وصف مختصون في علم الأسرة والاجتماع والقانون، الطلاق المبكر بين حديثي الزواج، بأنه نهاية لعلاقة غير متكافئة، بدأت على أسس غير صحيحة، منها سوء اختيار الشريك، واختلاف الشخصية، وعدم الوعي بكيفية احتواء الخلافات الزوجية.
ونبهوا إلى التأثيرات الاجتماعية السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي، وتدخّل الأهل والأصحاب في تسخين الخلافات، بما يؤدي إلى سرعة إنهاء العلاقة الزوجية، مؤكدين أهمية تضافر الجهود المجتمعية في توعية الشباب المقبلين على الزواج، بأهمية الحفاظ على الحياة الزوجية وتنمية مهاراتهم في احتواء الخلافات.
وتفصيلاً، شهدت محاكم الدولة الأسرية خلال السنوات الماضية حالات طلاق مبكر، لم يتجاوز بعضها بضعة أيام، ومنها حالة طلاق بين زوجين مقيمين، استغرق زواجهما 12 يوماً، وسجلت حالة ثانية بعد 13 يوماً، وثالثة بعد 14 يوماً، وحالة بعد 16 يوماً، وحالة بعد 17 يوماً، وحالة بعد 25 يوماً.
وكشفت إحصاءات وزارة العدل، حسب مدة الزواج، العام الماضي، تسجيل حالات طلاق عدة بعد زواج استمر أقل من عام، وحالات استمرت أقل من شهر، وحالات استمرت أياماً، أقصرها تم خلالها الطلاق بعد 24 ساعة.
وقال المحامي علي خضر العبادي، إن أسباب الطلاق في المحاكم متعددة وتختلف من حالة إلى أخرى، وهناك طلاق مبكر يحدث قبل الزفاف، ويتم بالتوافق والتفاهم بين الزوجين، ويكون على سبيل المثال عندما يكتشف أحد الزوجين أن شريكه غير مؤهل للحياة الزوجية، أو أن لديه مخاوف من عدم الاستقرار الأسري أو الدخول في تجربة فاشلة، أو معارك خارجة عن سياق مفهوم المودة والرحمة التي ينص عليها الزواج، وهنا يحدث الانفصال بتفاهم بين الزوجين، وتقوم الزوجة بإعادة ما حصلت عليه من مهر وغيره لزوجها.
وهناك حالات طلاق مبكر تحدث بعد فترة قصيرة من الزواج، نتيجة اكتشاف مرض أو شيء يخفيه طرف عن شريكه، وهنا يطلب المتضرر الطلاق لعدم قدرته على التعايش مع مشكلة الطرف الآخر.
وذكر العبادي أن هناك طريقين للحصول على الطلاق: «الخلع»، وفيه تتنازل الزوجة عن حقوقها، و«الطلاق للضرر»، وهنا عليها إثبات حالة الضرر التي وقعت عليها للحصول على الطلاق.
وأكد أهمية التفاهم والحوار المسبق بين الطرفين قبل الدخول في تجربة الزواج، حتى يتجنّبا الانفصال، فضلاً عن ضرورة عدم تدخل الأسر في المشكلات التي تحدث بين الأزواج، لأنه قد يكون في بعض الأحيان سبباً للطلاق المبكر.
من جانبه، أكد أستاذ علم الاجتماعي التطبيقي في جامعة الشارقة، الدكتور أحمد العموش، أن الطلاق المبكر بين الأزواج مشكلة عالمية وليس مرتبطاً بمجتمع معين، وتتعدد أسبابه وتختلف من مجتمع لآخر.
وذكر العموش أن السبب الرئيس الذي يؤدي إلى الطلاق المبكر، هو غياب التوافق بين الزوجين، في الشخصية والاهتمام والآراء والمستوى التعليمي والجوانب الاجتماعية الأخرى، ويحدث غالباً عندما يكون الزواج تقليدياً، ودون معرفة مسبقة بين الزوجين.
وذكر أنه من الأسباب الأخرى التي قد تؤدي إلى الطلاق، تدخل الأسر في حياة الزوجين والخلافات التي تنشب بينهما، ورغبة كل طرف في فرض سلطته على الآخر، لكن السبب الأكبر والشائع لمشكلة الطلاق في مجتمعاتنا العربية، هو غلاء المهور ومتطلبات الزواج، وتشدد بعض الأسر في الأمور المالية، وهو ما من شأنه أن يعكر صفو العلاقة بين الطرفين قبل أن تبدأ، وتمتد آثاره السلبية لما بعد الزواج.
وحول الحلول المطلوبة، قال العموش إنه من الأهمية وجود لقاء تعارف قبل الخطوبة، يكون تحت إشراف الأسر، بحيث يكون فرصة لاطلاع كل طرف على شخصية الآخر، ويحدد مدى قدرته على التفاهم والتعايش معه، ومن ثم أخذ القرار بالخطوة التالية نحو إتمام الزواج.
وأكد أهمية دور المؤسسات المعنية بالزواج والأسرة، بتنفيذ حملات التوعية للزواج الناجح، وكيفية تحقيقه، وتنمية مهارات المقبلين على الزواج على كيفية احتواء المشكلات مع الشريك الآخر.
ولخص المستشار الأسري عيسى المسكري أسباب الطلاق المبكر في ثلاثة عوامل رئيسة، الأول هو أن نضج العلاقة الزوجية لم يكتمل، والثاني الخبرة الناقصة لدى حديثي الزواج، والتي تتأتى من خلال تقبل وحل الخلافات والنزاعات واحتواء سوء الفهم الذي يحدث بين الطرفين في بداية العلاقة الزوجية، والثالث تلقي رسائل خارجية من الأهل أو مؤثّري التواصل الاجتماعي أو من الأصحاب، ويكون لها التأثير السلبي في تعكير الحياة الزوجية في بدايتها ومن ثم الطلاق.
وأكد أهمية توعية الشباب والمقبلين على الزواج بأهمية الحفاظ على الحياة الزوجية، وتصحيح المفاهيم الخطأ لدى البعض، بأن الطلاق هو الحل السريع للمشكلات، مشيراً إلى أنه يعتقد أن هناك قاعدة أساسية في العلاقة الزوجية وهي أنه يجب أن تستمر على الأقل خمس سنوات، يتم خلالها تجاوز الخلافات التي تنشأ بأي صورة، والحرص على التفاهم المتبادل، حتى يستمر الزواج لفترة طويلة.
ونبه إلى أن بعض المشكلات التي تحدث بين الأزواج قد تكون صغيرة، وبسبب عدم التفاهم والطيش والتهور والغضب تكبر وتتطور وتصل إلى الطلاق، والمشكلة إذا كانت كبيرة يمكن أن تحل بالحكمة والصبر والتعقل، مؤكداً أهمية دور المستشارين الأسريين في توجيه النصح والإرشاد لطرفي العلاقة لتجاوز خلافاتهما.
قوانين الأحوال الشخصية
أجاز قانون الأحوال الشخصية الإماراتي للمقيمين في الدولة، حق الاستناد إلى قوانين الأحوال الشخصية الصادرة في بلادهم، عند النظر في نزاعات الزواج والطلاق بينهم، ما دام ذلك يصب في مصلحتهم.
ونصت المادة الأولى من قانون الأحوال الشخصية رقم 28 لسنة 2005، على أن أحكام القانون تطبّق على مواطني الإمارات، كما تطبّق على غير المواطنين، ما لم يتمسك أحدهم بتطبيق قانونه.