لا يزال قرار عودة السلطات المحلية بعدد من المدن المغربية إلى إغلاق الحمامات لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع لتجاوز وضعية الإجهاد المائي التي تعيشها هذه المدن، يثير الكثير من التساؤلات بخصوص “تبعاته المادية” على مهنيي القطاع، إذ بعد أن عبّر أرباب الحمامات عن “مخاوفهم” بهذا الخصوص، لفت المشتغلون بهذه المرافق، تحديدا “الكسالة” (مساعدي الزبائن على الاستحمام)، بدورهم، إلى أن هذا القرار “يؤزم وضعيتهم المادية المنهكة أصلا بسبب تدني إقبال الزبائن خلال فصل الصيف وارتدادات إغلاقات الجائحة”.
وأبدت هذه الفئة التي تحدثت إليها هسبريس “استغرابها” هذا القرار الذي يحاصر أيام “عملها” دون مراعاة لعدم “قدرتها على القيّام بأي نشاط مهني آخر”، مشيرة إلى أن مدخولها “بات بالكاد مقتصرا على توفير مصاريف قوتها اليومي أمام موجة غلاء المواد الاستهلاكية، فبالأحرى سد متطلبات الدخول المدرسي المطل على الأبواب”، مطالبة بـ”توفير دعم مادي لفائدة الكسالة، يقيهم اللجوء إلى خيارات لا تحفظ الكرامة الإنسانية، أو في أحسن الأحوال مراكمة الديون”.
لحسن أكزبيب، عامل “كسال” بحمام شعبي بالدار البيضاء رئيس اتحاد مقاولي الخدمات بالحمامات التقليدية والعصرية، استغرب بداية أن “يتم اللجوء في كل مرة ترتفع فيها وتيرة الإجهاد المائي إلى الإغلاق الجزئي للحمامات، دون مراعاة لتبعاته على المستخدمين وأغلبهم من المسنين والمطلقات والأرامل وعموم غير القادرين على القيّام بأي مهنة أخرى”، موضحا أن “هذا القرار يعمّق معاناة هؤلاء، وتحديدا من يشتغلون ككسالة، لأن اشتغالهم بالأفواج يعني أن كل فوج منهم سيعمل يومين فقط في الأسبوع تبعا لهذا القرار”.
وأضاف أكزبيب، في تصريح لهسبريس، أنه “بسبب ضعف الإقبال من طرف الزبائن على الحمامات خلال فصل الصيف، فإن مدخول هذه الفئة يبقى هزيلا من الأساس، بحيث لا يتجاوز في المتوسط 60 درهما في اليوم، وبالتالي 120 درهما في الأسبوع بعد تقلص أيام العمل نتيجة قرار الإغلاق”، مضيفا: “هذا المبلغ الهزيل لم يعد يكفي حتى القوت اليومي لأسر المشتغلين في ظل الالتهاب غير المسبوق في أسعار اللحوم والخضر والفواكه، فبالأحرى بأداء واجبات الكراء والمصاريف الأخرى”.
مفصلا في هذه النقطة، ذكر المتحدث ذاته، وهو أب لثلاثة أبناء متمدرسين، أنه “مع دنو الدخول المدرسي، ما زال العديد من العاملين (الكسالة) غير قادرين على تأمين المبالغ المطلوبة لاقتناء اللوازم المدرسية لفائدة أبنائهم، خاصة وأن أسعار هذه الأخيرة مرتفعة بدورها”.
وأضاف رئيس اتحاد مقاولي الخدمات بالحمامات التقليدية والعصرية أن “هذه الفئة تعيش على إيقاع الهشاشة منذ قرارات الإغلاق التي اتخذت خلال جائحة كورونا، دون صرف أي تعويض لفائدتهم حتى الآن، ومع توالي قرارات الإغلاق الجزئية، بات قسم كبير من العاملين يقتات على إعانات المحسنين ومن التسوّل في مواقف السيارات وأمام المساجد”، مضيفا أن “القسم الآخر لا يجد من حل لتأمين المصاريف اليومية لأسرته سوى مراكمة الديون”.
وناشد المتحدث “السلطات صرف دعم مادي للعاملين في هذه المهنة عن كل أيام الإغلاق الجزئي للحمامات، يرمم قدرتهم الشرائية ويضمن لهم الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية”، مضيفا أن “هذا الدعم يجب أن يستفيد منه بعض المشتغلين في مهن أخرى داخل الحمامات، الذين يلجأ بعض مشغليهم إلى تخفيض أجورهم الشهرية جراء قرار الإغلاق، مع العلم أن الحالات المسجلة في هذا الإطار تبقى قليلة”.
وزكى عبد الرحمان الحضرامي، الكاتب الجهوي لقطاع الحمامات بالاتحاد العام للمقاولات والمهن بالدار البيضاء-سطات، ما أورده أكزبيب، متسائلا: “حينما تترك السلطات للمستخدمين يومي عمل فقط في الأسبوع بموجب هذا القرار، كيف سيتدبر هؤلاء مصاريف معيشهم اليومي في ظل لهيب الأسعار الذي يعمّ كل المواد الاستهلاكية؟”، رغم تشديده على أن “مسألة المدخول اليومي تختلف من حمام لآخر حسب إقبال الزبائن”.
وأضاف الحضرامي، في تصريح لهسبريس، أن “هذا القرار يضرّ عموما بالعاملين وأرباب الحمامات على حد سواء، إذ يواجه الأخيرون، في ظل هذا القرار المتزامن مع ضعف الإقبال أصلا، صعوبات في توفير مصاريف الكراء من جهة، وفي سداد أجور المستخدمين من جهة ثانية”.
وشدد عبد الرحمان الحضرامي، في ختام تصريحه لهسبريس، على أن “اللجوء في كل مرة إلى قرار الإغلاق الجزئي للحمامات ثم التراجع عنه، يسائل مدى إثبات هذا الخيار لفعاليته في ترشيد استعمال المياه وتجاوز الإجهاد المائي”، مذكرا بأن “المهنيين يعتبرونه غير مجد، طالما أنهم حريصون على استخدام طرق كفيلة بالاقتصاد في المياه”.
المصدر: وكالات