أن هذا الهرمون لا يقتصر فقط على دوره في الشعور بالجوع، بل يُشكل أيضًا دورًا في تنظيم التمثيل الغذائي، وتحفيز إفراز هرمون النمو، وتأثيره على الحالة المزاجية.

لماذا يُفرز هرمون الجوع؟
يشير الحوفي إلى أن الجسم يفرز الجريلين بشكل تلقائي عندما يشعر بنقص في الطاقة أو حين تفرغ المعدة، وبمجرد تناول الطعام، تبدأ مستوياته بالانخفاض تدريجيًا، ولكن هناك عوامل أخرى تؤثر في معدل إفرازه، من بينها:
قلة النوم: تؤدي إلى زيادة مستويات الجريلين في الجسم، ما يزيد الشهية.
الضغط النفسي: يمكن أن يحفز الشهية عبر تأثير غير مباشر على إفراز الجريلين.
نوعية الطعام: الأغذية عالية الدهون أو السكر قد تؤثر على توازن الهرمونات المنظمة للشهية.

علاقة هرمون الجوع بالسمنة
يربط الحوفي بين الجريلين والسمنة من زاويتين: الأولى أنه يُحفز الجوع والرغبة في تناول الطعام، والثانية أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة غالبًا ما يكون لديهم خلل في الاستجابة لهذا الهرمون، إذ قد لا يشعرون بالشبع حتى بعد انخفاض مستوياته.
وأوضح أن بعض الدراسات أظهرت أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة قد تكون لديهم مستويات غير معتادة من الجريلين، أو أن أجسامهم لا تتفاعل بشكل طبيعي مع تغيراته، ما يجعلهم أكثر عُرضة لتناول كميات أكبر من الطعام.
كيف نتحكم في هرمون الجوع؟
يؤكد الدكتور الحوفي أن هناك عدة استراتيجيات فعالة تساعد على تنظيم إفراز الجريلين، منها:
تناول وجبات منتظمة، تقسيم الطعام إلى 5 وجبات صغيرة على مدار اليوم يساعد في تقليل الإحساس بالجوع.
الإكثار من البروتينات، فيساهم البروتين في الشعور بالشبع ويخفض إفراز الجريلين.
شرب المياه بكثرة، ليساعد على ملء المعدة وإرسال إشارات للشبع.
النوم الجيد، إذ يُعد الحصول على 7-8 ساعات من النوم يوميًا يُقلل من إفراز الهرمون.
الابتعاد عن التوتر، فإدارة التوتر تساعد في ضبط مستويات الهرمونات عمومًا، ومنها الجريلين.
هل توجد أدوية أو مكملات تتحكم في هرمون الجوع؟
أوضح الحوفي أنه لا توجد حتى الآن أدوية مرخصة للتحكم في إفراز الجريلين بشكل مباشر، وأن الاعتماد الأساسي يجب أن يكون على نمط الحياة والتغذية السليمة.
وأضاف أن هناك أبحاثًا جارية حاليًا على بعض المركبات التي قد تقلل من تأثير الجريلين أو تعيق ارتباطه بمستقبلاته في المخ، ولكن لم تصل بعد إلى مرحلة التطبيق السريري الآمن.
تأثير الصيام على هرمون الجوع
تحدث الحوفي عن ظاهرة مثيرة، وهي كيف ينخفض الإحساس بالجوع تدريجيًا أثناء الصيام، رغم عدم تناول طعام لساعات طويلة، ويُرجع ذلك إلى أن الجسم يبدأ بالتكيف مع نمط الصيام بعد عدة أيام، ويبدأ الجريلين في التراجع خلال أوقات محددة.
وأضاف أن الصيام المتقطع، كنظام غذائي، قد يساعد البعض على ضبط شهيتهم وتحسين استجابتهم لهرمون الجوع، بشرط أن يُمارس بطريقة علمية وتحت إشراف طبي.
كما أكد أستاذ التغذية العلاجية، أن الجوع ليس دائمًا مؤشرًا على حاجة الجسم للطعام، بل أحيانًا يكون تعبيرًا عن نقص نوم، توتر، أو حتى عادة غذائية خاطئة، فالحل لا يكون في الأكل فقط، بل في معرفة السبب الحقيقي وراء الشعور بالجوع، وتعديله من الجذر.
ويُشدد الحوفي على أهمية عدم تجاهل الإشارات البيولوجية، ولكن في الوقت ذاته، ضرورة عدم الخضوع لها بشكل أعمى.
هل يمكن خداع هرمون الجوع؟
أوضح الحوفي أنه يمكن استخدام استراتيجيات مثل تناول الخضراوات الغنية بالألياف، أو شرب الشوربة الدافئة قبل الوجبة، أو حتى مضغ العلكة، لتقليل تأثير الجريلين على المخ.
