إسطنبول/الأناضول
*الخبير الفلسطيني رمزي بارود:
– قرار الجنائية الدولية خطوة تاريخية وغير مسبوقة نظرا لاستهدافه حلفاء النظام السياسي للولايات المتحدة والغرب
– سواء تم اعتقال القادة الإسرائيليين (نتنياهو وغالانت) أم لا، فإن حقبة إفلات إسرائيل من المحاسبة انتهت، أو تقترب من نهايتها
**الخبير الباكستاني حسن شاد:
– القرار خطوة نحو إضعاف الهيمنة الإسرائيلية تدريجيا، وإنهاء حصانتها أمام القانون الدولي
– المحكمة كسرت التصور السائد بأن هناك قواعد تطبق على الدول الضعيفة وأخرى على الدول القوية
أكد خبيران في القانون الدولي، أن مذكرتي الاعتقال الصادرتين عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع المقال يوآف غالانت، “مؤشر على انتهاء حقبة إفلات تل أبيب من العقاب”.
وفي تصريحات للأناضول، لفت الخبير الفلسطيني رمزي بارود، والخبير القانوني الباكستاني حسن إسلام شاد، إلى أن القرار سابقة تاريخية ينهي حصانة إسرائيل، ويلزم الدول الموقعة على اتفاقية روما بتنفيذه.
والخميس، أصدرت “الجنائية الدولية” مذكرتي اعتقال دوليتين بحق نتنياهو وغالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الإبادة المتواصلة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وبموجب قرار المحكمة التي لا تملك أفراد شرطة لتنفيذه، أصبحت الدول الأعضاء فيها ملزمة قانونا بتنفيذ الأمر الصادر الخميس، باعتقال نتنياهو وغالانت إذا دخلا أراضيها، وتسليمهما إلى الجنائية الدولية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقيهما.
*تحول جوهري
وفي تعقيبه على ذلك، قال الخبير الفلسطيني رمزي بارود، إن القرار “خطوة تاريخية وغير مسبوقة، نظرا لاستهدافه حلفاء النظام السياسي للولايات المتحدة والغرب”.
وأشار بارود إلى أن “ثمة أمر اعتقال واضح ضد القادة الإسرائيليين بسبب جرائم الحرب التي ارتكبوها ضد الفلسطينيين، بما في ذلك التجويع، والإبادة، والقتل العشوائي”.
واعتبر بارود، وهو رئيس تحرير صحيفة “The Palestine Chronicle”، أن “القرار ورغم تأخره وصدوره بعد شهور من الإبادة المروعة للفلسطينيين، تحد كبير للمؤسسات الدولية التي أُنشئت إلى حد كبير في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بدعم من الولايات المتحدة والدول الغربية”.
كما وصف القرار بأنه “يمثل تحولا جوهريا في العلاقة بين القانون الدولي والعالم، ويعكس توازن القوى على المستوى العالمي”.
وبشأن تأثيراته على الدول الغربية، أوضح أن “مصداقية العالم الغربي أصبحت في خطر مع ظهور انقسامات داخله، ما يشير إلى تحول عميق ليس فقط في سياق الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي فحسب، بل في السياسة العالمية أيضا”.
وغداة صدور القرار، أعربت دول أوروبية عن احترامها له، واستعدادها لتنفيذه حال دخل نتنياهو أو غالانت أراضيها، مثل هولندا وإيطاليا وإيرلندا، فيما أعربت دول أخرى كالمجر، رفضها تنفيذه، ودعت نتنياهو لزيارتها في تحد واضح للمحكمة الجنائية الدولية.
وفيما يتعلق بكيفية تطبيق القرار، أشار الخبير إلى أن “المحكمة الجنائية نفسها أو أي طرف آخر لا يمتلك إجابة سهلة حول كيفية التعامل مع هذه القضية”.
وتابع: “بعض الدول تفضل التريث والمراقبة قبل إعلان موقفها، وبغض النظر عن ردود الفعل، أعتقد أننا نسير نحو مسار لتطبيق القرار، وسواء تم اعتقال القادة الإسرائيليين (نتنياهو وغالانت) أم لا، فإن حقبة إفلات إسرائيل من المحاسبة انتهت، أو تقترب من نهايتها”.
*مطالبات بالمزيد
كما أشار الصحفي الفلسطيني إلى أهمية “إصدار قرار اعتقال ضد القادة الإسرائيليين الذين يستخدمون أسلحة أمريكية وأوروبية لبناء نموذج ديمقراطي قائم على الفصل العنصري والديني”.
