تونس / عادل الثابتي / الأناضول
** أحمد الهمامي، متحدث “تحالف أحرار”:
– المنافسة ستكون عادية، وسعيد لن يعول على مؤسسات الدولة فهو يدعونا للتعويل على أنفسنا بإمكاناتنا الذاتية
– برامج أنصار الرئيس تتضمن التوجه نحو القطع مع صندوق النقد الدولي، واقتصادات جديدة مثل الصين روسيا وإفريقيا
** الأكاديمي والإعلامي كمال بن يونس:
– نقطة قوة الرئيس سعيد هي أنه يمثل التيارات السياسية التي كانت تتصارع على المشهد السياسي منذ 70 عاما
– النتائج السياسية للانتخابات يمكن أن “تنتج مفاجآت وطبخة سياسية” تؤدي إلى تغييرات في المشهد الموسوم بالتوتر
من بين 17 شخصية قدموا ملفات ترشحهم لمنصب رئيس تونس، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في 9 أغسطس/ آب الحالي، قبول 3 منهم “مبدئيا”، هم الرئيس الحالي قيس سعيّد، والأمين العام لحركة “الشعب” زهير المغزاوي، والأمين العام لحركة “عازمون” العياشي زمال.
في موازاة ذلك، ينتظر أن تعلن هيئة الانتخابات القائمة النهائية في 3 سبتمبر/ أيلول المقبل، بعدما طعن الذين رفضت ملفات ترشحهم في قراراتها أمام القضاء الإداري.
وفيما طعن 6 من المرفوضة طلبات ترشحهم في قرارات الهيئة أمام المحكمة الإدارية، أيدت الأخيرة في المرحلة الأولى من التقاضي، رأي الهيئة، معلنة رفض جميع الطعون المقدمة إليها.
ولاحقا، تلقت المحكمة 6 طعون في حكمها بتأييد قرارات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، على أن يكون النطق بالحكم في أجل أقصاه 30 أغسطس الحالي.
** تنافس ديمقراطي
أحمد الهمامي، الناطق باسم “تحالف أحرار” (مقرب من الرئيس قيس سعيد)، رأى أن “الجميع سيتنافس، ومن له قدرة على إقناع الناس ينجح، فالديمقراطية هي العمل الانتخابي والتداول السلمي على السلطة”.
ويضيف الهمامي في حديث للأناضول: “أكثر من 114 شخصا سحبوا استمارات التزكيات، والهيئة العليا المستقلة للانتخابات قبلت ملفات 17 مرشحا أولا ثم اعتمدت 3 مرشحين”.
ويتابع: “ندعو كل المواطنين إلى ممارسة الحق الانتخابي لأي مرشح، وهذا حق دستوري”.
وبحسب توقعات الهمامي للاستحقاق الرئاسي، فإن “المنافسة ستكون عادية، والرئيس سعيّد لن يعوّل على مؤسسات الدولة، فهو دائما يدعونا إلى التعويل عن أنفسنا بإمكاناتنا الذاتية للعمل من أجل تونس”.
** “تنافس غير تقليدي”
إلا أن الأكاديمي والإعلامي كمال بن يونس، قال في حديث للأناضول، إنه “بانتظار كلمة القضاء النهائية في الطعون، قد تتغير القائمة بإضافة شخص أو اثنين”.
ويضيف بن يونس: “بحسب المؤشرات الحالية، التنافس لن يكون تقليديا مثلما حصل في انتخابات 2014 و2019، إنما سيكون بين الرئيس المباشر (سعيّد) و2 من المعارضين القريبين من السلطة”.
ويردف أن المرشح “المغزاوي هو معارض مساند لمسار 25 يوليو (تموز 2021) وكان قريبا من توجهات الرئيس”، فيما المرشح الثالث “زمال، كان مع إنهاء مرحلة ما قبل 25 يوليو، وانخرط في ما بعد مع المجموعات التي كانت قريبة من جبهة الخلاص وتطالب بإصلاحات جوهرية”.
ويعتبر أن “التنافس ليس سياسيا تقليديا (..) ربما الأولويات الأمنية التي تفرض نفسها في المنطقة ستكون في الصدارة”، في إشارة إلى الأوضاع في الجارة ليبيا وبدول الساحل الإفريقي.
** برامج طويلة الأمد
وعن البرامج التي يقدمها المرشحون للناخبين، يقول الهمامي: “بالنسبة لنا، البرامج وضعت من قبل، والوحيد الذي له برنامج واضح هو الرئيس سعيّد، وهو توجه الدولة إلى دولة اجتماعية عادلة، وقد بدأ عدة إصلاحات خاصة أننا لم نتوجه طوال 5 سنوات لصندوق النقد الدولي”.
