داهمت الشرطة، الأربعاء، منزلا كان يقيم فيه أنس اليملاحي، نائب رئيس جماعة تطوان، وهو أيضا أستاذ جامعي بكلية الآداب في مارتيل، تنفيذا لأمر تفتيش صادر عن النيابة العامة بهذه الدائرة القضائية، في مسعى إلى جمع أدلة إضافية ضد هذا المسؤول السياسي البارز في منطقة تطوان، على خلفية فضيحة الوساطة في نيل وظائف بوزارة العدل مقابل مبالغ من المال.
اليملاحي عمل في ديوان وزير العدل السابق، محمد بنعبد القادر (2019-2021)، ويشتبه في كونه عمل خلال هذه الفترة، على تقديم وعود لفائدة عدة أشخاص من أجل نيل وظائف في هذه الوزارة مقابل رشاوى تناهز 30 مليونا في بعض الحالات.
كشف الرئيس السابق لجماعة الجبهة (إقليم شفشاون)، المعتصم أمغوز عن هذه الفضيحة، في شكوى قدمها إلى السلطات الشهر الفائت، حيث روى كيف سلم المشتبه فيه 30 مليونا مقابل حصول زوجته على وظيفة منتدب قضائي في وزارة العدل. لم يف المعني بوعده، وماطل ضحيته أزيد من سنتين.
ظل اليملاحي ينفي هذه التهم في تغريدات على حسابه في الشبكات الاجتماعية، متمسكا ببراءته، لكنه أخفق في الاستجابة لاستدعاء الشرطة حيث كان بإمكانه أن يدلي بإفادته.
ستحيل الشرطة قضية هذا المسؤول السياسي البارز غدا الخميس، على النيابة العامة المختصة، وفق ما هو منتظر. في غضون ذلك، يقود أفراد حملة لجمع تبرعات هدفها تسوية بعض القضايا المرتبطة بالديون العالقة بذمة المعني سعيا إلى إخراجه من هذه الورطة. كذلك، يأمل هؤلاء في أن يمثل تنازل قدمه ضحيته الأبرز، أمغوز، وسيلة لحلحلة ملفه. تشير مصادر مقربة من التحقيق إلى أن التنازل المذكور « قد لا يشكل وجوده سوى تأثير ضئيل على الإجراءات المتخدة ».
يلاحق اليملاحي الذي كان مسؤولا في حزبه، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قبل أن يقرر تجميد عضويته إثر هذه الفضيحة، بمشاكل إضافية. فالرجل، الذي كان منسقا لهيئة المنتخبين الاتحاديين في منطقته، وعضوا بالكتابة الإقليمية لحزبه، كان يسلم شيكات إلى بعض الأشخاص الذين كان يعدهم بوظائف بعدما تبين زيفه. كل تلك الشيكات كانت بدون رصيد، وكان يحررها ربحا للوقت فحسب، وفق معلومات حصل عليها « اليوم 24 ».
بعض تلك الشيكات لم تكن مرتبطة بقضية الوظيفة مقابل المال، مثل تلك المتعلقة بشيكات سلمها إلى معد حفلات محلي كان قد تكلف بمصاريف زفافه، البالغة حوالي 60 مليونا. فشل اليملاحي في إعادة أغلب هذا المال لصاحبه.
كذلك، يواجه اليملاحي قضية أخرى تتعلق بتنفيذ الإكراه البدني في حقه جراء عدم تسديده حوالي 55 ألف درهم كواجبات كراء منزل كان يقيم به، صدر في حقه حكم بإفراغه بسبب تماطله في الأداء.
يشار إلى أن اليملاحي غادر البلاد متجها إلى إسبانيا من معبر باب سبتة الحدودي. لكنه عاد الثلاثاء في طائرة هبطت بمطار العاصمة الرباط حيث وجد الشرطة في انتظاره. في تلك الفترة، كانت الشرطة تحاول الوصول إليه، حيث كان مقررا استجوابه في قضية التوظيفات المزعومة.
أيضا، وعندما سُئل من لدن صحفي « اليوم 24 » عن مغادرته البلاد، نفى اليملاحي فعل ذلك بشكل قاطع، مدعيا وجوده في تطوان. لم يكن ذلك صحيحا البتة.
وكيفما كانت مآلات هذه القضايا على صعيد محاكم تطوان، فإن اليملاحي قد يجد نفسه في مواجهة مسطرة أكثر تعقيدا بمحكمة الاستئناف بالرباط، حيث كان يعمل بالعاصمة خلال فترة 2019-2021، مستشارا في وزارة العدل، ويشتبه في كونه أرسى هنالك نظاما للتوظيف مقابل المال.
وعدا القضايا التي وجدت طريقها إلى الإجراءات القضائية، يعاني اليملاحي من مشاكل في مساره الوظيفي أيضا. فتعيينه أستاذا جامعيا في كلية الآداب في تطوان أثار جدلا واسعا بعدما اعتُبرت المباراة التي كانت طريقه لنيل الوظيفة، « مُصممة على مقاسه ». كذلك، تلقى اليملاحي ضربة موجعة عندما كال إليه أستاذ بارز في تطوان يدعى عبد العزيز الطريبق، اتهامات بسرقة أبحاثه، وإدراجها في أطروحة نال بها درجة الدكتوراه التي أهلته لنيل الوظيفة لاحقا.
حظي اليملاحي في كل هذه الاتهامات بدعم من الكلية حيث يعمل. الصلات بين عميدها وحزب الاتحاد الاشتراكي ليست سرا.
المصدر: وكالات