قالت نضال جهيد، الحاصلة على دبلوم دولي- تخصص تدريب ألعاب القوى من كلية علوم الرياضة لايبزيغ بألمانيا، إن “جامعة ألعاب القوى أحدثت خمسة مراكز جهوية لتكوين العدائين، بالإضافة إلى الأكاديمية الدولية محمد السادس بإفران، إلا أنه بعد أزيد من عشر سنوات من إحداثها، يتضح أنها لم تحقق النتائج المرجوة في إنتاج أبطال عالميين، واقتصرت على تحقيق نتائج على الصعيدين العربي والمحلي، وهو الشيء الذي كانت تقوم به الأندية ولا تزال بعيدا عن المراكز”.
وفي مقال بعنوان “ألعاب القوى إلى أين…؟!” استعرضت نضال جهيد، الحاصلة على ماستر متخصص في التدبير الرياضي والحكامة من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالدار البيضاء، مجموعة من العوامل التي من خلالها يمكن تشخيص وضع المراكز المذكورة وتسليط الضوء على مكامن الخلل في المنظومة الرياضية، كما تطرقت إلى عدد من العوامل الرئيسية الكامنة وراء عدم قدرة المراكز على إنتاج أبطال، خاصة على مستوى التدبير والحكامة.
نص المقال:
من أكبر المشاريع التي “أنجزتها” جامعة ألعاب القوى هي إحداث خمسة مراكز جهوية لتكوين العدائين، بالإضافة إلى الأكاديمية الدولية محمد السادس بإفران، التي رصدت لها ميزانية مهمة لإنشائها وتدبيرها بهدف التنقيب والتكوين والتأطير وإعداد جيل من الأبطال.
إلا أنه بعد أزيد من عشر سنوات من إحداثها (وهي مدة كافية لإعداد بطل أولمبي)، يتضح أن هذه المراكز لم تحقق النتائج المرجوة في إنتاج أبطال عالميين، بل اقتصرت على تحقيق نتائج على الصعيدين العربي والمحلي، وهو الشيء الذي كانت تقوم به الأندية ولا تزال بعيدا عن المراكز.
إذن ألم يحن الوقت بعد لتشخيص العوامل التي عرقلت تحقيق الأهداف المنشودة وراء إحداثها، وهي “صناعة بطل عالمي وأولمبي؟!”. من خلال مقالي هذا سأتطرق إلى مجموعة من العوامل، التي من خلالها يمكننا تشخيص وضع هذه المراكز، ونسلط الضوء على مكامن الخلل في هذه المنظومة:
1- غياب الرؤية الاستراتيجية طويلة الأمد: عدم وجود برنامج وخطة مستدامة لتطوير العدائين على مدار سنوات بدءًا بالناشئين إلى عدائي النخبة، مرورا بجميع الفئات، عدم وضع برنامج يتماشى مع تكوين وتأطير وتأهيل كل فئة على حدة، مع الأخذ بعين الاعتبار العوامل الفيزيولوجية والنفسية والبدنية وحتى الاجتماعية، وتحديد برنامج للمنافسات سنوي يتناسب مع كل فئة. بل كانت الجهود مشتتة وتركزت على تحقيق نتائج سريعة بدل الاستثمار في بناء جيل من الأبطال على المدى البعيد.
2- ضعف التخطيط والمتابعة: حيث يصل العداء إلى مستوى عال في سن مبكرة، وبعدها يغيب عن الميادين بسبب غياب آليات فعالة لقياس الأداء وتقييم البرامج التدريبية.
3- تطور المنافسة الخارجية: تطور المناهج التدريبية وعدم المواكبة وغياب التكوينات بالنسبة لمدربي المراكز والأندية على حد سواء، وبالتالي الاشتغال والتدريب بمناهج تقليدية لا تواكب التطور العلمي والتكنولوجي الذي عرفته ألعاب القوى.
4- فقدان الثقة والاهتمام والشغف بسبب النتائج يؤدي ببعض العدائين إلى التوقف المبكر أو الهجرة.
أما على مستوى التدبير والحكامة، فيمكننا أن نحدد العوامل الرئيسية الكامنة وراء عدم قدرة هذه المراكز على إنتاج أبطال:
ضعف الإدارة وغياب الكفاءة قد يؤديان إلى اتخاذ قرارات غير مسؤولة تؤثّر سلبا على جودة التدريب وظروف العدائين.
من أكبر تحديات التدبير غياب الشفافية وغياب أنظمة مساءلة فعالة لتقييم الأوضاع وتقويمها، وبالتالي المحاسبة.
عدم استقرار الإدارة يؤثر أحيانا في استمرار البرامج إذا ما كانت.
المركزية في اتخاذ القرارات دون الأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الجغرافية والاجتماعية للمنطقة التي تنتمي إليها المراكز.
– قلة الموارد البشريّة المؤهلة، إما بسبب عدم التكوين والتأطير والتأهيل، أو بسبب إقصاء وتهميش كفاءات وطنية مؤهلة.
كخلاصة، من خلال مقال حاولت التطرق إلى النقط التي يمكن أن تكون هي مكمن الخلل في منظومة ألعاب القوى بدءا بالمراكز إلى الأندية ثم الجامعة، إلى أن نجد آذانا صاغية في وطننا الحبيب.
المصدر: وكالات