يعدّ الاقتراب من عالم الشاعر عبدالرحمن موكلي، مغامرة محفوفة بالدهشة؛ بل هو اقتراب من فوّهة معارف وإبداعات تثور دون مقدمات حيثية، وتهدأ دون أسباب منطقية، والموكلي نابت من أرضه، ومفتون بها، ومعوّل عليها، ومعبّر عنها؛ بمعرفيّة وحميمية لارتباطه باللغة. وهو ابن الحقل، وعمّ السهل، وخال الجبل، وصديق الفيافي في ليل السمر، حضر وهو الشاعر التفعيلي الفاتن، الذي أصدر المجموعات الموغلة في جماليات وعذوبة المفردات البصمة، ليستنطق الفُلّ ويجمع هروجه، وبمهارته في تفصيح العامي، لوى عنق كبرياء الفصحى لتركع في أحواض الردايم، واستنطق فتوح الكلام من ثغر زهر الياسمين، ولم يكن مستكثراً عليه وهو عاشق الحكايات والقصص الغرائبية؛ أن يأخذنا بأحدث إصداراته لعالم الأساطير والميثولوجيا؛ الأقرب لعالم الإلهيات والغيبيات والماورائيات الحاضر في وجدان وحكايات الشعوب؛ ولتفادي ردود الفعل المُناوئة لطّفَ عنوانه ليكون (كتاب الهَبَل)، إذ لا مؤاخذة على (الهبل) الذي يبوح بكل ما يعتمل في نفسه؛ ويخرج على النص بالنصّ، وعادة الموكلي في الوفاء لأهله وذويه؛ أهدى عمله هذا لشقيقه يحيى ليؤكد صلةً وثيقة بالروح والدم والأرض وخضرة الظهيرة وفتنة السرد الريفي المحلّق من رؤوس العاشقين.