وتكمن أهمية مذل هذا النوع من القرارات بحسب بارود، في أن “أي زعيم غربي أو موالٍ للغرب لن يكون بمنأى عن مثل هذه القرارات بعد الآن”.
وعن الإبادة الإسرائيلية التي كانت سببا في صدور القرار، أكد الخبير أن “قرار الجنائية الدولية يعكس تكاملا بين الخطاب السياسي والحقائق الميدانية التي دفعت إلى إصداره”.
وأردف: “ثمة جرائم حرب ارتُكبت، وتم توثيق جزء كبير منها من قبل العديد من خبراء القانون الدولي، وهذا الوضع دفع محكمة العدل الدولية لفتح تحقيق في احتمال وقوع جرائم إبادة جماعية في غزة”.
وأضاف أن” الإسرائيليين يستخدمون خطابا مرتبطا بالوقائع على الأرض، وهذا يعزز الاعتقاد بأن المجاعة في غزة هي نتيجة لسياسة (إسرائيلية) متعمدة”.
وكمثال على ذلك، استحضر بارود تصريحات سابقة لغالانت، قال فيها: “نفرض حصارا كاملا على مدينة غزة. لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود”.
وأشار إلى أن “إسرائيل نفذت ما تفوه به قادتها عندما وضعوا مليوني فلسطيني في غزة داخل ما يُشبه معسكرات اعتقال، الأمر الذي يؤكد تعمد ارتكاب جرائم حرب محددة”.
وسيشكل القرار بحسب بارود “سابقة قانونية، وسيفتح الباب أمام رفع قضايا جديدة في المحاكم المحلية والدولية ضد إسرائيل”.
*إضعاف هيمنة إسرائيل
من جانبه، قال الخبير القانوني حسن إسلام شاد، وهو أول محام مسلم عمل في المحكمة الجنائية الدولية، إن “المحكمة لا تمتلك قوة شرطة خاصة بها، لكنها تعتمد على الدول الموقعة على نظام روما الأساسي لتنفيذ قراراتها”.
وعن تبعات القرار، أكد شاد أن “نتنياهو لن يتمكن من السفر إلى العديد من الدول التي كان يزورها سابقا، وعلى سبيل المثال فإن معظم الدول الأوروبية والإفريقية صادقت على نظام روما الأساسي، وهي ملزمة بموجب هذا الاتفاق بتنفيذ أوامر الاعتقال”.
وفي سياق حديثه عن أهمية القرار، وصفه بأنه “خطوة نحو إضعاف الهيمنة الإسرائيلية تدريجيا، وإنهاء حصانتها أمام القانون الدولي”.
وبشأن ردود الفعل، أوضح شاد أن “الدول الغربية قد تعارض قرار الاعتقال لأسباب سياسية، إلا أن دولا أخرى ستدعم هذا القرار”.
وتابع: “هذا القرار سيُضعف تدريجيا هيمنة إسرائيل وحصانتها، ولطالما اعتُبرت إسرائيل دولة محصنة لا تُمس، ومع ذلك، يُظهر التاريخ أن المحكمة الجنائية الدولية لم تتخذ أي خطوات ضد إسرائيل سابقًا فيما يتعلق بالأحداث في غزة، لكن إصدار أمر اعتقال الآن يُعتبر تطورًا مهمًا”.
الخبير الباكستاني أشار إلى أن قرار المحكمة “يعني وجود أدلة دامغة على ارتكاب إسرائيل جرائم مثل الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية. وهو تطور كبير بحد ذاته”.
وفيما يخص الخطوات المستقبلية، قال شاد أن “أحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي هو تطبيق العدالة بشكل متساو، وإذا كان نتنياهو سيُحاسب على الجرائم التي ارتكبها ضد الفلسطينيين، فهذا يمثل تقدما إيجابيا لمستقبل القانون الدولي”.
وختم حديثه بالقول، إن القرار “يكسر التصور السائد بأن هناك قواعد تُطبق على الدول الضعيفة وأخرى على الدول القوية. ومع إصدار المحكمة مذكرتي الاعتقال تم تجاوز هذا التصور”.
ويأتي قرار المحكمة، بينما تواصل إسرائيل ارتكابها إبادة جماعية في غزة، خلفت نحو 149 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات