وجرت عملية الانتخاب أمس (الخميس) بعد شغور دام سنتين وشهرين، تمّت على مرحلتين، بعدما فشلت الدورة الأولى بتأمين الأصوات المطلوبة بفعل تعنت الثنائي الشيعي في بادئ الأمر على الإيحاء أن أي قرار يجب أن يمر عبره، وفي الدورة الثانية أوعز نبيه بري إلى حاملي الأوراق البيضاء التي وضعت في صندوق الدورة الأولى أن يجيروها لصالح جوزيف عون، وكأنه مهندس تدوير الزوايا أو مهندس مرحلة ما بعد 9 يناير، الذي سيدخل كيوم تاريخي في سجل الأحداث الإيجابية من عمر لبنان.
الرئيس جوزيف عون فور الإعلان عن فوزه توجه إلى مجلس النواب حيث جرت مراسم استقباله ثم أدى القسم الدستوري أمام النواب، وفي كلمة مكتوبة ألقاها بعد القسم لخص مشروع الحكم الذي سيكون عليه لبنان خلال عهده، فكان صارماً وواضحاً، وبدأ كلامه بأنه يجب تغيير الأداء السياسي في لبنان.
وقال الرئيس الجديد: «عهدي إلى اللبنانيين أينما كانوا وليسمع العالم كله أن اليوم بدأت مرحلة جديدة من تاريخ لبنان، وسأكون الخادم الأول للحفاظ على الميثاق ووثيقة الوفاق الوطني، وأن أمارس صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة كحكم عادل بين المؤسسات. فإذا أردنا أن نبني وطناً فإنه علينا أن نكون جميعاً تحت سقف القانون والقضاء».
وشدّد على أن التدخل في القضاء ممنوع ولا حصانات لمجرم أو فاسد ولا وجود للمافيات ولتهريب المخدرات وتبييض الأموال، مضيفاً: «عهدي هو التعاون مع الحكومة الجديدة لإقرار مشروع قانون استقلالية القضاء. عهدي أن أطعن بأي قانون يخالف الدستور. عهدي هو الدعوة لإجراء استشارات نيابية بأسرع وقتٍ لاختيار رئيس حكومة يكون شريكاً وليس خصماً».
وتعهد الرئيس جوزيف عون بالعمل على تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح، واستمرار الجيش في ضبط الحدود وتثبيتها جنوباً وترسيمها شرقاً وشمالاً ومحاربة الإرهاب وتطبيق القرارات الدولية ومنع الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان. وأشار إلى أنه سيناقش استراتيجية دفاعية كاملة على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بما يمكن الدولة اللبنانية من إزالة الاحتلال الإسرائيلي وردع عدوانه.
وتطرق عون إلى كافة الملفات الشائكة في الداخل والخارج، مشدداً على ممارسة سياسة الحياد الإيجابي وتفعيل العلاقات مع المجتمع الدولي، وختم بالقول: «لا مجال لإضاعة الوقت أو لإضاعة الفرص».
السيرة الذاتية:
وُلد الرئيس جوزيف عون في 10 يناير 1964 في بلدة سن الفيل، قضاء المتن، وبدأ مسيرته العسكرية عام 1983 عندما التحق بالكلية الحربية كتلميذ ضابط. وفي عام 1985، تخرج برتبة ملازم ليبدأ مسيرته في التسلسل العسكري، وتدرج في المناصب القيادية ليشغل العديد من المهمات العسكرية، منها قيادة اللواء التاسع.
لم تقتصر مسيرته العسكرية على الخبرات المحلية فقط، فقد شارك في عدة دورات تدريبية داخل لبنان وخارجه، بما في ذلك دورات متخصصة في الولايات المتحدة الأمريكية. ومع تطور قدراته تمت ترقيته في عام 2013 إلى رتبة عميد ركن، قبل أن يُعيّن قائدًا للجيش في 2017 برتبة عماد، مما عزز من مكانته كأحد أبرز القيادات العسكرية في المنطقة.
يحمل العماد عون إجازة في العلوم السياسية مع تخصص في الشؤون الدولية، إضافة إلى شهادة جامعية في العلوم العسكرية. هذه المؤهلات الأكاديمية تعكس مدى استعداد جوزيف عون للمشاركة في الحياة السياسية اللبنانية.
وتزوج جوزيف من نعمت نعمة، ولهما ولدان هما خليل ونور. وقد تحدثت السيدة نعمة في تصريحات سابقة لمجلة الجيش اللبناني، في نيسان 2020، عن زوجها قائلة إن المؤسسة العسكرية كانت بمثابة «زوجة ثانية» له، مشيرة إلى أنه كان يضحي بحياته الشخصية من أجل الوطن، وأنها كانت تتحمّل مسؤولية كبيرة في إدارة شؤون الحياة اليومية.