في محاولة لتجاوز اختلالات النقل الحضري بأغلب مدن المغرب، وضعت وزارة الداخلية برنامجا أوليا لتزويد أكثر من 32 مدينة بأسطول إجمالي من حافلات النقل الحضري يبلغ 3500 حافلة بكلفة مالية تقدر بـ10 مليارات درهم للفترة ما بين 2024-2029.
تهم هذه الاستثمارات، وفق ما أكده عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، الاثنين بمجلس النواب، مكونات الأسطول ومراكز الصيانة ومخادع الحافلات ومواقفها وأنظمة التذاكر ومنظومة المساعدة على التدبير، مع فصل الاستثمار الذي تتكفل به وزارة الداخلية والجماعات الترابية والتسيير الذي سيُفوض لشركات الخواص.
ويرى عزيز الداودي، الكاتب العام الوطني للاتحاد النقابي للنقل الطرقي التابع للاتحاد المغربي للشغل، أنه “من الصعب تحقيق هذا البرنامج لأهدافه عبر فصل الاستثمار عن التسيير لاعتبارات عدة، أهمها أن هذه الشركات ستواصل جني الأرباح بفضل أسطول مقتنى من طرف مؤسسات الدولة مقابل تكفلها فقط بأداء أجور العمال والمستخدمين”، متسائلا في هذا السياق: “في هذه الحالة، ما الذي يمنع من أن يكون الاستثمار والتسيير معا من طرف مجموع الجماعات الترابية؟”.
أما الاعتبار الثاني، يضيف الداودي ضمن تصريح لهسبريس، فيتعلق بـ”إفلاس مجموعة من الجماعات الترابية، كجماعة وجدة على سبيل المثال، إذ كيف يمكن لها أن تساهم في اقتناء حافلات وهي ما زالت مدينة لدى المكتب الوطني للكهرباء وما زالت نفقتها ووظيفتها هي تأدية أجور الموظفين والموظفات”.
من جانب آخر، استحضر الفاعل النقابي ذاته “اختلالات الدراسات القبلية”، التي قال إنه “غالبا ما تتكفل بها مكاتب دراسات أجنبية تستخلص أتعابها بالعملة الصعبة وتطرح السؤال عن المسؤول عن عدم دقتها”، مشدداً على أن “اعتراف وزارة الداخلية بفشل التدبير المفوض في مرفق النقل الحضري يستوجب ربط المسؤولية بالمساءلة وترتيب الجزاءات القانونية عن الاختلالات التي شابت كنانيش التحملات وعدم التقيد بها من طرف الشركات المفوض لها تدبير النقل الحضري، التي غالبا ما تكون العروض التي تقدمت بها من أجل الفوز بالصفقة عروضا مبالغا فيها من ناحية حجم الاستثمار”.
وخلص الكاتب العام الوطني للاتحاد النقابي للنقل الطرقي، التابع للاتحاد المغربي للشغل، إلى أن إشكالية النقل الحضري “يجب أن تكون موضوع نقاش عمومي تشارك فيه كافة الأطراف من هيئات مدنية ونقابية مختصة، على أن يسن قانون يراعي خصوصية النقل الحضري في كل جهة، وبالتالي يرسخ للجهوية المتقدمة”.
من جانبه، ذكّر شكيب سبايبي، فاعل جمعوي عضو بفريق المعارضة بمجلس وجدة، بأن وزارة الداخلية تدعم سنوياً قطاع النقل الحضري بملايين الدراهم، “ما يشكّل عبئا كبيراً على ميزانية الدولة”، مضيفاً في حديث لهسبريس أن هذا الأمر “يستدعي مراجعة هذا الدعم والتأكد إنْ كان يحل فعلا إشكالات القطاع الذي يشكّل نقطة سوداء في أغلب المدن المغربية بفعل عدم احترام شركات التدبير المفوض لدفاتر التحملات”.
ونبّه سبايبي، في السياق ذاته، إلى ما وصفه بـ”غياب الصرامة والتتبع من طرف الجماعات الترابية لسير وتدبير هذا المرفق الذي يشكل عصبا حقيقيا في المعيش اليومي للمواطنين”، مقترحاً إنشاء شركات محلية لتدبير هذا الملف يكون فيها النصيب الأكبر للجماعات الترابية، ثم نصيب للخواص”.
المصدر: وكالات