حرص -يرحمه الله- خلال مسيرته الطويلة والحافلة بالتميز على أن تكون الأجواء داخل جريدة الرياض أجواء متميزة وأخوية، لذلك كان شديد الالتصاق والتواصل مع المحررين قبل القياديين يشاركهم أفراحهم، ويواسيهم في أحزانهم. كان (أبو عبدالله) حازماً مع من يخطئ حين يعاقبه على ما ارتكبه، وأحياناً يكون العقاب كبيراً لكننا كنا نعلم جميعاً أنه سرعان ما سيعوض المعاقب عما عوقب به حين يؤدي عملاً جيداً ومميزاً فيكافئه مكافأة ممتازة. تركي السديري لم يقفل باب مكتبه مطلقاً، تجده يتجول بين المكاتب ووسط المحررين، ولم يكن بينه وبينهم حاجز أو عائق، ولم يحصل في يوم من الأيام أن قام من يعملون في مكتبه بمنع أحد من لقائه أو التحدث معه.
في ذاكرتي العديد من المواقف الإنسانية التي قد لا أملك الحق في التحدث عنها ليقيني التام بأن أبا عبدالله لم يكن يرغب بكشفها لتكون خبيئة بينه وبين الله. مواقفُ إنسانية نبيلة جعلت من تركي السديري نموذجاً نادراً ومتميزاً. وأنموذجاً للعمل الناجح.
وبالتأكيد سيبقى في ذاكرة التاريخ بوصفه رمزاً مهماً من رموز الإعلام السعودي استطاع بتوليفة بسيطة أن يصنع مجداً إعلامياً حقيقياً وإرثاً ثقافياً سيبقى في ذاكرة ووعي الوطن، ويكفي أنه نقل الصحافة من محليتها الضيقة إلى القدرة على المنافسة والتفوق عربياً.
ومع مرور سبع سنوات على رحيله يبقى الملهم والمعلم تركي السديري في قلوبنا للأبد، وما تعلمناه منه من قيم وأخلاقيات إنسانية سيبقى في ذاكرتنا دائماً.