لم يمر على رحيل أمينه العام إلا أيام معدودات، حتى وجد حزب النهضة والفضيلة نفسه في قلب أزمة تنظيمية، بطلها الشيعي اللبناني محمد علي الحسيني.
التأمت الأمانة العامة، على عجل في أول لقاء لها بعد وفاة زعيمها محمد خليدي الذي وافته المنية يوم 21 شتنبر الماضي، في قاعة للاجتماعات في فندق بالرباط، ولم يتسن لها الاجتماع بمقر الحزب، الذي قيل إنه أغلق بسبب ديون متراكمة عليه.
قررت قيادة النهضة والفضيلة، إثر اجتماعها نهاية الأسبوع الماضي، طرد عضوين من الأمانة العامة، ويتعلق الأمر، بالمحامية بهيئة الرباط، حفيظة مقساوي ومحمد المختار البوكري.
قالت قيادة الحزب، إن القرار اتخذ بأغلبية مطلقة، وصوت لصالح قرار الطرد 21 عضوا من أصل 22 حضروا الاجتماع الفندقي.
وعللت الأمانة العامة، في بلاغ لها، قرار الطرد، بتصرفات تتعارض مع قيم ومبادئ الحزب، وتخالف القوانين المعمول بها في المملكة.
حسب مصادر من الحزب، أسباب الطرد تتعلق بإقدام محمد المختار البوكري عضو الأمانة العامة، على نشر صورة عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي « فايسبوك »، للشخصية الشيعية، اللبناني محمد علي الحسيني، بعد أيام من مقتل حسن نصر الله، زعيم حزب الله السابق.
وتتهم قيادات النهضة والفضيلة، البوكري، بكيل اتهامات لمن يصفهم بـ »بقايا الشبيبة الإسلامية »… الذين باتوا بحسبه يحاربون زميلته حفيظة مقساوي، المرشحة لخلافة خليدي باعتبارها كانت نائبة له، لينضاف سبب آخر لطردها، هو قربها المحتمل من المفكر إدريس هاني، المعروف بكتاباته الفكرية عن الشيعة، وقضايا الفكر العربي، وأسئلة النهضة والإصلاح الديني، علاوة على « اتهامها » بتقديم شكاية ضد أرملة الراحل محمد خليدي بعد وفاته بفترة قصيرة في قضايا تتعلق بالعقار.
وفق مصادر مقربة من الحزب الذي يتهيأ لتنظيم مؤتمره الاستثنائي نهاية نونبر المقبل بمدينة العيون، فقد بات يعيش على إيقاع أزمة الخلافة، والصراع المفتوح بين تيارات تريد حسم هوية من سيخلف خليدي، ولو أدى بها ذلك إلى خوض معركة تكسير العظام، بين تيار الشبيبة الإسلامية الذي يتزعمه رئيس المجلس الوطني للحزب، المحامي عبد الله لعماري، وتيار مقرب من الفكر « الشيعي »، تم استئصال متزعميه بقرار الطرد، وتيار محسوب على الراحل الدكتور عبد الكريم الخطيب الذي ساهم أعضاء منه رفقة خليدي في تأسيس النهضة والفضيلة، بالإضافة إلى شخصيات هامة كحمزة الكتاني نجل الراحل علي بن المنتصر الكتاني، أحد رفقاء الدكتور عبد الكريم الخطيب.
حسب مهتمين بشؤون النهضة والفضيلة، بعد وفاة الزعيم، بدأ « الصراع يتجلى بشكل أوضح بين من يرون في الحزب استمرارا لنهج الشبيبة الإسلامية، وبين من يريدونه حزبا سياسيا بمفهوم أكبر وأعمق، قد يكون حزبا يجمع شتات الإسلاميين المتفرقين.
وفقا للمصادر ذاتها، « في الوقت الذي كان صناع القرار يهدفون إلى أن يكون الحزب بوابة لتمثيل التيارات الإسلامية الصغرى، سعت بعض الفئات داخله إلى توجيهه نحو خط أكثر تشددًا، ما أدى إلى تزايد الانقسامات وتسبب له في الانكفاء على الذات ».
كما توضح مصادرنا، « بغياب القيادة الموحدة، تبرز تساؤلات حول قدرة الحزب على الاستمرار في المشهد السياسي المغربي، هل سيتمكن من إعادة توجيه بوصلته نحو أهدافه الأصلية، أم سيظل رهينة للصراعات الداخلية التي تهدد وجوده؟ وهل مازالت الدولة بحاجة إلى حزب اسمه حزب النهضة والفضيلة؟… أسئلة إلى أخرى ستظهر أجوبتها في الأيام القليلة المقبلة عشية مؤتمره الاستثنائي من قلب الصحراء.
المصدر: وكالات