فى الثلاثين من يوليو سنة 1959، رحل «حبيب» والد الجراح العالمى مجدى يعقوب، وقبل هذا العام بسنوات راودته فكرة السفر إلى أوروبا، خاصة عقب زيارته، قبل التخرج، كلاً من السويد والدانمارك، ولقائه جراح القلب البروفيسور كليرنس كرافورد فى معهد كارولينسكا على مقربة من استكهولوم، والبروفيسور إريك هاسفلت فى كوبنهاجن، وبدأ «يعقوب» يتابع عمل هذين الجراحين الكبيرين، وأعرب لأبيه عن رغبته فى السفر، إلا أن والده قاوم الفكرة، وقال له وقتها: «أمامك فى جامعتنا مستقبل مشرق، ولماذا تترك الأسرة؟».
وحسب كتاب «مذكرات مجدى يعقوب»: «بعد وفاة والده، واصل الشاب النابه استعداداته للرحيل إلى بريطانيا، خلافاً لرغبة أبيه الراحل، وهو يصر على أن قراره ذلك، خلافاً للاعتقاد الشائع، لم يكن ناجماً عن كونه مسيحياً قبطياً». ويقول «مجدى»: «تشيع قصة بأننى رحلت فى ضيق بسبب كونى قبطياً، وذلك ببساطة غير صحيح. إنما رحلت لأسباب إيجابية، رحلت بحثاً عن فرص فى العلم والطب السريرى، وبرغبة فى أن أخدم الناس فى شتى أرجاء العالم».
خالف رغبة والده بعدم الرحيل وسافر إلى بريطانيا فى عام 1961 وتدرب على يد أحد أهم جراحى القلب بالعالم
وفى أقل من عامين، وتحديداً فى أواخر مايو من سنة 1961 استقل مجدى يعقوب القطار من محطة رمسيس، ومنها إلى الإسكندرية، مستقلاً سفينة إلى مارسيليا قاصداً لندن.
«وفى الخامسة والعشرين من العمر كانت لدى مجدى بالفعل رؤية لمستقبله، وإن كانت منقوصة، فقد كان يريد أن يخدم مجتمعاً، وسوف تتجلى تلك الرغبة، سواء فى بريطانيا أو فى مصر، من خلال توفير خدمات رعاية القلب فى قرية هيرفيلد المعزولة، أو فى مدينة أسوان النائية».
وقال «يعقوب» عن سر النجاح فى الحياة عموماً: إن «التركيز هو المفتاح. فإياك أن تفقد التركيز.. ولا تحد عينيك عما أنت راغب فى تحقيقه.. وتعريفى الخاص للنجاح هو أن تحاول أن تعثر بدقة على ما تريده من حياتك، ثم تشرع فى تحقيقه بدأب وجلد».
كان «يعقوب» فى ذلك اليوم رسم طريقه بالفعل، وشرع فى التنفيذ: «وهو يعرف أهدافه ويراها بوضوح، لقد كان يريد أن يتدرّب على يد راسل بروك، أحد أهم جراحى القلب فى العالم».
وبعد وصوله إلى بريطانيا فى أواخر عام 1961، خطا «يعقوب» خطوة غير معهودة، إذ تقدم لامتحانات ثلاث زمالات دفعة واحدة: «زمالة كلية الجراحين الملكية فى أدنبرة، وقد اجتاز بالفعل الجزء الأول، وزمالة كلية الأطباء والجراحين الملكية فى جلاسكو، وزمالة كلية جراحى إنجلترا الملكية».