رام الله / عوض الرجوب / الأناضول
– يوسف جعافرة محاضر بجامعة القدس يقيم في رام الله: نعيش في سجن كبير.. محاضرتي في الواحدة ظهرا لكن أضطر لمغادرة رام الله عند التاسعة صباحا مراعاة للانتظار الطويل على الحواجز
– يسري عبد الله سائق مركبة أجرة: التنقل بدون الحواجز بين الخليل ورام الله لا يزيد عن 3 ساعات ذهابا وإيابا، بينما في الواقع نحتاج 7 ساعات على الأقل، ما يعني زيادة في استهلاك الوقود وهدر أوقات الناس
– مسؤول التوثيق بهيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داود: لكل قرية وبلدة ومدينة صُممت منظومة إغلاق وسيطرة وتحكم خاصة بها.. الاحتلال حول الوجود الفلسطيني إلى كانتونات ومعازل
– الباحث بمركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان هشام الشرباتي: استخدام الجيش الإسرائيلي الحواجز يندرج ضمن العقوبات الجماعية وهي جريمة حرب، وتؤثر على حياة الناس
يقيم طبيب الأسنان الفلسطيني يوسف جعافرة بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، ويعمل محاضرا في “جامعة القدس” ببلدة أبو ديس شرق القدس، ما يضطره لعبور حاجزين عسكريين إسرائيليين على الأقل خلال أيام عمله.
وبينما كان متوجها إلى جامعته، يتحدث جعافرة للأناضول وهو يقف عند حاجز “بيت إيل” العسكري، المقام على المدخل الشمالي لمدينتي رام الله والبيرة.
يقول إن موعد محاضرته لطلبته بالجامعة عند الساعة الواحدة ظهرا، لكنه يضطر لمغادرة رام الله عند التاسعة صباحا، واضعا في الحسبان ساعات الانتظار الطويلة على الحواجز الإسرائيلية.
ويضيف: “طوابير من السيارات وساعات انتظار طويلة، نحن نعيش في سجن كبير”.
ويتابع: “بالأمس انتظرت من السابعة والنصف صباحا حتى التاسعة والنصف على بوابة قرب مستوطنة معاليه أدوميم (شرق القدس)، مع أن الوقت في الوضع الطبيعي لا يتجاوز نصف ساعة من رام الله إلى أبو ديس”.
أما يسري عبد الله، وهو سائق مركبة أجرة بين مدينتي الخليل جنوب الضفة الغربية ورام الله، فيقول إنه ينقل موظفي الخليل إلى أماكن عملهم برام الله.
ويوضح للأناضول أن “هذا يتطلب الانطلاق عند الخامسة صباحا لتجاوز الازدحامات وإغلاقات الحواجز، وغالبا أصل بين الثامنة والنصف والتاسعة صباحا، وفي العودة قد يتجاوز الوقت 4 ساعات”.
و”التنقل بدون الحواجز لا يزيد عن 3 ساعات ذهابا وإيابا، بينما في الواقع نحتاج يوميا إلى 7 ساعات على الأقل، وهذا يترتب عليه زيادة في استهلاك الوقود المرتفع (سعره) أصلا وهدر أوقات الناس”، وفق عبد الله.
ويزيد بأن “حاجز واد النار (شرق القدس) يزيد معاناة السائقين والركاب، وأحيانا نضطر لاستخدام طرق جبلية وعرة رغم الخطورة نتيجة انعدام البنية التحتية، للوصول في الوقت المناسب”.
872 حاجزا وبوابة
مئات الحواجز العسكرية والعوائق المادية الإسرائيلية تقطع أوصال مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية، لتشكل عبئا آخر في حياة الفلسطينيين يضاف إلى عبء الاحتلال.
ووفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية (حكومية)، فإن عدد الحواجز الدائمة والمؤقتة من بوابات وحواجز عسكرية أو ترابية التي تقسم الأراضي الفلسطينية وتفرض تشديدات على تنقل الأفراد والبضائع، بلغت 872 منها أكثر من 156 بوابة حديدية أُقيمت بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ومنذ ذلك اليوم، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بقطاع غزة، وبموازاتها صعّد الجيش والمستوطنون الإسرائيليون اعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم ومصادر أرزاقهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.
