عاد الكاتب والأديب المغربي الفرنسي الطاهر بن جلون ليثير الجدل مجددا، بمواقفه حول “المقاومة” الفلسطينية التي تتزعمها حركة “حماس”؛ فقد اعتبر، في تصريح له على هامش تقديمه لأحدث مؤلفاته أمس الجمعة ضمن فعاليات الدورة الـ29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب المُقامة بالرباط، أن “حماس تهاجم إسرائيل بدون تفكير”، قائلا إن هذه الحركة الفلسطينية ضحت بالفلسطينيين، وهو ما أسفر عن فقدان عائلات بأكماها، واصفا هذا الأمر بـ”الغباء”.
وعلى الرغم من أن بن جلون أكد أن ما يقع في غزة هو “جريمة ضد الإنسانية وتنفذ من طرف مجرمي حرب ومن طرف إسرائيليين لا يريدون السلام”، فإن تصريحاته حول “حركة المقاومة الإسلامية” (حماس) جرّت على الرجل انتقادات مماثلة لتلك التي تلقاها إثر نشره لمقال على إحدى المجلات الفرنسية، تزامنا مع بدء الحرب بين تل أبيب والفصائل الفلسطينية، منتقدا حينها ما وصفه بـ”وحشية حماس ضد المدنيين الإسرائيليين خاصة الأطفال والنساء”.
المقاومة والاستعمار
يبدو أن وصف حماس بـ”الغباء” لا يتفق معه أوس الرمال، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، الذي علّق على الموضوع بالقول إن “الغبي هو الذي يظن أن القضية الفلسطينية بدأت في 07 أكتوبر بعد طوفان الأقصى، وهو الذي يعتبر أن الشعب الفلسطيني منذ نكبة 1948 يعيش حياة هانية، وأنه كان عليه أن يستمر في تحمل الهوان والذل الذي فُرض عليه من طرف المحتل الصهيوني والمنتظم الدولي الذي يدعمه؛ بل إن الغبي هو الذي عِوض أن يتجرأ على الجلاد ويعمل على إيقافه عند حده؛ عِوض ذلك يلوم المجلود لأنه حاول أن يُفلت من قبضة جلاده”.
وأضاف الرمال، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الغبي أيضا هو الذي حينما يرى القنوات التي منعت وقاطعت كل المفكرين النزهاء الشرفاء الحقيقيين؛ حين يراها تسلط عليه أضواءها وكاميراتها؛ يُصدق الكذبة ويحسب أنه على شيء”.
وأوضح المتحدث أن “حماس التي بعد 75 عاما من الإبادة من طرف أقوى وأعتى جيوش العالم؛ جيوش تعلمت في مدارسها منذ الصغر أن الفلسطينيين ليسوا بشرا، وأن اليهود شعب بدون أرض جاء واستوطن في أرض بدون شعب، وأن هذه المخلوقات “الفلسطينيون” كلّما تم قتل أو طرد أو تهجير عدد منهم كلّما كان ذلك أحسن للعالم، وحماس التي بعد أزيد من سبعة عقود من الإعدامات المباشرة الجماعية والاغتيالات لقادة المقاومة بحكم أو بدون حكم، والتي يراد لها اليوم أن تُتوج بالمحو النّهائي للشعب الفلسطيني كاملا من التّاريخ ومن الجغرافيا؛ إلا أنها تمكنت في اللحظة الأخيرة قبل محو وطنها وهوّيتها من التّاريخ والجغرافيا من رفع رأسها ورأس الفلسطينيين عاليا في وجه العالم كلّه الذي تآمر عليها وباع أرضها”.
وتساءل رئيس حركة التوحيد والإصلاح: “كيف أن توصف حماس بالغباء؟”، قبل أن يستطرد قائلا: “والله إن رأس الغباء هو الذي يتقلّب في أنواع النّعم يمينا وشمالا، ثم يصف مقاومة وُلِدت تحت الاستعمار ورزحت طوال حياتها تحت الاستعمار بهكذا وصف”.
عطاء وخدمة كبيرة
تفاعلا مع الموضوع قال عبد القادر العلمي، منسق مجموعة العمل من أجل فلسطين، إن “هذا الكلام شبيه بذلك الذي تروج له بعض الجهات والمنابر التي تتبنى مواقف معروفة من المقاومة الفلسطينية، حيث إن هذا الخطاب هو نفسه الذي تتبناها السلطة الفلسطينية”، مشددا على أن “حركة حماس هي حركة مقاوم تُقاوم بلدا احتل أرض شعبها على غرار مقاومة جميع الشعوب التي سبق أن تعرضت للاستعمار والاحتلال وواجهته بجميع الوسائل بما في ذلك السلاح”.
وأضاف العلمي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “تبني توجه أو نظرة غير ذلك تجاه هذه الحركة الفلسطينية لا يصح أبدا ولا يتبناه إلا الذين ما زالوا يؤمنون بإمكانية إحقاق السلام من خلال التعاون مع إسرائيل ومن ضمنهم دائما السلطة الفلسطينية”، مسجلا في الوقت ذاته أن “هذا الطرح أثبت التاريخ فشله بعد فشل اتفاقيات أسلو التي لم تنُهِ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإنما أعطته الوقت لكي يتوسع ويتمادى في سياسته الاستيطانية التوسعية”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “ما قامت به حركة حماس هو عطاء وخدمة كبيرة للقضية الفلسطينية التي أعيد إحياؤها والعالم كله يغلي اليوم دفاعا عن هذه القضية، ولا أدل على ذلك التصويت الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة وبغالبية كبرى على قرار يوصي مجلس الأمن الدولي باعتماد عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة”، لافتا إلى أن “هذا الأمر هو انتصار حققته حماس بمقاومتها، وهذه الأخيرة من الطبيعي أن تُخلف ضحايا لأننا أمام عدو ليس سهلا ومدعوم سياسا وعسكريا من طرف الغرب؛ ولكن رغم كل ذلك لم يستطع هذا العدو أن يكسر شوكة المقاومة وتحقيق هدفه المعلن بالقضاء على حماس”.
المصدر: وكالات