مُعاناة مريرة ترزح تحت وطأتها فئة مهمة من المرضى المنتمين إلى الطبقة الاجتماعية الهشة، والذين كانوا مشمولين بنظام المساعدة الطبية “راميد”، قبل تحويلهم إلى نظام “أمو تضامن”، حيث وجدوا أنفسهم، بسبب تغير “المؤشر”، مطلوبين بالأداء مقابل العلاج، على الرغم من أن وضعيتهم المادية لا تسعفهم على ذلك، خاصة المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة يتطلب علاجها مصاريف باهظة، كالسرطان والقصور الكلوي.
وحسب المعطيات التي استقتها هسبريس من مصادر مهنية في قطاع الصحة العمومية، فإن مرضى القصور الكلوي الذين تغير المؤشر المتعلق بالحماية الاجتماعية بالنسبة لهم، وصاروا مطلوبين بالأداء مقابل الخدمات العلاجية التي يتلقونها في المستشفيات، يستفيدون من عملية تصفية الدم والتحاليل و”الراديو”؛ لكنْ تتم فوْترة العملية.
مصدر طبي من أحد مراكز تصفية الدم بالرباط أفاد، في تصريح لهسبريس، بأن “المرضى لَا يُطلب منهم الأداء حاليا، إلى أن تتم تسوية وضعيتهم؛ ولكن تتم فوترة جميع الخدمات الصحية التي يستفيدون منها، ما يَعني أن ما تتم فوْترته سيتراكم عليهم كدُيون، وغدا أو بعد غد يمكن أن يتم توقيف استفادتهم من الخدمات الصحية التي يتلقونها، إذا لم يؤدوا ما بذمتهم”.
وأشار المصدر ذاته إلى أن المستفيدين من نظام “أمو الشامل”، أي الفئة التي لها القدرة على أداء مساهمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يتولى هذا الأخير تحمل مصاريف علاجهم ولا يدفعون سوى الفارق؛ في حين أن المستفيدين من نظام المساعدة الطبية “راميد” سابقا، والذين تم نقلهم إلى نظام “أمو تضامن” والذين لم تتم تسوية وضعيتهم بسبب تغير “المؤشر”، لا يحظوْن بالتكفل حاليا ومُهددون بالحرمان من العلاج في أية لحظة.
هذا المعطى أكده مصدر طبي آخر في مركز لتصفية الدم بمدينة سلا، مُوردا أن المرضى الذين أصبحوا مُلزمين بالأداء بسبب تغير المؤشر المتعلق بالدعم الاجتماعي “يعانون منذ شهر يناير الماضي وما زال المشكل قائما إلى اليوم، ولا يستفيدون من تحمل تكاليف العلاج”.
وأضاف المصدر ذاته ان مراكز تصفية الدم تواصل تقديم خدماتها لهؤلاء المرضي؛ “لأنه لا يمكن أن نقطع عنهم “الدياليز” وهم في حالة صحية يُرثى لها ونتركهم يموتون أمامنا، خاصة أن منهم مَن يعاني من أمراض مزمنة أخرى كالسكري”، مضيفا أن الحصة الواحدة من عملية تصفية الدم “تكلف المريض 850 درهما، وكايْن (تقصد المرضى) اللي ما لاقِي تا ما ياكل”.
ووضعت الحكومة معيار عدم تجاوز مؤشر 9.32 كشرط للاستفادة من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض (أمو تضامن)؛ لكن عددا من الذين كان هذا الشرط متوفرا فيهم أصبحوا مُلزمين بالأداء مقابل الاستفادة من الخدمات الصحية، بعد ارتفاع المؤشر، لأسباب يرى الكثيرون أنها دقيقة.
المصادر الطبية التي تحدثت إلى هسبريس أفادت بأن المرضى الذين أصبحوا مُلزمين بالأداء يواجهون عائقا حتى بالنسبة للذين عبروا عن استعدادهم لدفع مستحقات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المترتبة عليهم من أجل ضمان استمرارية العلاج، بسبب عدم فتح التطبيق الإلكتروني الذي تتم من خلاله عملية الأداء، حيث يُواجهون بعبارة “Droits fermés”.
وإذا كان مرضى القصور الكلوي “محظوظين” بتمكينهم من تصفية الدم، رغم فقدانهم للتحمل، فإن مرضى السرطان يوجدون في وضعية حرجة؛ “لأنهم عندما يذهبون لاقتناء الأدوية، وهي باهظة، يجدون أنفسهم وجها لوجه مع الصيدلية، وفي غياب توفرهم على التحمل يتعين عليهم أن يؤدوا ثمن الدواء”، أوضح المصدر ذاته.
المصدر: وكالات