أكد أخصائيون وجود حالات مرضية ناتجة عن مشكلات نفسية دون وجود سبب عضوي، وذلك نتيجة التوتر وضغوط الحياة اليومية، مشيرين إلى أن الأكزيما الدهنية، وتساقط الشعر، والشعور بالوهن، وآلام في مختلف أنحاء الجسم، من أبرز الأمراض التي تظهر لأسباب نفسية. وأكدوا أن تحسّن حالات كثير من الأشخاص الذين يعانون أمراضاً عضوية، مرتبط بتحسّن حالاتهم النفسية.
وقال استشاري الأمراض الجلدية في دبي، الدكتور أنور الحمادي: «إن الأكزيما الدهنية أشهر الأمراض الجلدية التي تظهر لأسباب نفسية، نتيجة التوتر والضغوط، وهي حالة متكررة تظهر على شكل قشور في فروة الرأس، والحاجبين، وعلى الأنف، وتتزايد عند كثير من المرضى في حالة مرورهم بحالة من التوتر، سواء في المنزل أو العمل، ويلاحظ أيضاً زوالها في حالة دخولهم في مناخ نفسي صحي مثل السفر أو الاستجمام».
وأضاف: «يعد مرض الصدفية أيضاً، الذي يعرف كمرض مناعي، وراثياً، إلا أن الضغوط النفسية تلعب دوراً كبيراً في زيادة حدة المرض وزيادة أعراضه، لذلك تنصح هذه الفئة من المرضى بممارسة أنشطة ترفيهية خاصة تحسن من حالتهم النفسية، وتعزز مناعتهم في مواجهة هذه الأمراض».
وتابع الحمادي: «إن مرض الثعلبة إحدى الحالات التي ترتبط بتدهور الحالة النفسية، حيث تعتبر الصدمات النفسية من مسببات ضعف الاستجابة للعلاج، ولدينا في الطب حالة معروفة مرتبطة بالتوتر والقلق تسمى بهوس نتف الشعر، تصنف تحت مسمى الوسواس القهري، وهو عرض لسبب نفسي، كذلك يصاب بعض المرضى بأنواع من الأرتيكاريا على هيئة بقع حمراء في الجلد، بسبب الضغوط النفسية».
وأضاف «توجد في طب الأمراض الجلدية نوعية خاصة من الأكزيما تسمى الأكزيما العصبية، وهي تظهر لدى المرضى على هيئة رغبة في حك الجلد بشكل متواصل، ما يسبب تهيجاً في البشرة، ويدخل صاحبها في دوامة العلاج، وأكد أن العامل النفسي يلعب دوراً كبيراً في شفاء المرضى من كثير من الأعراض، وتعزيز قدرتهم المناعية على التصدي لها».
من جانبه، أكد استشاري الطب النفسي، الدكتور عادل أحمد كراني، وجود علاقة وثيقة بين الأمراض النفسية والعضوية، مشيراً إلى وجود مرض نفسي يسبب اضطراب الطعام لأصحابه، كالنهم الشديد للأكل، وما ينتج عنه من أمراض عضوية مثل السمنة وارتفاع معدلات الدهون والكوليسترول والسكري في الجسم، إضافة إلى احتمالية الإصابة بأمراض أخرى في القلب والشرايين.
وأضاف: «يوجد نوع آخر من اضطراب الطعام، هو فقدان الشهية والرغبة في الأكل، وهذا أيضاً تنتج عنه أمراض أخرى تؤثر في صحة الإنسان عضوياً، مثل الضعف العام بالجسم والشعور بالوهن، وتساقط الشعر، وضعف القلب، وهشاشة العظام وغيرها من الأمراض».
وقال: «إن تحقيق التوازن النفسي يمكّن الإنسان من مواجهة كثير من الأمراض، منها السكري، حيث أثبتت دراسات أن دعم وتعزيز الصحة النفسية لهذه الفئة من المرضى يساعدهم على العلاج، ويمكّنهم من التعافي».