ويتابع الهمامي: “نحاول وضع إصلاحات واضحة حتى يكون الإقلاع الاقتصادي عبر الاقتصاد الاجتماعي، لأن الدولة قاطرة للشأن الاجتماعي، والرئيس سعيد وحكومته قدموا برامج اجتماعية متعددة ومشاريع قابلة للإنجاز”.
ويكمل: “نريد في تحالف أحرار (تنظيم شبابي)، أن نسمع من المتنافسين برامج اقتصادية تتحدث عن تونس 2030 و2040 و2050، فالبرامج الضيقة لـ5 سنوات هي ذرّ للرماد في العيون، لأنه لا يمكن تنفيذ أي برنامج اقتصادي في 3 سنوات فقط”، وفق قوله.
وعلّق على منشورات عبر فيسبوك للمترشحين المغزاوي وزمال: “البرامج الثابتة معروفة، مثل الصحة والتعليم والفقر والهجرة، لكن مع الرئيس سعيد هناك طرح برامج بديلة وهي الدولة الاجتماعية والشركات الأهلية والمجالس المحلية والانطلاق من الأسفل”.
ويزيد الهمامي، مفسّرا توجهات برامج أنصار الرئيس، إنها تتضمن “التوجه نحو القطع مع صندوق النقد الدولي والتوجه إلى اقتصادات جديدة مثل الصين روسيا وإفريقيا”.
ويردف: “الرئيس سعيّد ماض في هذا البرنامج نفسه، الدولة الاجتماعية التي ترتكز على التوجه لاقتصادات أخرى غير اقتصادات الغرب، ونعرف دور صندوق النقد الدولي اقتصاديا وسياساته، فكل الدول التي تعاملت معه دُمِّرت” وفق قوله.
** سعيّد “خارج المقولات التقليدية”
في المقابل، يتحفظ بن يونس عن القول بوجود جسم سياسي فعليّ يسمى أنصار الرئيس بالقول: “أولا، لا أعتقد أنه ثمة أناس يحق وصفهم بمجموعة الرئيس، بما في ذلك حركة الشعب والتيار الشعبي والأطراف التي كانت تعتبر نفسها بالمفسرين (مفسري كلام الرئيس)”.
ويضيف: “ثانيًا، نقطة قوة سعيد في الانتخابات الماضية والحالية أنه لا يتبنى المقولات التقليدية، هو كان مرشحا من خارج المنظومة، والآن وهو رئيس جمهورية يترشح بالمنطق ذاته، وأنه لا وجود لحلول تقليدية، ليبرالية أو يسارية أو ماركسية أو شيوعية”.
ويستطرد أن سعيد “يرفض التحدث عن برنامجه وخطته والموازنة التي سيقدمها؟ ويجيب عن ذلك بالقول: هذه مسائل تحدد حينها من قبل المواطنين في هذه المنطقة أو تلك الجهة”.
ووفق بن يونس، “الناس الذين يدعمون سعيّد شعبيا لا يزالون يعتقدون أن أزمة الخبز سببها رجل أعمال احتكر 50 مخبزا، إلى غير ذلك من الملفات، فلا أعتقد أن التنافس سيقع على هذه الملفات”.
** “ممثل التيارات الفكرية والسياسية”
بن يونس يرى أن “نقطة قوة سعيد خلال 2019 والآن، هي أنه في الوقت ذاته يمثل التيارات السياسية التي كانت تتصارع على المشهد السياسي التونسي منذ 70 عاما”.
ويكمل: “سعيد يريد القول إنه يمثل التيار الوطني بتركيزه دائما على الحركة الوطنية وحركة الإصلاح في القرنين التاسع عشر والعشرين، ويمثل التيار العروبي والإسلامي، ولذلك يذهب للجوامع ويتكلم بخطاب عروبي عن فلسطين، كما يمثل التيار الاجتماعي ولا يترك لاتحاد الشغل ورجال الأعمال فرصة توقيع حتى اتفاق صوري حول الأجر الأدنى، ويلعب هذه الورقة”.
ويزيد: “أما بالنسبة للمرشحين المغزاوي وزمال، فهما سياسيان يمثلان مناطق صغيرة، فالأول من ولاية قبلي (جنوب) وهي أصغر ولاية في تونس من حيث عدد السكان، ويمثل تيارا ناصريا ولا يحظى بإجماع حتى من التيار القومي”.
