لتحقيق هذا الهدف يجب أن يكون أولاً استقرار سياسي في المنطقة، وقد شهدنا في الأيام الأخيرة بداية تحويل في السياسة وكأننا نعيش حلماً، في سوريا مثلاً، سقط نظام الأسد الذي دام أكثر من ستين عاماً، وقال أحمد الشرع، رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، على أهمية استلهام التجربة السعودية في البناء والتطوير، مشيراً إلى أن سوريا بحاجة إلى شجاعة وجرأة تماثل تلك التي أظهرها الأمير محمد بن سلمان، في قيادة التغيير داخل المملكة.
أما في لبنان دعمت المملكة العربية السعودية لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بعد شغور أكثر من سنتين، وقال الرئيس جوزيف عون إثر انتخابه إن أول مقصد له في زياراته الخارجية ستكون المملكة العربية السعودية إيماناً بدورها التاريخي في مساندة لبنان والتعاضد معه، وتأكيداً على عمق لبنان العربي كأساس لعلاقات لبنان مع محيطه الإقليمي.
على غرار أوروبا التي شهدت تحولات اجتماعية ضخمة بعد الحرب العالمية الثانية، يسعى محمد بن سلمان إلى إعادة تشكيل المجتمع السعودي والعربي من خلال:
– الانتقال إلى اقتصاد المعرفة: هذا التوجه يهدف إلى تحفيز الشباب في المنطقة على الابتكار والقيادة في المجالات التقنية الحديثة، مما يعزز من قدرة الشرق الأوسط على المشاركة في الاقتصاد العالمي المعرفي.
– الاستثمار في البنية التحتية والسياحة: منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً السعودية، تعتبر واحدة من أسرع الأسواق في العالم من حيث النمو في مجال البنية التحتية والسياحة.
– تحفيز الاستثمارات: يطمح محمد بن سلمان إلى تعزيز السياحة وجذب الاستثمارات الدولية إلى المنطقة، مما يعزز من قدرة الشرق الأوسط على تأكيد نفسه كوجهة عالمية للنمو الاقتصادي والاجتماعي.
في تصوره للشرق الأوسط كـ«أوروبا جديدة»، يسعى محمد بن سلمان إلى جعل المنطقة محوراً عالمياً في المستقبل القريب. هذا لا يعني فقط بناء اقتصادات محلية قوية، بل أيضاً تعزيز التكامل الاقتصادي بين دول المنطقة. قد تكون هذه الرؤية جزءاً من دفع المنطقة نحو التعاون الإقليمي المكثف، مثل منطقة التجارة الحرة أو الاتحادات الاقتصادية بين دول الخليج والشرق الأوسط.
رؤية سمو الأمير محمد بن سلمان للشرق الأوسط كـ«أوروبا الجديدة» تتجاوز مجرد تحديث الاقتصاد السعودي إلى رؤية أشمل لخلق منطقة متطورة، مزدهرة، وقادرة على المنافسة على الساحة الدولية. باستخدام الابتكار، التنوع الاقتصادي، وإعادة الهيكلة الاجتماعية، يسعى ولي العهد السعودي إلى إرساء أسس جديدة للشرق الأوسط كقوة عالمية جديدة. رغم التحديات، فإن هذه الرؤية تمثل أملاً جديداً لهذه المنطقة التي طالما كانت في قلب التحولات العالمية، ويمكن أن تكون النواة لتطورات عظيمة في المستقبل القريب.