ولفت إلى أن هناك أمراضاً نفسية لها أعراض وعلامات بدنية، على رأسها اضطرابات القلق، ونوبات الهلع، فكثير ممن يصابون بهذه النوبات تظهر عليهم علامات بدنية، منها خفقان القلب، وضيق في الصدر، وصعوبة التنفس، وصعوبة المشي، والشعور بالإغماء، والدوخة، وبعض اضطرابات النظر، وهذه كلها مرتبطة بالحالة النفسية، وليس بالمرض الجسدي، وأكثر من يعانونها يراجعون العيادات والمستشفيات للخضوع لفحوص مخبرية، ليتبين لهم في النهاية عدم وجود أي مشكلات عضوية، وأن سبب هذه الأعراض قد يكون نفسياً.
وأضاف: «توجد حالة مرضية عبارة عن معاناة الإنسان أمراضاً نفسية تظهر على شكل اضطرابات جسدية من آلام وأوجاع، وكثير من الناس أيضاً يعانون الصداع المزمن، وآلام الرقبة أو الظهر، أو انتفاخ البطن، وقد يصل الأمر أيضاً إلى الإسهال أو الإمساك، وهي في الأصل لأسباب نفسية».
ونصح المرضى في حال ظهور أي أعراض بدنية مراجعة الطبيب المختص، والطبيب النفسي، لاحتمالية أن تكون هذه الأعراض ناتجة عن مشكلات نفسية.
علاقة تبادلية
وقال استشاري الطب النفسي، الدكتور محمد حسن، إن هناك ارتباطاً وثيقاً وعلاقة تبادلية بين أمراض جسدية ونفسية، حيث تؤدي الضغوط النفسية إلى ظهور أمراض جسدية، والعكس صحيح.
وشرح الأعراض العضوية الناتجة عن أسباب نفسية، منها الصداع، وخفقان القلب، والتعرق، وجفاف الفم، وآلام في البطن، وطنين في الأذن، وآلام العضلات، ومشكلات في النوم والشهية.
وأكد أن تقييم مسببات الحالة يجب أن يتم عن طريق الطبيب المختص بالدرجة الأولى، سواء كان طبيباً عاماً أو باطنياً أو أسرة، للوقوف على احتمالية أن تكون هناك أسباب عضوية وراء الإصابة، ومن ثم اللجوء إلى الطب النفسي لتقييم الحالة أيضاً، ولا يذهب المريض إلى الطبيب النفسي في حال كانت الأعراض العضوية مصحوبة بأعراض نفسية مثل التوتر والقلق.
وتابع: «إن التعرض لأمراض نفسية مثل الاكتئاب والقلق، يقودان إلى أمراض عضوية حقيقية، مثل مشكلات أمراض القلب والشرايين، والسرطان عن طريق إضعاف المناعة، والالتهابات والعدوى بسبب ضعف الجهاز المناعي أيضاً».
وذكر أن هناك أشخاصاً يفقدون المقدرة على المشي أو الحركة، ويكون السبب نفسياً، كذلك تتشابه نوبات الهلع مع النوبات القلبية، ويستطيع الطبيب النفسي علاجها وتشخصيها بسهولة بمجرد تقييم الحالة.
أعراض مزعجة
وقالت استشارية طب الأسرة، الدكتورة ابتهال مكي، إن بعض الأمراض الجسدية التي يعانيها المرضى، ترجع إلى حالات نفسية دون أن يدري الإنسان بذلك، وكثير منهم يذهب إلى أطباء في مختلف التخصصات، دون معرفة الأسباب، مثل الإرهاق والغثيان والضعف، وهي أعراض مزعجة وتكون مصحوبة بالقلق والتوتر، مؤكدة أن هناك أشخاصاً يعانون أمراضاً عضوية متعددة، فتسوء أعراضها بسوء حالاتهم النفسية وتتحسن بتحسنها.
وأشارت إلى وجود نوع من الاضطراب يسمى اضطراب الألم، عادة ما يكون مصاحباً العودة للعمل، والدراسة، والامتحانات، ويمكن أن يسبب ضيقاً في التنفس، وإسهالاً، وغيرهما من الأعراض، كذلك حدوث آلام في العضلات وآلام أخرى لا تظهر أسبابها في الفحوص، وتكون أسبابها غير مفهومة، يتبين في النهاية أنها لأسباب نفسية.
ولفتت أيضاً إلى أن القولون العصبي، وما ينتج عنه من إمساك وإسهال وآلام أخرى، يعد من أبرز الأمراض النفسية التي تظهر علاماتها جسدياً بشكل واضح.