ويمضي بن يونس بالقول: “أما زمال فهو من المناطق المهمّشة (قرية المنصورة جنوب شرق ولاية سليانة شمال غرب تونس)، ويحاول أن يكون صديق الجميع، وهو رجل أعمال صغير”.
ويلمح إلى أن “التحقيقات (القضائية) التي تجرى مع زمال الآن قد تساهم في إضعاف حظوظه من خلال إبرازه رجل أعمال استفاد من المنظومة السابقة لأنه كان قريبا من نداء تونس (حزب الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي)، وتحيا تونس ورئيسه (حزب رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد)”.
** هل يأتي “الانفراج السياسي”؟
وبخصوص توتر الوضع السياسي وتوالي توقيف “نشطاء وسياسيين” بحسب المعارضة، يقول الهمامي: “التصعيد لم يأتِ من الدولة التي هي قائمة على المؤسسات، وكما قال الرئيس سعيّد، الدولة لا تدار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل يحكمها قانون”.
ويعتبر أن “التصعيد جاء من الطرف المقابل”، في إشارة إلى المعارضة، مضيفا: “البعض يطالب بإخراج سعيّد من الحكم وانتخاب أي كان سواه وإن كانت فيه العيوب كلها، وهو تصريح تصعيدي”.
ويكمل الهمامي: “رغم اتهامه بالدكتاتورية وإقصاء المرشحين للانتخابات الرئاسية، الرئيس لم يقدم أي شكاية ونحن مع تطبيق القانون”.
ويزيد: “هناك من عليه قضايا ويقول سأترشح للانتخابات الرئاسية، وعندما يدعوه القضاء (للمحاكمة) يقول تمّ ذلك لأنه ترشح للانتخابات الرئاسية. ولا يوجد أي كان داخل السجون من أجل رأيه”، وفق قوله.
الهمامي دعا الجميع إلى “التهدئة، لأن المناخ السياسي يجب أن يكون سلسا وفيه روح التنافس، ذلك أن المنافسة ستكون على البرامج والطرح وإذا كان الجو مشحونا فسيتحول التركيز إلى الخلافات الجانبية والمعارك السياسية التي ليست لها أي أهمية للمواطن التونسي”.
** “مفاجأة” في النتائج السياسية
بدوره، توقع بن يونس أن تأتي الانتخابات الرئاسية بالانفراج، وقال: “النتائج السياسية للانتخابات يمكن أن تنتج مفاجآت وطبخة سياسية تؤدي إلى تغييرات في المشهد الحالي الموسوم بالتوتر”.
ويتابع: “ربما بعد الانتخابات وحتى قبلها يذهب الرئيس إلى طبخة ما في اتجاه الانفراج، ويغلق ملفات التوتر”، دون مزيد توضيح.
ويرى “أن تعيين كمال المدوري رئيسا للحكومة وهو كادر محترم في وزارة الشؤون الاجتماعية وقاض وخبير ومفاوض دولي من منطقة الشمال الغربي المهمشة لأول مرة، وتعيين قاضيين على رأس وزارة الداخلية هما خالد النوري وسفيان بن الصادق، وهما تكنوقراط ومستقلان، دليل على التوجه نحو الانفراج”.
ووفق بن يونس “يؤشر على هذا إبعاد الرئيس سعيد (وزير الشؤون الاجتماعية مالك) الزاهي، و(وزير الداخلية كمال) الفقيه، وكل الرموز الإيديولوجية، ومنهم نادية عكاشة (المديرة السابقة للديوان الرئاسي)”.
وبحسب تقديره، “يعني ذلك أنه تم إبعاد من له مشروع إيديولوجي، وأن الرئيس سعيّد لا ينخرط معهم في مشروعهم الإيديولوجي السياسي الشخصي”.
وبحسب العديد من المراقبين، يُحسب كل هؤلاء على تيارات ماركسية متشددة.
وفي أبريل/ نيسان الماضي، أعلنت جبهة الخلاص الوطني، أكبر ائتلاف للمعارضة، أنها لن تشارك في الانتخابات بدعوى “غياب شروط التنافس”.
بينما تقول السلطات إن الانتخابات تتوفر لها شروط النزاهة والشفافية والتنافس العادل.
وقاطعت المعارضة كل الاستحقاقات التي تضمنتها إجراءات استثنائية بدأها سعيد في 25 يوليو 2021، وشملت: حلّ مجلسي القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات “انقلابا على دستور (2014) الثورة وتكريسا لحكم فردي مطلق”، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد “تصحيحا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987 ـ 2011).
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات