غزة/ محمد ماجد/ الأناضول
ـ أحمد، نجل الضحيتين يروي للأناضول تفاصيل الساعات الأخيرة قبل استشهادهما، حيث كان على تواصل مع والديه حتى لحظة احتجازهما، قبل أن يتم قطع الاتصال قسرا من قبل الضباط الإسرائيليين.
– علم أحمد عبر وسائل الإعلام أن والديه استخدما كدروع بشرية، وبعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من حي الزيتون حيث وجدهم أشلاء ممزقة.
تتكشف يوميا فصول جديدة من الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث يروي الفلسطيني أحمد محمد أبو حسين تفاصيل مروعة عن استخدام الجيش الإسرائيلي لوالديه المسنين كدروع بشرية قبل قتلهم في حي الزيتون بمدينة غزة خلال الإبادة التي ارتكبتها تل أبيب بدعم أمريكي.
في مايو 2024، ومع اجتياح الجيش الإسرائيلي للحي، اضطر المسنان محمد أبو حسين (80 عاما) وزوجته مزيونة أبو حسين (76 عاما) للبقاء في منزلهما، غير قادرين على النزوح إلى منطقة أخرى، لاعتقادهما بأن كبر سنهما سيحميهما من أي اعتقال.
لكن هذا الاعتقاد كان خاطئا، إذ فور العثور عليهما داخل منزلهما، اعتقلهما الجنود الإسرائيليون واستخدموهما كدروع بشرية للتنقل في الحي، قبل أن يقوموا بقتلهما بدم بارد.
**تفاصيل الساعات الأخيرة
يروي أحمد، نجل الضحيتين للأناضول، كنت وعائلتي في المنزل عندما بدأ الاجتياح، فاضطررنا للنزوح إلى حي الدرج، تركنا والدي في البيت لعدم قدرتهما على النزوح، فلم نتوقع أن يتعرضا لأي أذى.
وقال: “طوال 4 أيام كنا على تواصل معهما عبر الهاتف، إذ كان والدي يفتح هاتفه عند السادسة صباحا ليطمئننا ثم يغلقه”.
في اليوم الخامس، وفي تمام الساعة السادسة صباحا، لاحظ أحمد تغيرا في نبرة صوت والده ويلبسها “الرعب” خلال المكالمة: “شعرت بالخوف والرهبة، فقد كان يوصينا بخواتي وبمن حولنا وكأنه يودعنا كان خائفا مرعوبا، حاولت تهدئته، لكنه كان خائفا بشكل واضح”.
بعدها بدقائق، تحدث أحمد مع والدته التي بدت مرتعبة أيضا، قائلة: “الجيش يقترب منا، يدخل البيوت”.
في العاشرة صباحا، حاول أحمد الاتصال بوالده مرة أخرى، وحين أجابه، كانت كلماته صادمة: “الجيش عندي”، صمت الأبن قليل ولا يعرف ماذا سيتحدث وماذا سيحدث.
سمع أحمد صوت أحد الضباط الإسرائيليين يسأل والده عمن يتحدث معه، وعندما أجابه بأنه ابنه، أمره الضابط بإغلاق الهاتف على الفور، ليقطع الاتصال نهائيا.
**دروع بشرية قبل الإعدام
وعلم أحمد أن الجيش الإسرائيلي استخدم والديه نحو ثماني ساعات كدروع بشرية في الحي، حيث قال للأناضول: “تم استخدامهما كدروع بشرية قبل تفجيرهما من قبل جيش الاحتلال في شهر مايو (2024)”.
وخلال الأيام الماضية تلقى أحمد أخبارا مروعة عبر وسائل الإعلام، حيث كشف أحد ضباط الجيش الإسرائيلي أنهم استخدموا والديه دروعا بشرية أثناء اقتحام المنازل، ثم قاموا بتفجيرهما بعد تقييدهما بأحزمة ناسفة.
عند انسحاب القوات الإسرائيلية من الحي، سارع الابن إلى منزله لتفقد والديه، لكنه وجد حطاما ورمادا فقط.
توجه إلى مستشفى الأهلي العربي حيث أُبلغ بأن والدته استُشهدت، وعند رؤية جثمانها، لم يجد سوى أشلاء ممزقة، في مشهد وصفه بـ”المرعب”
أما والده، الذي كان يتكئ على عكازه أثناء احتجازه، فقد عُثر عليه ممزقا إلى أجزاء، إذ تم تقييده بمتفجرات وتفجيره عن بعد، حسب قوله.
