عشية اجتماع المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، غدا السبت، تبدو أزمة القيادة في هذا الحزب الخارج لتوه من مؤتمر صعب في فبراير الفائت، مثيرة للتساؤلات أكثر فأكثر.
فاطمة الزهراء المنصوري، المنسقة الوطنية للقيادة الجماعية التي أطلت برؤوسها فجأة في المؤتمر الخامس، باعتبارها مخرجا للمشكلة المعقدة المتعلقة بالأمين العام، تمثل مركز هذه الأزمة. الأربعاء الفائت، عقد اجتماع المكتب السياسي المصغر كما كان مبرمجا. لكن، بشكل مفاجئ، شاركت المنصوري عن بعد في هذا الاجتماع الذي دعت إليه بعد فترة توقف طويل، وفق بلاغ للحزب. هذه سابقة في الحزب حيث يقود رئيس لهذا الحزب اجتماعا عن بعد دون تفسير سبب ذلك.
تتجدد الأسئلة المرتبطة بالمنصوري رغم محاولة القيادة الجماعية الظهور بشكل منتظم، الأسبوع الفائت، ردا على الطريقة التي طُرحت بها المشكلة.
هذا الأسبوع، ستغيب المنصوري عن أكثر المواعيد أهمية في جدول الأعمال، سواء بالنسبة إليها كزعيمة جديدة لحزب هو الثاني في البلاد، أو بصفتها وزيرة في الحكومة. فأمس الأربعاء، لم تشارك المنصوري في جلسة مناقشة الحصيلة النصفية للحكومة، بمجلس النواب، حيث أجاب رئيسها عزيز أخنوش عن الانتقادات التي كيلت إلى حكومته.
مشاركة الوزراء في هذه الجلسات تنطوي على أهمية معنوية، ما لم يقف عائق في وجه ذلك.
والخميس، لم تشارك هذه السيدة في اجتماع المجلس الحكومي. وفي اليوم نفسه، تعين على أخنوش أن يعود إلى مجلس المستشارين للجواب عن أسئلة أعضائه حول حصيلته المرحلية. لم تكن المنصوري موجودة.
محيطها يقدم معلومات متضاربة حول ما يحدث: بين من يقول إن هذه « السيدة الحديدية » غادرت البلاد في مهمة رسمية غير معلنة، وبين من يشدد على وجودها في البلاد خلال هذه الفترة. ما هو مؤكد لنا هو أن المنسقة الوطنية للحزب لم تكن سوى في بيتها بمراكش، وفي حالة صحية جيدة.
يطرح غياب المسؤولين الحكوميين البارزين عن مثل هذه المواعيد، بعض التساؤلات عن الخلفيات. فالوزيرة المنصوري غابت أيضا عن موعد عرض رئيس الحكومة لحصيلته المرحلية في 24 أبريل في البرلمان.
بدأت أسئلة الغياب هذه تمثل مشكلة بالنسبة للحلفاء السياسيين لحزب الأصالة والمعاصرة، أكثر مما يحدث داخل الحزب نفسه. ليست هناك معلومات كافية حول الاستنتاجات التي يصل إليها حليفها الرئيسي، التجمع الوطني للأحرار، إلا أن مؤشرات توحي بوجود تململ.
يتحول اجتماع المجلس الوطني إلى فرصة لهذه القيادة لتبديد التساؤلات. رغم أن الحزب لا يعيش أي أزمة ظاهرة، لكن القلق يتسع حول قدرة الحزب على إنعاش قوته بعد مؤتمر صعب. يؤكد محيط المنصوري مشاركتها في اجتماع المجلس الوطني، لكن آخرين مترددون في الجزم بذلك.
في المجلس الوطني، ستقدم وفق ما هو مقرر، قائمة تكملة أعضاء المكتب السياسي. كان يُؤمل أن تكون المناقشات في اجتماع المكتب السياسي المصغر، الأربعاء الفائت، حاسمة في تحديد ملامح أعضاء المكتب السياسي كما ستعرض على اجتماع المجلس الوطني. على خلاف ذلك، مازالت بعض الترتيبات غير مكتملة.
ماذا سيحل بالعربي المحرشي على سبيل المثال؟ فهذا الرجل، المثير للجدل، يرغب في هذه المرحلة، في استعادة نفوذه في الحزب بتولي رئاسة الهيئة الوطنية لمنتخبي الحزب. قبل 2020، شكل هذا المنصب منصة لتنامي سلطة المحرشي، لكن سرعان ما تلاشت مع سيطرة « تيار المستقبل » على الحزب في فبراير 2020.
مشكلة ثانية تتعلق بمحمد الحموتي، الرجل القوي الذي يريد أن يستمر في بسط نفوذه باعتباره رجل الكواليس، من خلال رئاسة اللجنة الوطنية للانتخابات. يشعر الحموتي بالقوة بالنظر إلى نتائج ماضيه في إدارة العمليات الانتخابية التي كان قد كلف بها في سياق قيادته لتلك اللجنة. مع ذلك، فإن القيادة الجديدة ترغب في تقليص نفوذه هذه المرة. لا يريد هذا الرجل الذي واجه متاعب كبيرة في الريف، أن يصبح عضوا عاديا في المكتب السياسي. من دون اللجنة الوطنية للانتخابات سيكون مثيرا للدهشة توقع رؤيته بين القادة المستقبليين لهذا الحزب.
لم يشر البلاغ الصادر عقب هذا الاجتماع إلى وجود أي من المناقشات المرتبطة بتكملة المكتب السياسي.
تواجه القيادة الجماعية الكثير من الانتقادات حول إدارتها للحزب منذ فبراير. وقد تحول قيامها بالإعلان عن عقدها اجتماعا بمقر الحزب تحضيرا للمجلس الوطني، مع رئيسته نجوى كوكوس، إلى مصدر للجدل بعدما تبين في وقت لاحق، بأن هذا الاجتماع لم يُعقد.
المصدر: وكالات