ورغم تطور التقنية في صناعة بيوت الشّعَر ومنسوجاتها المتنوعة لم تتأثر السوق الشعبية وما زالت هذه الحرفة تعتمد على الحياكة اليدوية، إضافة إلى «قطع السجاد المصنوعة يدوياً، والتي لا تزال محور اهتمام الخليجيين، كونها مصنوعة من الصوف الطبيعي، ومزيّنة بالنقوش الأقرب إلى طبيعة المملكة». وتشهد صناعة بيوت الشّعَر بمحافظة حفر الباطن طلباً كبيراً من مختلف مناطق المملكة.
وقد استحوذت مخيمات المبيت والضيافة في مهرجان الملك عبد العزيز للإبل في نسخته التاسعة المقامة تحت شعار «عز لأهلها» 30%، مما عكس هذا الإقبال الكبير على التخييم الجمع بين التراث والحداثة، والتأكيد على الموروث السعودي.
وأعلنت هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية، (الأحد)، عن انطلاق فعاليات وأنشطة «مخيم النايلات» الذي أقامته داخل حدودها بمنطقة حائل، ويستمر لمدة 45 يومًا.
وتشهد محافظة العُلا إقبالًا متزايدًا على المخيمات، ويعود ذلك لانخفاض درجات الحرارة في المحافظة مع بداية فصل الشتاء، مما يجعل التخييم ممتعًا في أحضان تضاريسها الخلابة التي تشمل الجبال الشاهقة والتكوينات الصخرية المذهلة، وأصبح التخييم الشتوي فيها ، وجهة مفضلة للزوار والأهالي الباحثين عن تجربة شتوية لا تُنسى، حيث خصصت الهيئة الملكية لمحافظة العُلا مواقع مميزة للتخييم، مما يعزز جاذبية المنطقة كوجهة رئيسية لعشاق الطبيعة والتجارب الخارجية.
وعن تاريخ ونشأة بيوت الشّعَر والخيام، قال عضو الجمعية التاريخية السعودية زاهي الخليوي، إن أقدم ذكر لبيوت الشّعَر كان في ذكر قوم عاد وموقعهم في جنوب السعودية، وتتابع ذكر الخيام وبيوت الشّعَر لدى المؤرخين، وكان العربي يعتز بها، ففي سوق عكاظ قبل 15 قرناً كان مقر لجنة التحكيم خيمة ضربت في سوق عكاظ، يفد إليها الشعراء ويلقون قصائدهم على من فيها.
وفي طريق هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، ذكر أصحاب السير مروره بخيمة أم معبد الخزاعية، وفي العام الخامس الهجري أصيب الصحابي سعد بن معاذ رضي الله عنه، فضرب له النبي صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد النبوي ليعوده من قريب، وكان بجانبه خيمة لبني غفار.
وأوضح نايف الجميلي، لـ«عكاظ»، أن مهنة الحياكة من أهم المهن الشعبية التي يتوارثها الأبناء للمحافظة على تراث الآباء والأجداد وهي من التراث المنتشر في شمال المملكة بشكل عام، مؤكداً حرص وزارة الثقافة على ترسيخ الاعتزاز بالهوية الوطنية الذي يعد من مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وأضاف الجميلي، أن لبيوت الشّعَر أحجاماً وأنواعاً مختلفة من أبرزها «المثولث» وهو الذي يتكون من ثلاثة أعمدة في الوسط عدا ما في الأطراف، «والمروبع» وهو الذي يتكون من أربعة أعمدة في الوسط، «والمسودس» وهو الذي يتكون من ستة أعمدة في الوسط، كما يوجد ما هو أكبر من ذلك حسب طلب كل عميل.
ونوه بأهمية معرفة نوع الشّعَر المستخدم وجودته وهي على النحو التالي: الشخيلي، الألماني، والشامي وتراوح أسعار بيوت الشّعَر حسب الحجم والنوع، حيث تبدأ من 5000 ريال وحتى 15000 ريال، ويستغرق تجهيزها ما بين 4 -11 يوماً حسب الحجم.
وصناعة بيوت الشّعَر تعتمد على عدد من المكونات الأساسية وهي ما يعرف بـ«المطرق»: وهو عصا خشبية لتنظيف الشّعَر، «والأطناب»: حبال تثبت بقطع حديدية في الأرض تسمى الأوتاد. و«المخيط»: وهي أداة حديدية تستخدم للخياطة، و«الأوتار»: وهي قطع خشبية للتثبيت والغزل والنفش، وغيرها من الأدوات التي تغيرت لاحقاً واستبدلت بأدوات التقنية الحديثة مثل مكائن الخياطة والنقش. وأضاف الجميلي، أن لبيوت الشّعَر ارتباطاً تاريخياً بسكان المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج العربي بشكل عام وعليها طلب كبير حتى من سكان المدن الكبرى لما لها من ارتياح وجمال في فصل الشتاء، خصوصاً مع شبة النار والسمر، وتكون دافئة جداً؛ ونوه بالدعم الكبير الذي يحظى به هذا الموروث الشعبي من قبل وزارة الثقافة والجمعيات التخصصية بالمملكة.
نايف عبدالله المطيري، بائع لبيوت الشّعَر الحديثة، يرى أن بيوت الشّعَر والخيام الحديثة تشهد طلباً كبيراً طوال العام، إذ إن لهذه المجالس طابعا خاصا يعرف باسم «المشب»، وهو لا يكاد يخلو منه بيت أو استراحة في الوقت الحالي، ويتم تصميمه على طلب العميل من حيث الطول أو الارتفاع، إضافة إلى السدو المتوفر بكافة النقوش والألوان، وتراوح الأسعار وتزيد بحسب المقاس والجودة.
وأنشد العديد من الشعراء متباهين بالخيمة وتراثها لدى العرب إذ قال أحدهم:
ياهل بيت الشّعَر شدو اطنابه
بيتكم في حزت الضيق مزبنا
واهني منهو جلس ثم تقهوا به
شب ناره وانطرب والنجر دنا
وقال آخر:
بيت الشّعَر بالبر يا زين مبناه
رغم الحضارة ثابت في معانيه