قال الأديب والأكاديمي المغربي مصطفى يعلى إن الظنّ الشائع بأن القصّة القصيرة والأقصوصة مجرّد محطة انتقال لكتابة الرواية يتغذّى من “نوع من الخلل النظري في فهم طبيعة الجنسين معا، وأنه رغم علاقتهما في الانتماء إلى أسرة السرد، فإن لكل منهما مقوماته وعناصره”.
جاء هذا التصريح خلال لقاء بالدورة التاسعة والعشرين منالمعرض الدولي للنشر والكتاب، قدّمت فيه الأعمال القصصية الكاملة ليعلى الصادرة عن منشورات باب الحكمة بعنوان “خمسة وخميسة: خمس مجموعات قصصية”.
وأضاف الأديب في حفل التقديم: “نظرية القصة مستقلة ومختلفة عن نظرية الرواية، والأديب الأمريكي اللاتيني كورتاثار سبق أن قال إنه أحس بالغربة في أوروبا لأن الشكل المهيمن فيها هو الرواية”.
وزاد: “تبقى القصة شكلا أدبيا مستقلا، بدليل أن كثيرين اقتصروا على الإبداع فيها، ومنهم بورخيص”، وفسّر الأفكار المغلوطة حولها بـ”دعاية لزمن الرواية كان منطلقها (في العالم العربي) المرحوم جابر عصفور في ‘مجلة فصول’ (…) والدعاية والإعلام يلعبان دورا في هذا”، وأضاف متفاعلا مع الجمهور: “الجوائز ميّعت الساحة الأدبية، للأسف الشديد”.
وفسّر يعلى حضور الموروث الشعبي في قصصه بقول: “الجانب الشعبي والمحلي تلقائي في معالجة النص الأدبي؛ والجوانب الإبداعية للقصة توجّه لذلك الجانب، ومشهد الحي الشعبي تؤثر فيه التجربة الشعبية. أما عند الكتابة في حي الرياض (حي راق بالعاصمة الرباط) لا أذكر شيئا من الشعبية فهو عالم آخر”.
الناقد الأكاديمي عبد العالي بوطيب ذكر، من جهته، أن صدور المجموعات القصصية الخمس ليعلى في كتاب واحد “يضيف للخزانة الثقافية والأدبية الشيء الكثير”.
وتابع بوطيب: “يتحقق معها إمتاع قراءة عمل اكتشفت فيه وجها آخر غير الوجه الإنساني والعلمي الذي تقاسمناه لسنين طويلة مع مصطفى يعلى، هو الوجه الإبداعي، لهذا الكاتب الذي يعمل بصمت وبدون بهرجة، ويفضل أن يتكلم العمل عن نفسه بدل أن يتكلم عن سيرته وعطائه”.
وواصل: “الباحث الحقيقي لا يتقاعد، ويعلى من هذه الطينة؛ فقد فتح له التقاعد الباب على مصراعيه لممارسة عشقه الأول الإبداع والبحث، على نار هادئة، فيمتع ويستمتع (…) بل إن الفائدة في هذا النوع من الإبداع ستكون أعم وأشمل، ففي الكلية تدرس بضعة أفواج، ولكن نشر عمل أو إبداع أو دراسة يمكّن ملامسة عقول العديد من الناس (…) وهو ممن يمارسون الاستمرارية في التدريس غير المباشر”.
وتتميّز المجموعات القصصية ليعلى، حسب المتدخل، بمحليتها، والاهتمام الكبير بالوصف، الذي تتجسّد معه المشاهد، في بعد سينمائي للكتابة، كما يشتغل الكاتب بالبعد التراثي، قبل أن يختم بقول: “نتمنى أن تبقى هذه الأعمال ‘الكاملة’ ناقصة، وتكتمل بعد عمر مديد”.
يذكر أن من بين ما كشفته مداخلات هذا اللقاء المقدّم لكتابات مصطفى يعلى القصصية تشكيله مع أربعة من الكتّاب، قبل سنوات عديدة، مجموعة تساهم شهريا بمبلغ مالي، يُؤتمَن عليه، وتجتمع في الخميس الأول من كل شهر لمناقشة تطوّر كتاباتها، ثم “طبع المكتمل منها عبر المبالغ المجموعة؛ حتى يتيسّر لها النشر بشكل مريح”.
المصدر: وكالات