بعد وزارة العدل التي أعلنت، قبل أسابيع قليلة، العمل على رقمنة تحرير الأحكام عبر استدماج الذكاء الاصطناعي في مسار تحديث منظومة العدالة المغربية، وتجدّد ذلك عند إشارة وهبي (خلال حوار مع هسبريس) إلى سعي وزارته جدّياً إلى إخراج “قانون تقنين استخدامات الذكاء الاصطناعي” بالمغرب، مرّت وزارة المالية إلى اعتماد “الوافد التكنولوجي الجديد” في مسارات اشتغالها بهدف “تطوير اتخاذ القرار الميزانياتي”.
جاء ذلك في جواب للوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، على سؤال كتابي لنائبة عن الفريق الحركي بمجلس النواب، حول “مدى تفاعل وزارة الاقتصاد والمالية مع الذكاء الاصطناعي وتطوير رقمنة الخدمات”.
الوزير أورد في جوابه، الذي طالعته هسبريس، أنه “في إطار سياسة التحديث التي تنتهجُها وزارة الاقتصاد والمالية، ووعياً منها بالدور الفعّال للذكاء الاصطناعي والرقمنة كرافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، باتت المشاريع المتعلقة بالتحول الرقمي من الأولويات الأساسية التي تسعى إلى تطويرها بهدف تحسين جودة وفعالية الخدمات العمومية، وتحسين مستوى الأداء، وكذا توفير حلول مبتكرة للتحديات التي تواجهها الوزارة”.
الضرائب والجمارك
كشف لقجع، ضمن الوثيقة، أن “استخدام الذكاء الاصطناعي يتم في مجال مراقبة الحدود وتنظيم التجارة الدولية”؛ إذ أجْرت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة “عدة تجارب باستخدام تقنيات تحليل البيانات وخوارزميات التعلم الآلي لتنفيذ التحليل التنبؤي في مراقبة التصاريح الجمركية،، وتحديد مخاطر الغش المحتملة؛ كما تسعى حاليا إلى إجراء اختبارات تكميلية والاستفادة من نتائجها من أجل إنشاء نظام ذكي متكامل يواكب تطور أنماط الغش”.
“تدرُس إدارة الجمارك إمكانية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجالات أخرى من العمل الجمركي (مثل تحليل الصور التي يتم الحصول عليها عبر أجهزة السكانير لتحسين فعالية مراقبة الحمولات عند الاستيراد والتصدير)”، يشرح الجواب الوزاري ذاته.
واقتحَمَ الذكاء الاصطناعي مجالات اختصاص المديرية العامة للضرائب، التي تستعين به “تنويعاً لوسائل الاتصال ومساعدة المستخدمين لاستعمال الخدمات عن بعد (chabot) ولتعزيز وسائل مكافحة الغش الضريبي، بالإضافة إلى رقمنة عمليات إيداع الإقرارات الضريبية وتطوير الأداء الإلكتروني وتقديم العديد من الخدمات عن بعد، كالحصول على الشهادات الإدارية وتتبع الوضعية الجبائية”، وفق نص الجواب.
كما يتم “إنشاء وتنفيذ العديد من تطبيقات ومنصات تكنولوجيا المعلومات بهدف تبسيط الإجراءات وإضفاء الطابع اللامادي على الخدمات المقدمة للمواطن والمقاولات”، وفق جواب الوزير، ذاكرا منها “النظام المعلوماتي ‘بدر’ للتعشير الجمركي والأنظمة المعلوماتية للإقرار الضريبي وتحصيل الضرائب، والنظام المعلوماتي ‘أملاك’ لإدارة الأراضي والأصول العقارية للدولة؛ والنظام المندمج ‘جسر’ لإدارة الموارد البشرية والممتلكات المنقولة وغير المنقولة والخدمات اللوجستكية للوزارة”.
تنزيل “صفر ورق”
من بين تدابير وزارة الاقتصاد ومديرياتها “حذفُ التعاملات الورقية وتنزيل مفهوم “0 ورق” من خلال التخلي عن الإيداع المادي للتّصاريح الجمركية وتعويضه بمسطرة مُرقمنة، وربط النظام المعلوماتي لإدارة الجمارك بأنظمة الشركاء المتدخلين في سلسلة التجارة الخارجية، بهدف تحقيق تنسيق أفضل لتدبير عمليات الاستخلاص الجمركي”.
وبالانتقال إلى “مديرية أملاك الدولة” فهي تعمل على “تأهيل وتطوير النظام المعلوماتي الخاص بها لوضع نظام مندمج لتدبير الملك الخاص للدولة مَكّن من دمج النظام المعلوماتي الجغرافي بصفة تلقائية، وتطوير أكثر من 100 ميزة جديدة مقارنة مع النظام السابق، ومواكبة أنشطة أملاك الدولة على جميع مستويات المديرية، بالإضافة الى تميزه بهندسة ممركزة يمكن استغلالها من طرف 675 مستعملا في آنٍ واحد”، وفق المصدر ذاته.
وأشار وزير الميزانية إلى أنه “تم إطلاق مشروع خاص بالنظام المعلوماتي الجغرافي (SIG) من طرف مديرية أملاك الدولة، بهدف ضبط وتوفير قاعدة بیانات شاملة وموثوقة حول أملاك الدولة (بما فيها المعطيات الجغرافية ودمج جميع البيانات والمعطيات الجغرافية المنبثقة من شركاء المديرية؛ وكذا تسهيل اتخاذ القرار عبر التحليل الذكي لكل الطلبات المختلفة الواردة من شركاء المديرية)”؛ كما شدد على أن “مديرية الميزانية أدرجَت عدة مشاريع للذكاء الاصطناعي في خطتها للتحول الرقمي للفترة 2022-2026؛ ما ساهم في إنشائها روبوت محادثة ‘chatbot’ لنظام ‘eBudget’، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين المستخدمين من خلال استعمال الذكاء الاصطناعي المتواجد في نظام ‘Digital Workplace DB’ للمساعدة في كتابة المحتويات وإعادة صياغة النصوص أو تلخيصها أو ترجمتها”.
وبينما لفت إلى أن الذكاء الاصطناعي “سيمكّن من تحليل البيانات الميزانياتية لدعم عملية اتخاذ القرار”، أبرز الوزير أن القطاع “طوّر نهجاً يهدف إلى تقارب وترشيد الموارد والجهود بين المديريات في مجال الرقمنة، الذي تجسد في إنشاء اللجنة الإستراتيجية لنظم المعلومات منذ سنة 2004”.
المصدر: وكالات