ويقول مسؤول التوثيق في الهيئة أمير داود إن الحواجز “وسيلة تتجاوز فكرة إغلاق المدن إلى السيطرة وإحكام الرقابة والتحكم بكل مكونات الحياة الاجتماعية الفلسطينية”.
ويضيف للأناضول: “في السابق كنا نتحدث عن إغلاق شمال أو وسط أو جنوب الضفة، لكن اليوم بات الإغلاق على مستوى كل تجمع”.
و”لكل قرية وبلدة ومدينة صُممت منظومة إغلاق وسيطرة وتحكم خاصة بها (..) دولة الاحتلال حولت الوجود الفلسطيني بفعل الحواجز إلى كانتونات ومعازل، ولا تكتفي بالتحكم بالحركة بل تفرض ما يشبه الحدود على الجغرافيا الفلسطينية”، حسب داود.
ويشير إلى تحول كل مدينة وقرية فلسطينية إلى “جزيرة معزولة عن سياقها الفلسطيني، لا يوجد محافظة متصلة جغرافيا مع محافظة أخرى، ولا يوجد قرية متصلة جغرافيا مع قرية أخرى”.
بالتالي “فقد الفلسطينيون بسبب الحواجز التي تكثفت بعد 7 أكتوبر2023 الحركة بعد الساعة 6 مساء بالتوقيت المحلي”، كما يضيف.
وبيَّبن أنه “لا أحد يستطيع التحرك بسبب توقيت إغلاق الحواجز من جهة واعتداءات المستوطنين من جهة ثانية، فعلى صعيد الزمن خسرنا أكثر من نصف الوقت، إلى جانب ساعات الانتظار على الحواجز”.
و”المبرر الأمني غير مقنع لوجود الحواجز، بل حجة من حجج الاحتلال الظاهريّة لفرض مجموعة الإجراءات الاستعمارية”، كما يردف داود.
ومنذ أيام تتصاعد تصريحات حكومية إسرائيلية عن إجراءات لتنفيذ ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، مدفوعة على ما يبدو بدعم مأمول من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
مصائد وعقوبات جماعية
لا تتوقف معاناة الفلسطينيين على الحواجز عند حد إغلاقها أو خلق ازدحامات مرورية، بل باتت أشبه بمصائد للمدنيين الفلسطينيين.
فعلى الحواجز يجري التدقيق في هويات الركاب وفحص هواتفهم النقالة والتنكيل بهم أو اعتقالهم في حال وجدت فيها صور أو أخبار تتعلق بغزة، وفق تأكيد شهود عيان للأناضول.
ودفع هذا الواقع ناشطين إلى إنشاء مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي تتابع أخبار الطرق والحواجز.
ووفق الباحث في مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان هشام الشرباتي فإن استخدام الجيش الإسرائيلي للحواجز في الضفة يندرج ضمن “العقوبات الجماعية، وهي جريمة حرب”.
ويضيف الشرباتي للأناضول أن وجود مئات الحواجز “يؤثر على حياة الناس العاديين والاقتصاد والجوانب الصحية، بما في ذلك الحاجة لوقت مضاعف للتنقل بما يصاحبه من استنزاف للجهد والمال وحتى استهلاك المركبات”.
ويشدد على وجود “تأثيرات صحية وبيئية لمناطق تُغلق بالكامل في التوترات الأمنية”.
ويلفت إلى أن “إغلاق الحواجز المحيطة بمدينة الخليل قبل أسابيع عدة ترتب عليه تراكم النفايات في الشوارع، كون المكب المخصص للنفايات يوجد على بعد أقل من ساعة بمحافظة بيت لحم إلى الشمال منها، لكن وصوله يتطلب فتح الحواجز”.
الشرباتي يتطرق أيضا إلى “تأثر نقل المرضى والجرحى إلى المستشفيات، حيث تحتاج سيارات الإسعاف إلى وقت أطول أو يُنقل المرضى والجرحى بسيارتي إسعاف على جانبي الحواجز”.
وتنقسم الحواجز الإسرائيلية في الضفة إلى أنواع: حواجز مجهزة بأحدث التكنولوجيا تشبه المعابر الدولية بين الضفة وإسرائيل، وحواجز مأهولة بالجنود بشكل دائم أو مؤقت، وبوابات حديدية مثبتة على مداخل القرى والمدن، إضافة إلى سواتر ترابية أو أسمنتية.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات