تطور مهم شهده مجال النظافة في المجال الحضري بالمغرب خلال السنوات الأخيرة، إذ انتقلت نسبة كنس وجمع الأزبال من 44 في المائة سنة 2008 إلى 96 في المائة حاليا، غير أن وزارة الداخلية ليست راضية عن مستوى استخلاص ضريبة النظافة، وتطالب الجماعات المحلية ببذل جهود إضافية لتوسيع قاعدة المواطنين الذين يؤدون هذه الضريبة، بينما تشكو الأخيرة من “قصَر اليد”، وتطالب بدعمها لتجاوز الوضعية الراهنة.
هذه الدعوة جاءت على لسان وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين يوم الثلاثاء الماضي، حيث انتقد عدم أداء بعض الجماعات وبعض المواطنين الضريبة الخاصة بالنظافة، مبرزا أن “هذه الخدمة تتطلب إمكانيات مالية كبيرة، ولكي نرتقي بمستوى الخدمات في هذا الميدان يجب على الجميع أن يؤدي ما عليه”، وزاد: “الدولة تؤدي واجبها وتقوم باللازم، وعلى المواطنين أن يؤدّوا ليطالبوا بخدمات في المستوى”.
وفي المقابل أرجعتْ مصادر من قطاع الجماعات المحلية صعوبة استخلاص الضريبة على النظافة إلى مجموعة من العوامل، في مقدمتها عدم توفّر الجماعات حديثة النشأة على المعطيات الخاصة المتعلقة بمَن يتوجب عليهم أداء الضرائب، إضافة إلى كون الضريبة على النظافة لا تُؤدى مباشرة إلى الجماعات، وإنما تمر عبر مصالح وزارة الاقتصاد والمالية.
الحسين أزوكاغ، رئيس مجلس جماعة بلفاع باشتوكة أيت باها، قال، في تصريح لهسبريس، إن الجماعات، لاسيما الحديثة، “تواجه مشاكل على مستوى إحصاء المُلزمين بأداء الضريبة على النظافة، إضافة إلى كون هذه الضريبة تدخل ضمن خانة ‘الضرائب المحوَّلة’، التي فيها تداخُل على مستوى الجهات المُستخلِصة لها”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “تجاوز العوائق التي تحُول دون توسيع العائدات المالية المتأتّية من الضريبة على النظافة يقتضي تضافر جهود وزارة الداخلية، ووزارة الاقتصاد والمالية، والجماعات، وأن يكون هناك حزم من طرف وزارة الاقتصاد والمالية في استخلاص هذه الضريبة، لأنها حاليا تُعتبر بالنسبة إليها كضريبة ثانوية لأنها تحصل على نسبة قليلة من عائداتها”.
واقترح أزوكاغ تمكين الجماعات الترابية من استخلاص الضريبة على النظافة بشكل مباشر، وإخراج هذه الضريبة من خانة “الضرائب المحوّلة”.
وتطمح وزارة الداخلية إلى رفع نسبة جمع وكنْس الأزبال في الوسط الحضري إلى 100 بالمائة، وهو من بين الأهداف الرئيسية المضمَّنة في البرنامج الوطني لتثمين النفايات المنزلية والمماثلة لها، الذي أعدته الوزارة بشراكة مع وزارة الاقتصاد والمالية للفترة الممتدة ما بين 2023-2034، بغلاف بقيمة 14.21 مليار درهم؛ غير أن هذا الطموح يصطدم بمجموعة من الإكراهات التي تواجه الجماعات في توفير عائدات مالية إضافية من خلال الضريبة على النظافة.
محمد السيمو، رئيس مجلس جماعة القصر الكبير، قال إن المشكل الأكبر الذي تعاني منه الجماعات يتعلق بقلّة الموارد البشرية، مُرجعا سبب ذلك إلى منْع التوظيف المباشر الذي تقرر في عهد رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بنكيران، وداعيا وزارة الداخلية إلى تمكين الجماعات من توظيف الأعوان العرضيين، مع الرفع من رواتبهم لتصل إلى الحد الأدنى للأجور.
وأورد السيمو، في تصريح لهسبريس، أن جماعة القصر الكبير التي يرأسها فقدت خلال تسع سنوات الأخيرة 170 موظفا وعوْنا، وزاد: “لا حق لي في التوظيف بعد أن أصبح مشروطا باجتياز مباراة، وهو ما يؤثر سلبا على الموظفين والأعوان المتبقين، لأنهم يتحملون أعباء إضافية”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “أعوان النظافة يبذلون جهدا مضاعفا خلال فصل الصيف، بسبب توافد أفراد الجالية المغربية بالخارج، وتنظيم مهرجان وأنشطة فنية وثقافية”، مضيفا: “نريد من وزارة الداخلية أن ترفع أجور الأعوان العرضيين التي لا تتجاوز 1600 درهم لتصل إلى الحد الأدنى للأجور، حتى يتحفزوا على العمل ويستقروا في عملهم بالجماعات، عوض التوجه إلى شركات المناولة”.
إشكال آخر يرى رئيس جماعة القصر الكبير أنه يعوق استخلاص الجماعات المحلية الضريبة على القيمة المضافة، ويتعلق بـ”الصراع السياسي”، قائلا: “إذا ضغطتَ على الناس من أجل أداء ما بذمتهم فقد يأتي من يستغلُّ ذلك ضدك سياسيا من أجل كسب الانتخابات، وهذا يخلق مشكلا”.
المصدر: وكالات