**صرخة وجع وألم
وتساءل أحمد، أين الإنسانية؟ أي وحشية هذه، التي تدفعهم لتفجير رجل مسن وزوجته بهذه الطريقة البشعة؟ “أتحدث الآن والنار تشتعل في قلبي من هول ما رأيت.. تخيل أن يتم تفجير والديك ولا تجد سوى أشلاء منهما”.
وكشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، عن حادثة “وحشية”، اتهم فيها الجيش الإسرائيلي بإعدام زوجين فلسطينيين مسنين في قطاع غزة، بعد استخدامهما دروعا بشريا.
جاء ذلك وفق تحقيق ميداني نشره المرصد (مقره جنيف) على موقعه الإلكتروني، قام على التدقيق والتحقق من ملابسات حادثة مقتل زوجين في قطاع غزة، نشرها موقع “همكوم” العبري ومقارنتها بشهادة نجل الضحيتين ومعطيات العمل الميداني.
وقال المرصد إن “تحقيقاته الميدانية توصلت إلى هوية مسنين فلسطينيين استخدمتهما قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي درعين بشريين قبل قتلهما بطريقة وحشية خلال اجتياح حي الزيتون، جنوب مدينة غزة، في مايو/أيار الماضي”.
**إقرار ضباط الجيش الإسرائيلي
وكشف تحقيق صحفي أجراه موقع “هاماكوم” الإسرائيلي اليساري، عن جريمة مروعة نفذها جيش إسرائيل خلال الإبادة التي ارتكبها بقطاع غزة، حيث استخدم مسنا فلسطينيا في سن الثمانين كدرع بشري قبل إعدامه ميدانيا برفقة زوجته، خلال عملية عسكرية بحي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة في مايو/ أيار 2024.
وحسب التحقيق الذي نشر يوم 15 فبراير/شباط الجاري، استند إلى شهادات عسكريين إسرائيليين خدموا بغزة، قام ضابط من لواء “ناحال” بربط متفجرات حول عنق مسن فلسطيني، وأجبره على السير أمام الجنود خلال اقتحام المنازل، مهددا إياه بتفجير رأسه في حال عدم الامتثال للأوامر.
وأُجبر المسن على مرافقة القوات العسكرية لمدة 8 ساعات، حيث أجبر لدخول المنازل أولا للتأكد من خلوها من المسلحين أو المتفجرات، حسب إفادات العسكريين الإسرائيليين.
وأشار التحقيق إلى أن قوة إسرائيلية وجدت المسن وزوجته في أحد المنازل التي اقتحمتها، بعد أن تعذر عليهما النزوح لمكان آخر.
وقال أحد الشهود من العسكريين للموقع: “كان الرجل يمشي متكئا على عصا، وأكد للقوات الإسرائيلية إنهما (هو وزوجته) لم يتمكنا من السير لمسافة طويلة والنزوح إلى ما تسمى بالمنطقة الإنسانية (جنوب القطاع)”.
وبعدما انتهى الجيش من استغلاله كدرع بشري، تم إخراجه وزوجته إلى منطقة أخرى، إلا أن قوات أخرى لم يتم إبلاغها بوجودهما، فأطلقت عليهما النار فور رؤيتهما، ما أدى إلى مقتلهما في الشارع.
ووصف موقع “هاماكوم” هذه الممارسة بأنها جزء مما يُعرف داخل الجيش الإسرائيلي باسم “نهج البعوض”، حيث يتم إجبار المدنيين الفلسطينيين على تنفيذ مهام خطرة لحماية الجنود من الهجمات.
ورغم نفي الجيش الإسرائيلي لهذه السياسة، أكد الموقع، استنادا إلى شهادات جنود، أن استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية أصبح “ممارسة ممنهجة” خلال الحرب الأخيرة على غزة.
وكانت منظمات حقوقية محلية ودولية قد وثقت سابقا انتهاكات مماثلة، وسط دعوات لفتح تحقيقات دولية بشأن جرائم الحرب المحتملة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
ومنذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحتى 19 يناير 2025، وبدعم مباشر من الولايات المتحدة، ارتكبت إسرائيل إبادة جماعية في قطاع غزة، حيث أسفرت العمليات العسكرية عن مقتل وإصابة أكثر من 160 ألف فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 14 ألف مفقود لا تزال جثثهم تحت الأنقاض.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات