مؤشرات قلق متزايد، خصوصًا في أوساط “الشباب المتعلم”، حذر منها تقرير دولي صادر اليوم الإثنين، بالتزامن مع تخليد العالم اليوم الدولي للشباب؛ الذي يوافق 12 غشت من كل سنة.
وبحسب ما طالعته جريدة هسبريس الإلكترونية، في مضامين النسخة الكاملة من التقرير، فإن “فئات واسعة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا لا يعملون ولا يتعلّمون ولا يتدربون”، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي الفئة الاجتماعية المعروفة اختصاراً في أدبيات المؤسسات المهتمة بالتشغيل بـ “NEET”.
التقرير، ضمن تحليله، رصد مفارقة صارخة مفادها أن “استمرار معدلات ‘NEET’ المرتفعة والنمو غير الكافي في العمل اللائق يُسبّبان قلقاً متزايدًا بين شباب اليوم، الذين هم، أيضاً، أكثر الشباب تعليما على مرّ كل العصور”.
“من بين الأعلى”
بصفة خاصة أثار التقرير، الصادر عن وكالة أممية متخصصة هي “منظمة العمل الدولية” (OIT)، إشكالية التفاوت المجالي في تشغيل الشباب بين الاقتصادات المتقدمة ونظيرتها متوسطة أو منخفضة الدخل، مسجلا أن “البلدان التي يُلاحَظ فيها أقل قدر من التقدم هي البلدان منخفضة الدخل والواقعة في مناطق دون إقليمية، حيث كانت هذه المعدلات بالفعل من بين الأعلى المسجلة عبر العالم؛ أي في الدول العربية وشمال إفريقيا، إلى جانب دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى”.
التقرير المعنون بـ”الاتجاهات العالمية لعمالة وتشغيل الشباب 2024″ (GET for Youth) جاء مؤكدا حقيقة مفادها أن “الانتعاش المأمول في العمالة وتشغيل الفئات الشابة (ذكورا وإناثا) بعد جائحة كوفيد-19 العالمية لم يكن شاملاً لكل البلدان أو جميع الفئات العمرية”، محذرا من “عدم استفادة العديد من الشباب من ثمار الانتعاش الاقتصادي في بعض المناطق”، خاصاً بالذكر بلدان القارة الإفريقية، حسب ما طالعته هسبريس ضمن النسخة الكاملة للوثيقة.
وبلغة الأرقام فإن واحداً من كل ثلاثة شباب (أي 33 في المائة) يعيشُ في بلدٍ لم يحقق هدفه المتمثل في خفض معدل “NEET” بين الشباب، وفق المصدر ذاته، مذكراً بأنه هدف مندرج ضِمن الأهداف المسطرة في أهداف التنمية المستدامة بحلول سنة “2030 ODD”.
وطنياً، يشار إلى أن هذه النتائج تؤكد ما جاء سابقاً ضمن تقرير رسمي صدر في ماي 2024 عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مبرزاً أن “المغرب يتوفر على قدرة هائلة تتمثل في شبابه؛ فبَيْن 15 و24 سنة يوجد 6 ملايين من المغاربة”، محذرا من انضمام “أفواج جديدة من الشباب المغاربة إلى هذه الفئة”.
وكان المجلس الاقتصادي بالمغرب أوصى بـ”إنشاء نظام معلوماتي وطني ذي امتداد جهوي لرصد فئة الشباب هذه المعروفة بـ’NEET’ وتتبع مساراتها، يضم معطيات متقاطعة من مصادر متعددة، ولاسيما السجل الاجتماعي الموحد والأجهزة الإحصائية التابعة لقطاعات التعليم والتكوين والتشغيل، معزّزة بمعطيات مستمدة من أنظمة معلوماتية أخرى، مثل الإحصاء العام للسكان والسكنى، وصناديق الحماية الاجتماعية، وإدارة السجون، والخدمة العسكرية، وغيرها”.
ومن بين ما ورد في الجانب الإحصائي، حسب رأي المجلس، وجود خمس فئات متمايزة من الشباب الذين لا يشتغلون وليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين، هي: “ربّات بيوت منحدرات من الوسط القروي ويتجاوزن نسبة 50 في المائة، والشباب المنحدرون من الوسط الحضري المعانون من الإحباط (25 بالمائة)، والشباب في مرحلة انتقالية (8 في المائة تقريبا)، وشباب في وضعية ‘NEET’ بمحض إرادتهم (7.5 بالمائة)، والشباب الذين يعانون من مشاكل صحية (5 بالمائة)”.
كما حذرت المؤسسة الاستشارية الرسمية، حينها، من اختلالات “تؤدي إلى ظهور أفواج جديدة من الشباب الذين لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين”، وهي فئة تتراوح أعمارها بين 15 و24 سنة، وسبق أن قدّرت المندوبية السامية للتخطيط عددها بمليون شخص ونصف المليون.
“بطالة مرتفعة”
لا تنفك أرقام بطالة الشباب ترتفع في عدد من بلدان منطقة إفريقيا والشرق الأوسط، فرغم أن التقرير رصد انخفاض معدلات بطالة الشباب عالمياً إلا أن “الوضع ليس على النحو نفسه في كل المناطق؛ فمعدلات بطالة الشباب في الدول العربية، في العام 2023، أعلى مما كانت عليه في العام 2019” (أي قبل الجائحة)، وفق الوثيقة.
كما حذرت منظمة العمل الدولية من أن “التوظيف بعد جائحة كوفيد-19 لم يتعاف على المستوى العالمي”، خاصة في دول شمال إفريقيا والدول العربية؛ وهو التحذير الذي يشمل المغرب، أيضاً.
وتحسّنت توقعات سوق العمل العالمية للشباب على مدى السنوات الأربع الماضية. ومن المتوقع أن يستمر الاتجاه التصاعدي لمدة عامين آخرين، وفقًا لـ”OIT”.
وفي العام 2023 كان كل واحد من كل خمسة شباب – أي 20.4 في المائة من سكان العالم – ينتمي إلى فئة “الذين لا يعملون ولا يتعلمون ولا يتدربون” (المعروفة اختصارا بـ”NEET”)؛ فيما “ثلُث هؤلاء من النساء”.
المصدر: وكالات