قال الشاعر الأمازيغي العصامي إبراهيم أبو علي إن “إيمازيغن يحتقرون ذاتهم وهويتهم ولغتهم”، مشددا على أن “هذا الاحتقار كان نتيجة سنوات من الترسبات والإرهاصات التي حاولت جاهدة تعريب المجتمع وجعلت الإنسان الأمازيغي يبتعد عن هويته ويشكك فيها ولا يعترف بها، بل دفعته لأن يدعي العروبة ويدافع عنها، رغم أنه أمازيغي الجذور”.
وأضاف أبو علي، ضمن دردشة مع جريدة هسبريس الإلكترونية حول قضايا الهوية الأمازيغية، أن “بعض العروبيين يريدون طمس الهوية الأمازيغية بشكل منهجي من خلال اتهام إيمازيغن بالعنصرية والحال عكس ذلك، أو من خلال اتهامهم بالإلحاد ومعاداة الدين انطلاقا من مواقف وخطابات أشخاص بعينهم، وعملوا على ترسيخ هذه الأفكار في أذهان البسطاء من الأمازيغ الذين لا يفهمون أن الدين رسالة عالمية تؤمن بتعدد الأعراق واللغات، وبالتالي فقد كانت نتيجة ذلك هي إنكار الأمازيغي لهويته ولغته خوفا من أن تلصق به أي من هذه التهم”.
وبين الشاعر الأمازيغي ذاته أن “هذه الأفكار بدأت تُصحح في الآونة الأخيرة، وبدأت الأمازيغية تعود إلى السكة الصحيحة نتيجة مجموعة من العقول المستنيرة التي تقاوم محاولات تنميط المجتمع المغربي باستعمال ورقة الدين والشرع الذي لا يقبل هو نفسه بادعاء الإنسان لنسب قوم ليس له فيهم أي نسب”.
وعن حضور مسألة الهوية في كتاباته الشعرية، أشار المتحدث إلى مجموعة من القصائد، على غرار قصيدة “أفار”، وهو نوع من النبات يسبب الضرر لإنتاج الحقول ويمنع النباتات الأخرى من النمو، قائلا في هذا الصدد إن “أفار هنا يرمز إلى العروبيين الذين تحدثنا عنهم، الذين يمنعون إيمازيغن من عيش كينونتهم والاحتفاء بثقافتهم ولغتهم التي بقيت صامدة لقرون من الزمن في وقت انقرضت وتلاشت فيه بعض اللغات التي عاصرتها”.
وتابع بأن “هذه القصيدة التي تقول في مطلعها “ءيسموتل وافار ءازور ف-ءوزو نو موكرن”، تعالج بالأساس قضية تعريب المجتمع الأمازيغي ومحاولات طمس هويته الضاربة في عمق التاريخ، وكذا محاولات تحويل الأمازيغ إلى أقلية لا تجرؤ عن الإفصاح عن هويتها أو التحدث بلغتها”، مضيفا أن “أبيات القصيدة تتحدث أيضا عن محاولات تخدير إيمازيغن بالدين الذي لم يمنعهم أبدا من ممارسة حقوقهم اللغوية، ذلك أن اللغة هي آية من آيات الله تعالى”.
وزاد شارحا أن “قصيدة “أفار” هي محاولة لزرع الإيمان بالشعار الثلاثي المعروف عند الأمازيغ، أي أكال وأفكال وأوال (الأرض واللغة والإنسان)، في نفوس المواطنين”، معتبرا أن “ترسيخ هذه الفكرة في أذهان الأجيال القادمة يضمن استدامة الثقافة واللغة الأمازيغيتين”.
وحول أبرز المواضيع التي عالجها في قصائده الشعرية، ذكر أبو علي تركيزه على موضوع الحياة كما في قصيدة “توردت ن ربي” وقصيدة “نرمي تودت” وقصيدة “أغاراس” أي الطريق، التي غناها الفنان علي فايق، معتبرا أن “هذه القصيدة الأخيرة التي تعود إلى منتصف تسعينات القرن الماضي، تقارب موضوع إحساس الإنسان بالضياع في الحياة وفقدان قيمته في وسطه الاجتماعي، وبالتالي فهي دعوة إلى استخدام العقل لتجنب عيش هذا الضياع حتى لو فرض عليه”.
وأكد المصرح لهسبريس أن “الشعر يجب أن يكون حاملا لرسالة ما”، مشددا في الوقت ذاته على أن “الشعر الأمازيغي يواجه معضلة التوثيق، إذ يتم نسب قصائد لغير كاتبها في حال الجهل بمصدرها، وعليه وجب الاشتغال على عملية التوثيق التي ستمكن الباحثين في الثقافة الأمازيغية وتجلياتها من إيجاد مواد خام لدراساتهم وأعمالهم الأكاديمية”.
جدير بالذكر أن الشاعر إبراهيم أبو علي من مواليد سنة 1968 بنواحي مدينة أكادير بجهة سوس ماسة، بدأ مساره الشعري في أواخر ثمانينات القرن الماضي، وكتب مجموعة متنوعة من القصائد التي تتناول “تيمات” مختلفة سياسية واجتماعية وعاطفية، على غرار “تاكانت”، “زلض”، “تاوجا”، “أيور” وغيرها من الأشعار الأخرى.
المصدر: وكالات