بعد حوالي شهرين من عرض أول حلقة منه، التي أثارت وقتها ضجة كبرى بعد أن رأت أطراف مجتمعية مختلفة المشارب والمرجعيات أنه “يناقض عادات وأعراف المجتمع ويساهم في تسليع النساء والرجال كذلك”، عاد برنامج “المواعدة العمياء” في حلقته الثانية ليحيي الجدل من جديد.
وخلافا لما كان في الحلقة الأولى، انقلبت الأدوار في الحلقة الجديدة من البرنامج؛ فقد أخذ الذكور مبادرة اختيار الفتيات الأربع المصطفات جنبا إلى جنب من وراء ستار، وهو ما أطلق مجددا “حملة امتعاض من فكرة البرنامج”، لا سيما وأنها، حسب معلقين، تظل “دخيلة على مجتمع له مرجعياته الفكرية والثقافية المحددة والمعروفة منذ مدة”.
وكان جهاز الأمن المغربي قد دخل في وقت سابق على خط الضجة التي وقعت بعد بث الحلقة الأولى من الصيغة المغربية لبرنامج “بلاند دايتينغ” المعتمد في مجتمعات أجنبية، إذ تم التحقيق مع الفتاة المقدمة للبرنامج وقتها ومنعها من مغادرة التراب الوطني إلى غاية استكمال الإجراءات للاشتباه في تورطها في “المساس بالأخلاق العامة والتحريض على الإخلال العلني بالحياء بواسطة الأنظمة المعلوماتية”.
أمينة التوبالي، ناشطة حقوقية باحثة في قضايا المرأة، قالت: “للأسف الشديد، إن هذه المواقع الاجتماعية يتم تسخيرها بشكل خاطئ يساهم في تسليع البشر وتضبيع المتلقي، حيث إن مثل هذه البرامج تظل مرفوضة اجتماعيا وثقافيا داخل النسق المجتمعي المغربي، في وقت يتعارض ما يتم نشره مع حفظ كرامة النساء”.
وأضافت التوبالي، في تصريح لهسبريس، أن “الفضاء الرقمي على الرغم من أنه لا يخضع للرقابة إلا أنه يمثل صورة حقيقية للعقليات المتجذرة داخل المجتمع، ويعكس النظرة الدونية للمرأة عبر النظر إليها كجسد لا ككيان له أدوار مختلفة داخل الدائرة المجتمعية، وهو ما يتنافى وضمان كرامتها”.
وأوردت المتحدثة أن “من الواجب التوجه نحو إعمال التوعية بخطورة هذه البرامج على القيم المجتمعية، خاصة داخل بلد له هوية وأصالة عريقة عرفت فيه المرأة تقديرا لدى مختلف الثقافات فيما يرتبط بالزواج والتقاليد التي تبهر مجتمعات أجنبية”.
من جهتها، أفادت كريمة رشدي، فاعلة حقوقية، بأن “الواقفين وراء هذا البرنامج يريدون اختلاق واقع جديد لم يكن من قبل، إذ هناك تساؤلات كيف تكونت الجرأة لديهم لبث مثل هذه البرامج على الرغم من وجود شريحة محافظة، وهو ما يبرز وجود خلل في المنظومة التربوية أثر بشكل واضح على هذا الجيل الحالي”.
وأضافت رشدي، في تصريح لهسبريس، أن “هذه التجربة تبقى محاولة لإسقاط ما هو افتراضي على مستوى الواقع المُعاش على الرغم من عدم إمكانية ذلك؛ فنحن نبقى متمسكين بعدم قبول تشييء أي طرف مجتمعي، سواء الرجال أو النساء، انطلاقا من مثل هذه البرامج الرقمية السطحية والضاربة في كينونة الرجل والمرأة ككل”.
وسجّلت المتحدثة “وجود تصدع في فهم مدلول الأسرة لدى الجيل الحالي الذي لا يستوعب الدلالات المجتمعية لهذه المؤسسة، إلى درجة أنه انخرط في التأسيس لمقاييس للاختيار تتنافى مع ما كان متعارفا عليه”، لافتة إلى أن “المؤشرات توضح أن القادم سيكون صعبا وأسوأ”.
بدورها، سبق أن أدانت الجمعيات المدافعة عن حقوق الرجل فكرة البرنامج، واعتبرت أن “الأمر لا يمكن قبوله لكونه يشكل مساسا بقيم المجتمع في ظل وجود هذا الجيل الجديد من الشباب، حيث إنه من غير المقبول وضع الرجل المغربي في صورة مهينة للغاية”، داعية الأجهزة الأمنية إلى “البحث في النازلة”.
المصدر: وكالات