رصد تقرير حديث صادر عن “مركز كارنيغي الشرق الأوسط”، أبرز جهود وتحديات كل من المملكة المغربية وسلطنة عمان في مجال الانتقال الطاقي، معتبرا “التحول الطاقي بات من الأولويات الاقتصادية بالنسبة لكل من عمان والمغرب، وذلك رغم اختلاف مسارهما في هذا الإطار”، مسجلا أن “المغرب يعد من البلدان المستوردة للهيدروكربونات، ويتميز بهيكل اقتصادي متنوع، إذ يساهم القطاع الصناعي المغربي بحوالي 26 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، والزراعة بنسبة 12 في المائة والتعدين بنسبة 10 في المائة، فيما يساهم القطاع السياحي بحوالي 7 في المائة على هذا المستوى”.
وأشار المصدر ذاته إلى أن “المغرب واجه سنة 2022 تحديات كبيرة ومترابطة تسببت في انخفاض بنسبة 7 في المائة في نمو الناتج المحلي الإجمالي، كما واجه توالي سنوات الجفاف وآثار التباطؤ الاقتصادي العالمي وارتفاع أسعار السلع والمواد الأولوية في السوق العالمية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، غير أن اقتصاد هذا البلد بدأ في الانتعاش خلال العام الماضي رغم زلزال الحوز المدمر، مدفوعا بانتعاش الإنتاج الفلاحي والقطاع السياحي وانخفاض معدلات التضخم المحلي”، مسجلا أن “الدولة المغربية نفذت إصلاحات مختلفة، على غرار إحداث صندوق محمد السادس للاستثمار وتحسين حوكمة الشركات المملوكة للحكومة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، إضافة إلى دعم القطاع الخاص”.
وعلى المستوى الطاقي، لفت مركز التفكير نفسه إلى أن “المغرب يستورد حوالي 90 في المائة من إمداداته من الطاقة الهيدروكربونية”، موضحا أن “أولويات الانتقال الطاقي بالمغرب المحددة بموجب الخطط الوطنية ذات الصلة، تهدف إلى تنمية قطاع الطاقات المتجددة، حيث إن المغرب من أوائل الدول العربية التي اعتمدت الطاقة المتجددة”، إذ تبلغ نسبة مساهمة هذه الأخيرة في المزيج الكهربائي في المغرب أكثر من 38 في المائة، وهي أعلى نسبة بين الدول العربية.
وتسعى المملكة من خلال هذا دعم التوجه إلى ضمان أمنها الطاقي وتقليل تكاليف الاستيراد من خلال دمج مصادر الطاقة الخضراء في مشاريع الانتقال الطاقي، وأشار التقرير إلى أن “توفير البينية التحتية اللازمة سيمكن المغرب من إنتاج 1.2 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويا بحلول عام 2030 و2.7 مليون طن سنويا بحلول عام 2040″، مسجلا أن تحقيق هذا الهدف سيجعل المملكة دولة رائدة في سوق الهيدروجين الأخضر العالمية.
وبين أن “مفتاح التحولات في مجالات الطاقة المقاومة للمناخ هو إعطاء الأولوية للبيئة في التنمية الاقتصادية وفي خطط انتقال الطاقة واللوائح والسياسات ذات الصلة، حيث إن كلا من المغرب وعمان يدمجان البيئة ويعززان النمو الاقتصادي منخفض الكربون في تحولاتهما في مجال الطاقة وخططهما التنموية”، موردا أن “المغرب لديه أهداف خاصة بالبيئة في استراتيجيته الوطنية للتنمية المستدامة لعام 2030، حيث اقترحت الاستراتيجية أيضا خطة وطنية لمنع المخاطر المناخية والتصدي لها، بما في ذلك تعزيز التكنولوجيات المبتكرة، كما يؤكد النموذج التنموي الجديد على ضرورة الحد من مخاطر المناخ وخفض التكلفة الطاقية”، إذ يهدف المغرب في هذا الإطار إلى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 45.5 في المائة بحلول عام 2030.
ورصد “مركز كارنيغي الشرق الأوسط” أن “أحد الشواغل البيئية الرئيسية للمغرب هو متطلبات الأراضي الكبيرة لمصادر الطاقة المتجددة وطموحاتها الهيدروجينية، وهو اعتبار يمكن أن يؤثر على موارده الزراعية”، مشيرا في هذا الإطار إلى أن “المملكة واجهت بالفعل معارضة كبيرة وصراعات متعلقة بوصول الصناعات الاستخراجية إلى الأراضي في العديد من مشاريع الطاقة المتجددة مثل نور ورزازات وبعض المشاريع في الصحراء”.
وبين أنه “ليس من المستغرب أن تتفوق عمان والمغرب على معظم الدول العربية الأخرى في الجهود المتعلقة بالبيئة. ومع ذلك، بالنسبة للاعتبارات الاقتصادية، فإن بعض الأهداف البيئية غامضة وتتطلب مزيدا من التحديد لحماية البيئة وضمان تحولات الطاقة المقاومة للمناخ”، معتبرا أن “مشاريع التحول الطاقي الطموحة في البلدين يمكن أن تسهم في تحقيق أهداف طموحة بنفس القدر للحد من الانبعاثات، وإزالة الكربون محليا، وتحقيق الاستدامة الطاقية، غير أن تقييم الاتجاهات الحالية يفرز تحديات في قدرة كل بلد على تحقيق أهداف الانبعاثات الخاصة به”.
وخلص “مركز كارنيغي الشرق الأوسط” إلى أن “التحدي الرئيسي في جميع أنحاء العالم العربي هو انخفاض مستويات الاستثمار في إزالة الكربون وتقنيات الطاقة النظيفة، حيث كان الإنفاق على البحث والتطوير بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي في عام 2021 ضئيلا في عمان (0.3 في المائة) والمغرب (0.71 في المائة)”، مشيرا إلى أن “البلدين قاما بتحسين المناخ الاستثماري العام لجذب الشركاء في مشاريع الهيدروجين، وهي نقطة ستساعد في الحصول على التكنولوجيا، غير أنه من المرجح أن تتحدى الثغرات في التمويل والأنظمة الصناعية وأنظمة إزالة الكربون الأهداف الطموحة للانتقال الطاقي في هذين البلدين”.
المصدر: وكالات